في الماضي، بدأت سلسلة ألعاب Assassin’s Creed مع لعبة واحدة كانت تستكشف شوارع القدس وسوريا القديمة من منظور أحد محاربي الظلال الذين يعرفون باسم الحشاشين أو “Assassin”، ثم تطور الأمر ومرت هذه السلسلة على عدة دول مختلفة في أزمنة تاريخية مختلفة بدايةً من عصر النهضة في أوروبا، وحتى الثورة الأميركية وأخيرًا زمن الفايكينج والفراعنة، والآن حان الوقت لتعود إلى دول الشرق الأوسط مع أحدث إصداراتها تحت اسم السراب الذي نتعرف عليه في مراجعة Assassin’s Creed Mirage.
لعبة Assassin’s Creed Mirage هي أحدث ما أنتجت شركة يوبي سوفت في سلسلة ألعاب Assassin’s Creed، ومعها نتكشف أزقة بغداد التاريخية التي لعبت دورًا هامًا في تاريخ الحضارة الإسلامية والعالمية على حد سواء بفضل أبنائها من المفكرين والعلماء المبدعين.
ولا تعد Mirage عودة إلى التاريخ العربي والإسلامي فقط، بل معها تعود يوبي سوفت إلى أسلوب ألعاب Assassin’s Creed الأصلية، وهي الألعاب التي تعتمد على التخفي وعمليات القتل من الظلال ومحاولة الهرب من السلطات، وذلك بلًا من الأسلوب الجديد الذي تبنته اللعبة في الهجوم المباشر على الأعداء.
لكن، هل تستطيع Assassin’s Creed Mirage إعادة أجواء الأجزاء الأصلية من ألعاب Assassin’s Creed؟ نقدم لكم الإجابة والمزيد في مراجعة Assassin’s Creed Mirage.
العودة إلى قلعة الموت
تضم Mirage العديد من اللحظات التي تذكرنا بألعاب Assassin’s Creed القديمة، ولكن أبرزها كانت العودة إلى قلعة الموت من أجل التدريبات والاستعداد لمواجهة الأعداء، وهذا في عصر قبل الطائر بن لا أحد بوقت كافي، إذ تدور أحداث اللعبة بين أجزاء Origins وValhalla، وتحديدًا بعد 9 قرون من أحداث Origins وقبل Valhalla بأكثر من 11 عامًا وبالتالي فهي تسبق أحداث الجزء الأول من السلسلة بأكثر من 300 عام تقريبًا.
تتبع اللعبة حياة باسم التي تبدأ كلص شاب في الأنبار، يسرق من الآخرين لنفسه وبناءً على المهام التي يتلقاها من المستترين في محاولة لمواجهة التنظيم الشرير، ورغم أنه أحد أمهر لصوص الأنبار، إلا أن هذا لا يرضي طموحه ويجعله راغبًا في المزيد ليصبح لحياته معنى حقيقي ويغير العالم، لذلك يحاول جاهدًا الانضمام إلى التنظيم.
بعد المغامرة الأولية في مدينة الأنبار، يجد باسم نفسه عضوًا في جماعة المستترين ويطلب منه أن يصبح أحد القتلة الذين يدربونهم في قلعة الموت، وتبدأ أحداث اللعبة مع انتهاء الفصل التمهيدي في الأنبار وتحول باسم إلى أحدث عضو في جماعة المستترين، ثم يسافر باسم إلى بغداد لتبدأ الرحلة.
استطاعت يوبي سوفت أن تمزج في لعبة Mirage بين الأسلوب القصصي الكلاسيكي المعروف لألعاب Assassin’s Creed وبين طريقة عرض التنظيم الجديدة ومتابعة الأدلة والمهام المختلفة حتى تكتشف الشخصيات لتتوجه إلى قتلها مباشرةً، وفي لحظات عديدة، تشير القصة إلى جزء Origins تحديدًا في محاولة الربط بينهما، مثل استخدام ريشة الميزان لتأكيد القتل والإشارة إلى الكثير من الآلهة والمعتقدات الفرعونية القديمة.
ورغم أن أحداث اللعبة تدور في حقبة تاريخية قريبة من الأجزاء الأولى لألعاب Assassin’s Creed، إلا أن القصة تبتعد عنها تمامًا، ولا تحاول الربط بينها وبين الأجزاء القديمة بالشكل المعهود.
ولكن تتخلى Mirage عن قصة العصر الحديث تمامًا، وتكتفي بالسرد في مقدمة اللعبة فقط، وهي تشبه في ذلك بعض الأجزاء الأولى من السلسلة، ولا يمكن القول بأن أحداث اللعبة تأثرت كثيرًا بغياب قصة العصر الحديث.
أسلوب لعب هجين
يمكن القول بأن أسلوب اللعب الذي استخدمته لعبة Assassin’s Creed Mirage هو هجين جديد لم نعهده مسبقًا، إذ يمزج بين الحاجة إلى التخفي وتيسير المهمات والقدرات لهذا الأمر مع الحاجة لاتقان أسلوب Dodge and attack الذي تبنته الأجزاء الأخيرة في السلسلة.
ولا يمكن الجزم على أسلوب اللعب هذا وتحديد إن كان أفضل من السابق أم يحتاج إلى التحسين، إذ أن بعض الجوانب في أسلوب اللعب تقدم تجربة فريدة وممتعة وتحديدًا عند أداء مهام التخفي، ولكن البعض الآخر، يقدم تجربة أضعف حتى من الأجزاء السابقة بشكل قد يكون مزعجًا للبعض.
تضم اللعبة مزيج من الأدوات الجديدة والقديمة في محاولة منها لتقديم المزيج الذي تحاول الوصول إليه، ورغم أن هذا المزيج في الكثير من الأوقات يكون ممتعًا، إلا أن الاعتياد عليه ليس بالأمر السهل.
كما أن اللعبة تشهد عودة الكثير من اللمسات الكلاسيكية من الأجزاء الأولى، وذلك مثل مؤشر السمعة الذي يجعل رجال الشرطة يطاردونك مباشرةً وتحتاج إلى رشوة المنادي أو إزالة ملصقات المطلوبين للعدالة
ونشهد أيضًا عودة مهام التخفي والأدوات المختلفة مثل مجموعات المرتزقة التي يمكن أن تسبب في ضوضاء لجذب انتباه الجنود ومجموعات التجار أيضًا، وهي جميعًا طرق مختلفة تساعدك في أداء المهام بالسرية التي ترغب بها.
وتعتمد اللعبة على أسلوب اكتشاف القصة عبر أداء مهام القتل واكتشاف الأهداف، وذلك من خلال شبكة من المعلومات والأدلة التي تمضي غالبية اللعبة في محاول جمعها من أجل الوصول إلى الحقيقة.
أصالة تاريخية حتى أدق التفاصيل
الجانب الذي تمكنت لعبة Assassin’s Creed Mirage من الإبداع فيه حقًا كان تفاصيل الحياة اليومية في بغداد والدقة التاريخية غير المسبوقة في عالم اللعبة.
إذ قدمت اللعبة تصورًا حقيقًا بالكامل لبغداد مع بعض المعالجة الدرامية في الشخصيات الحقيقية التي ظهرت بها، ولكن بسهولة تجد أمامك الكثير من الشخصيات التاريخية التي تعرفها وكانت جزءًا من تاريخ الدولة العباسية في ذلك الوقت.
تصميم الأسواق والشخصيات في الأسواق وحتى آلية عمل الأسواق والإعلان عن المنتجات المختلفة كانت مذهلة وحقيقية إلى أبعد التفاصيل، أضف إلى ذلك تفاصيل القصور والمباني والمدينة بشكل عام.
ويمكن القول بكل سهولة ويسر أن Mirage هي رحلة حقيقية عبر التاريخ إلى بغداد العباسية في أوج ازدهارها وشعبيتها الواسعة، وهذا يجعل اللعبة جزءًا هامًا من رحلة تاريخية لمشاهدة بغداد العباسية.
وما يساعد اللعبة على الإبداع والظهور بهذا الشكل، هو الدبلجة العربية الكاملة لكل أجزاء اللعبة، وهي دبلجة ليست حرفية، إذ تم تحويل الكثير من الجمل وتغيرها بين النسخة الإنجليزية إلى العربية لتكون مناسبة، كما أن الأداء الصوتي للممثلين مثل إياد نصار وغيره كان مبهرًا بطريقة تجعلك تشعر أن اللعبة صممت في الأساس لتكون لعبة عربية وتم تحويلها لاحقًا إلى لعبة إنجليزية.
اختيارات رسومية عديدة
كانت تجربتنا للعبة Assassin’s Creed Mirage على منصة بلاي ستيشن 5، وقد جاءت اللعبة مقدمةً مستوى رسومي مبدع للغاية في كافة التفاصيل مع الكثير من الاختيارات لتخصيص التجربة كما تفضل.
تتنوع اختيارات تخصيص المستوى الرسومي في اللعبة بشكل غير مسبوق بدايةً من اختيار وضع التشغيل في اللعبة سواءً كان وضع تفضيل الأداء وزيادة معدل الإطارات أو وضع الدقة الرسومية والتركيز على المستوى الرسومي المميز للعبة.
الاختلاف الواضح بين المستوى الرسومي المعهود في اللعبة في وضع الأداء ووضع الدقة الرسومية يظهر بكل وضوح تفاصيل اللعبة وتفاصيل بغداد، وذلك بدايةً من المباني وحتى الغابات والأنهار المحيطة بالمدينة.
في المجمل يمكن القول بأن المستوى الرسومي في Mirage قدم تطورًا ملحوظًا عن الأجزاء السابقة للعبة والثلاثية الأخيرة، وهو من نقاط القوة الأكيدة في عالم اللعبة وأكثرها متعة.
