لربما من الغريب بأن ترى مقالًا يتحدث عن إدمان ألعاب الفيديو على موقع مخصص لألعاب الفيديو، إلا أن التمييز ما بين حب الألعاب والإدمان عليها أمر ضروري هنا فنحن لا نتحدث عن ممارسة ألعابك المفضلة لبضعة ساعات أسبوعيًا، وإنما حينما يخرج الأمر عن السيطرة لتتأثر جميع الجوانب الأخرى في حياتك من إدمان غير صحي قد يتسبب بمشاكل عدة لا حصر لها.
صنفت منظمة الصحة العالمية “WHO” إدمان ألعاب الفيديو في 2018 كأحد الأمراض الذهنية التي تصيب الشخص، حيث تمت مقارنتها بإدمان المراهنات وغيرها من النشاطات التي تؤدي إلى تخريب حياة الشخص المدمن عليها. بالرغم من أننا لا نتفق كليًا مع تلك المقارنة، إلا أن إدمان ألعاب الفيديو أمر حقيقي وقد رأيناه مرارًا وتكرارًا حولنا ومع شخصيات مشهورة عبر الإنترنت، لذا من الضروري بأن تتخذ الخطوات اللازمة لتفادي هذا الأمر.
جمعنا لكم خمسة نصائح يمكنكم تطبيقها بدءًا من اليوم وذلك للتأكد من اللعب باعتدال والموازنة ما بين العالم الافتراضي والواقع الحقيقي، وهي كالتالي:
ضع لنفسك حدودًا خاصة باللعب
من السهل جدًا بأن تُمضي 8 ساعات متواصلة على لعبة مثل Resident Evil 4 Remake على سبيل المثال (وللأمانة، فهي لعبة ممتعة حقًا) لكن ذلك قد لا يكون الأمر الأمثل خاصة في مراحل الدراسة أو العمل، فتَجَاهُل الواجبات المختلفة هو طريق مُدمر لن تدري بعواقبه قبل فوات الأوان.
للحد من ذلك، يتطلب الأمر منك بعض التحكم بالنفس عن طريق وضع قوانين وقواعد معينة للتوقف عن اللعب في حالات معينة، كقيامك بتحديد عدد محدد من المهام قبل إغلاق اللعبة (إنهاء 5 مهمات جانبية في Witcher 3) أو عبر تحديد زمن معين (لا أكثر من 3 ساعات يوميًا).
للتأكد من التزامك بتلك القيود يُمكنك الاستعانة بالمنبه الخاص بهاتفك الذكي، أو استخدام بعض برامج الحاسب الشخصي مثل “Qustodio” الذي يسمح لك بتحديد الزمن الخاص قبل إقفال اللعبة على جهازك، أو تطبيق “SPACE” عبر الهواتف الذكية.
اطلب المساعدة من عائلتك وأصدقائك
لا تخجل من طلب المساعدة حينما تحتاجها، فمن المؤكد بأن عائلتك ومحيطك من الأشخاص الذين يحبونك لا يرغبون برؤية فشلك على حساب إدمان ألعاب الفيديو، لذا ننصحك بالنقاش المنطقي والبناء معهم لشرح الموضوع وإخبارهم بأن ألعاب الفيديو بحد ذاتها ليست مضرة، لكنك بحاجة لبعض القيود حتى تتأكد من عدم إضاعتك للكثير من الوقت أمام أجهزتك.
يُمكنك الطلب من صديق لك اللعب سوية كل يوم، حيث سيشكل ذلك دافعًا إضافيًا للتوقف عن اللعب حينما يقوم بتسجيل خروجه من لعبتكم المفضلة، أو ربما تحديد موعد مخصص لدراستكم وإنجاز أعمالكم سويًة مما يعني توقفك عن اللعب لإنجاز تلك المهام.
مارِس التمارين الجسدية وحافظ على صحتك
هناك الكثير من الفوائد المختلفة للتمرينات الجسدية، فإلى جانب قيامها برفع مستوى اللياقة والحفاظ على صحة الأعضاء الداخلية وأهمها القلب والرئتين، فهي أيضًا طريقة مثالية لإشغال الوقت وصرف الطاقة اليومية لديك إلى جانب تحسينها لمظهرك العام وإفرازها للهرمونات المفيدة في تحسين مزاجك.
اشتُهرت مقولة “Go Touch Grass/ اذهب والمس العشب” ضمن أوساط لاعبي الفيديو، وبالرغم من فكاهة تلك العبارة المستخدمة، إلا أننا حقًا ننصحك بالخروج إلى الهواء الطلق والتمرن بالإضافة إلى التعرف على أشخاص آخرين في مجتمعك الخاص.
بما أن العقل السليم في الجسد السليم، فننصحك بالإضافة إلى التمارين أن تعتني بجوانب الصحة الأخرى كالنوم المتواصل لمدة لا تقل عن 7 ساعات والتأكد من الابتعاد عن المأكولات غير الصحية والمليئة بالمكونات الضارة التي تؤثر على كيميائية دماغك، مما يزيد الطين بلة في حال كنت ترغب بالتخلص من أي نوع كان من الإدمان.
اجعل ألعاب الفيديو مكافأة لإنجازاتك
من أكثر الطرق الفعالة للسيطرة على إدمان ألعاب الفيديو هي بجعلها جائزة تسعى لها عوضًا عن أولوية لا غنى عنها، فمن خلال تأجيل جلسات اللعب خاصتك إلى وقت لاحق من اليوم سيفسح ذلك لك مجالًا لإنجاز مهامك وواجباتك أولًا لتأتي الألعاب كجائزة على عملك الشاق مما يجعلها نشاطًا أكثر إمتاعًا وجاذبية.
قم بوضع جدول لأعمالك اليومية كالذهاب للمدرسة أو العمل ثم العودة وأخذ قسط من الراحة وبعدها إنجاز الواجبات اليومية ومن ثم اللعب لمدة ساعتين أو ثلاثة قبل النوم، وستجد بأن حياتك قد أصبحت أكثر تنظيمًا دون أن تقوم بإهمال أي ناحية منها.
عالج الأسباب التي أدت إلى الإدمان
قد لا يأتي إدمان ألعاب الفيديو (أو أي نوع آخر من الإدمان) نتيجة لمسبب مباشر، وإنما في كثير من الأحيان يعود الأمر لدوافع خارجية غير متعلقة تدفع الشخص للهروب من تلك المسببات عن طريق الانخراط في السلوك الإدماني للهرب منها.
بعض تلك الدوافع قد تكون ذهنية، كحالات الاكتئاب المزمنة أو المشاكل النفسية، وبعضها قد ينتج بسبب ضغوط حياتية مختلفة قد تلجأ للعوالم الافتراضية للهرب من التعامل معها.
من الضروري بأن تقوم بمعالجة المُسبب أولًا قبل أن تُجرب أية حلول أخرى، ولا تخشى التواصل مع الأطباء المحترفين أو المعالجين النفسيين للوصول لجذر المشكلة. فقط تذكر بأن اليوتيوبر الأشهر “بندريتا” قد عانى من مشاكل الاكتئاب في السابق، وقد وجد الراحة في التحدث مع الأطباء الذين أرشدوه إلى الطرق المثلى للعلاج.
نتمنى بأن تكون تلك النصائح مفيدة لك في طريقك للتخلص (أو في الوقاية) من إدمان ألعاب الفيديو، فهذا العالم الافتراضي الجميل يحمل الكثير من الفوائد عند الانغماس فيه باعتدال لذا تأكد من سيطرتك عليه وعامله كمجال للتسلية بعد يوم شاق من الإنجازات الحياتية!