أساسنز كريد الجديدة لن تمر عليك كـ”السراب” عند أقل تعبير، مع أنها ليست إضافة ثورية تعج بالصفات الرائعة أو غنية الأجواء الأسطورية إلا أنها ستكون وجبة “أساسنز” شهية بلا شك.
استطعنا تجربة اللعبة لمدة لا تقل عن 3 ساعات وأخذت شركة Ubisoft في رحلة – نشكرها عليها – للتعرف على باسم بطل اللعبة وتصميم العراق في أجوائها، وثلاث من المهام الرئيسية الأولية في اللعبة.
من هو باسم حقًا؟
نعم هو نفسه الذي نعرفه من قصص الجزء السابق Valhalla ، ولكن هذه اللعبة تأخذنا نحو بداية الشخصية وقصتها الحقيقية قبل أن تصبح ما أمست عليه في العنوان سابق الذكر.
لم نتمكن من معرفة ما إن كانت اللعبة الجديدة سوف تمس بفكرة القوى الخارقة وما قد يتمكن باسم من فعله، إلا أننا حصلنا على نظرة جميلة على نشأة البطل.
باسم لص سريع البديهة ومرن الحركة، يعيش حياته غنيًا بموهبة الفطنة، وفقيرًا يجمع لقمة العيش من هنا وهناك.. ومن جيب ذلك وذاك، ولكنه ليس لصًا يفتن الشوارع برهبه، بل ينتمي إلى حضن الشوارع الفقيرة التي تستقبله دائمًا بحنانها وبراءة أطفالها، وليلاً ينتظره شبحًا من الجن يطارد أحلامه يحذره من مستقبل قد يغير واقعه. تلك كانت لمحة من حياة باسم تنبهك إلى أنه ليس إنسانًا سيئًا أو شريرًا حتى ولو حملَ على ظهره ذنوب “الجوع كافر”.
اعتقد بعد Valhalla و Odyssey، حصلت أخيرًا -برأيي الشخصي- على تركيبة مقنعة وتستطيع الاهتمام بها لشخصية رائدة في اللعبة، فقد حاولت الثلاثية الأخيرة أن تحلق بعيدًا نحو ضفة الأربيجي مما قلل من قدرة المطور على الاهتمام بالبطل، وما يحصل هنا هو نقيض ذلك تمامًا، لذلك يمكنني القول بصراحة أنني مهتم بمن هو باسم وماذا سيحصل في رحلته…
نظام اللعب، بين الروعة والمشاكل
أسلوب اللعب أو كما دعوته هنا نظام اللعب، يحمل الكثير من الأشياء التي سأحاول تخليصها لكم قدر الإمكان، بداية مع الباركور الذي يهم الكثير من اللاعبين…
يعود الباركور بالتأكيد، لكن ليس بتلك العودة التي كنت أتوقعها، فهو موجود مثل الثلاثية الأخيرة لخدمة فكرة الاستكشاف بحرية والوصول إلى أي مكان تريده، لكن يفتقد إلى متعة التسلق وتجاوز العقبات التي قدمتها أجزاء أساسنز كريد السابقة بشكل أفضل مثل Unity وكنت أتمنى ترقية هذا الجانب بشكل أفضل من هذا، لكن اعترف أن محبي الباركور بنقرة زر واحدة سوف يستمتعون بوقتهم، فسوف يقوم باسم بحركات جميلة أثناء التحرك حول الأشياء دون أن تتعب نفسك، وأفضل من العناوين السابقة بكل تأكيد.
أشعار أن نظام القتال أصبح أفضل من السابق بكثير، فسابقًا كنا نقاتل عشرات الجنود دفعة واحدة دون عناء، أما هنا فقد تم تحسين مرونة المعركة وانسيابيتها، والأهم من ذلك إضافة ميزة اعتقد أنها مهمة كثيرًا في إضافة لمسة جميلة من الواقعية، وهي عداد القدرة على التحمل الذي يتراجع أثناء تجنب ضربات الأعداء على سبيل المثال.
من الميزات الأخرى الجديدة هي تحديد عدد معين من الأعداء حتى يقوم البطل بالتخلص منهم في آنٍ واحد، بالإضافة إلى عودة آليات سابقة مثل النسر الذي يستطلع المكان، وكشف الخرائط عبر تسلق الأماكن العالية والاستطلاع عبرها.
شجرة المهارات تعود في العنوان الجديد، والرائع أنها تجلب معها بعضًا من المهارات التي أحببناها في الأجزاء الذهبية من السلسلة والتي تزيد من قدرة بطلك على التخفي وقتل الأعداء بصمت، وبعضها الآخر متوقع بالطبع ويتعلق بزيادة المرونة وفتح قدرات جديدة، وهي عمومًا شجرة بسيطة نوعًا فلا تتوقع شيء ضخم أو متشعب كثيرًا.
في نهاية المطاف، أشعر حقًا أنني كلاعب عربي مسلم سوف أستمتع بهذه اللعبة وأقدر هذا الاهتمام العالي من المطور بحضارتنا.. حتى ولو لم تكن اللعبة مثالية.
شيء آخر أثار إعجابنا للغاية هو ميزة الاختباء بين الناس التي أعادها المطور أيضًا من أيام الخوالي.. وهذه المرة لم يتم إعادتها بالطريقة الكلاسيكية فقط بل أعجبتني كثير كيف يقوم البطل بالتعليق أثناء التخفي بين الناس كي لا يكشفوا أمره، فهذه الإضافة الصغيرة تشعرنا حقًا بانغماس أكثر أثناء اللعب وتبدو خطوة صغيرة نحو الامام في تحسين السلسلة.
في النهاية لا بد من وجود نقاط مثيرة للخوف في العنوان الجديد، بالنسبة لي هي الذكاء الاصطناعي، فقد لاحظت أنه لم يتلقَ أي تحسين للأسف بل أشعر أنه تراجع وفي أكثر من تجربة (لنعتبرها اختبار) كان أداء الذكاء الاصطناعي شيء ومخيب للأمل، شعرت فيه أنه بحاجة إلى “ذكاء أكثر”، فعلى سبيل المثال قمت باغتيال جندي أمام جندي آخر، ولم يلاحظ وجودي على الإطلاق لأنني كنت فعليًا من منظور رؤيته الجانبية وليس الأمامية البديهية…
عودة متجر المشتريات الداخلية يثير بعض القلق بالنسبة لي أيضًا، لم أتمكن من تصفحه بشكل جيد لعدم توفر هذه الميزة في جلسة المعاينة، ولكن تمكنت من أخذ لمحة جيدة عن إمكانية شراء ما يسرع ويسهل اللعبة مثل الأجزاء الأخيرة السابقة، وهنالك أيضًا عدة أزياء لبطلك يمكنك فتحها أثناء اللعب (أو شرائها) مثل ملابس الأبطال السابقين من السلسلة الذين نعرفهم جميعًا.
فخامة عربية
لقد أثار إعجابي للغاية الجهد المبذول في تقديم ترجمة عربية سليمة من الأخطاء الشائعة وتقدم مصطلحات جميلة وتليق بالفترة الزمنية التي تركز عليها لعبة أساسنز كريد الجديدة.
الأجمل أكثر هو دبلجة عربية كاملة للعبة بأصوات أدائها عذب واختيارات فصيحة للغاية من كلمات وجمل، جعلتني أشعر بمدى جودة الاقتباس من هذه الفترة الزمنية التاريخية.
واجهة المستخدم بطابع عربي!
قد تكون هذه أول لعبة عالمية وضخمة تستخدم ثيمة عربية في صناعة الواجهة الرئيسية، أصغر التفاصيل في هذه الواجهة مستوحاة من الحضارة الإسلامية في العراق. حمدًا لله، يبدو أن أيام العنصرية ضد العرب والمسلمين بدأت تتلاشى.. على الأقل في أعمال فنية عالية الحساسية والانتشار كهذه!
الأمر الوحيد الذي لم يعجبني في واجهة المستخدم هو نقل الكثير من الجينات الوراثية الخاصة بالثلاثية الأخيرة، لكن في نهاية المطاف، أشعر حقًا أنني كلاعب عربي مسلم سوف أستمتع بهذه اللعبة وأقدر هذا الاهتمام العالي من المطور بحضارتنا.. حتى ولو لم تكن اللعبة مثالية.
أيضًا، استعدوا لسماع أنغام وموسيقى عربية بالكامل! فهنالك العديد منها سوف يطرب مسامعكم يا سادة!
رسومات خلابة، وأذان عذب!
تستمر رسومات أساسنز كريد بالتطور نحو تصميم ومجسمات أكثر واقعية، جمال المناطق يسرق اهتمامك أينما نظرت، والأجمل من ذلك هو الاهتمام بتفاصيل صغيرة تجعل اللعبة متفوقة على من سبقها من أجزاء السلسلة.
لاحظت أن المطور يثق بتصميم اللعبة رسوميًا بما يكفي لتقديم جميع مشاهد الحوار وغيرها ضمن التصميم الرسومي نفسه الذي تشاهده أثناء اللعب، ولديه الحق بمنح نفسه هذه الثقة لأنها فعلاً رائعة.
دائمًا ما تمنحنا يوبي سوفت تصميمًا خلابًا في بيئات ألعابها، وهذه اللعبة ليست استثناءً بل دليلاً آخر على موهبة ومهارة فريق التطوير في صناعة شكل مبهر لألعابه والسعي نحو تحسينها باستمرار، لتحصل مثلاً على ظلال أكثر واقعية لشخصيتك، وتصميم مبهر للمياه بمختلف أشكالها الكبيرة والصغيرة.
أخيرًا، ما يزيدنا تقديرًا لهذا المشروع الفني، هو مدى ولائه للحضارة التي يقتبس منها، ومع أنها ليست المرة الأولى لكنها تزداد جمالاً في كل مرة! إنه صوت الأذان يظهر في اللعبة بشكل جميل للغاية واستطعنا سماعه بكل روعة أثناء اللعب، ولقد أكد الفريق العربي من يوبي سوفت مؤخرًا أن أي موسيقى سوف تختفي عندما يظهر صوت الأذان!
الانطباع بكلمتين.. إن تمكنا…
أساسنز كريد الجديدة تقدم الكثير من المتعة لجميع اللاعبين, وللاعبين العرب بشكل خاص، فأي لاعب ينطق بالعربية يجب عليه تجربة هذا العنوان الذي يقدم له الكثير من الاحترام لتاريخه وحضارته ولغته.
لكن هل هي لعبة أسطورية سوف تقدم بجانب أجزاء مخلدة في ذكرياتنا من السلسلة العريقة؟ حتى الآن لا أعتقد ذلك، بل يمكن القول أن العنوان القادم ممتع للغاية لكن لن يكون أكثر من ذلك.