تعتبر Banishers: Ghosts of New Eden من ألعاب فبراير التي أثارت فضولي، فمنذ الإعلان عنها وهي تبدو لي مزيجًا بين منظومة معارك متأثرة بلعبة God Of War Ragnarok، والأسلوب القصصي الذي يعتمقد الخيارات والذي يشتهر به الاستوديو المطور للعبة، Don’t Nod. مع بعض عناصر الرعب والأشياء خارقة للطبيعة التي تضفي أجواءًا مميزة على اللعبة.فهل قدمت التجربة شيئًا جيدًا بالفعل؟ إليكم مراجعة Banishers: Ghosts of New Eden
منذ بداية استوديو Don’t Nod مع لعبة ألعاب Remember Me و Life is Strange وأنا أعتبر نفسي من أكبر محبيهم وما يقومون به من تطوير ألعاب تتمتع بالاختلاف الكافي الذي يجعلها عناوين مميزة تعرف أنهم هم من طوروها حتى بدون امتلاك المعلومة مسبقًا. مؤخرًا بدأ الاستوديو في تقديم تجارب أكثر تنوعًا حتى مما عُرف به خلال بداية مشواره، فلعبة Remember Me كانت لعبة قصة خطية، بنظام معارك في الوقت الحقيقي يشبه Batman Arkham، أما Life is Strange فهي لعبة سردية معتمدة على الخيارات والمزج بين النوعين لن يكن أمرًا سهلًا، ولكن في لعبة Vampyr تم تقديم تجربة ممثالة، تمزج بين نظام المعارك المتقن والعالم شبه المفتوح مع إضافة عناصر تجعلها لعبة أقرب لألعاب السولز، وكان هذا أحد أسباب حبي لعنوان Vampyr، وتمنيت لو أن Banishers بنت على هذا الطموح الكبير لدى الاستوديو بإنتاج لعبة تناطح ألعاب AAA بدون الإمكانيات نفسها، ولكن للأسف كانت تجربتي معها محبطة، ليس لأنها لعبة سيئة ولكن لأنها لعبة طموحة بشكل زائد. فمع الطموح الكبير تأتي صعوبات أكبر…!
القصة بدون حرق
تدور أحداث القصة حول البطلين Red و Anatea، زوجين في عام 1695 يعملان كـBanishers أو طاردين للأرواح، وهي وظيفة تقوم على التأكد من أن الأرواح غادرت الأرض بعد موت أصحابها، وحل أي مشاكل تتسبب في بقائهم أو حبسهم في الأرض. يطلب منهم صديق لهم يدعى تشارز مساعدة في تحرير بلدة تسمى “نيو إيدن” من شر كبير، فيتجهان على الفور لنجدته. تتحول Anatea إلى شبح لسبب لن نحرقه عليكم، ويكون ذلك دافعًا للزوجين إلى إيجاد حل، والتعاون معًا بقدرات البشر والأشباح التي يمتلكاها لكي يتصدوا لهذا الخطر.
القصة كانت ممتازة في سياقها العام، لكني شعرت أن المشكلة كانت في مرحلة معالجة القصة العامة وتحويلها إلى لعبة كاملة تمتد إلى 20-30 ساعة لأن الأحداث بها الكثير من التمطيط بشكل مبالغ فيه في بعض الأحيان، وبعض الشخصيات التي يتم إعطائها دور كبير تكون غير مهمة لأساس الحبكة، كما أن هناك الكثير من المعلومات الجانبية التي تحاول اللعبة جعلها تبدو مهمة،أكثر ما أعجبني في القصة هو وجود خيارات مصيرية تستطيع اتخاذها، والمجهود المبذول في بناء عالم افتراضي جذاب ذو قواعد ومسميات غريبة يشعرك استكشافها بالمتعة والفضول معًا. عالم اللعبة وكتابته وصياغة كل شيء في كان من أفضل ما رأيت في تاريخ هذا المطور. لكن استغلاله لم يكن بالقدر المطلوب.
الخيارات لم تكن الأفضل في تاريخ الاستوديو، فألعاب Vampyr و Life Is Strange كانت أفضل في هذا الجانب، ولكن لعبة Banishers لا تزال من بين أكثر الألعاب تقديمًا للخيارات المصيرية. يمكنك تحديد مصير شخصيات مهمة، هل تقتلهم أم تعفو عنهم، ولكها مناطق رمادية لا يوجد بها قرار صحيح وآخر خاطئ، بل أنه في بعض الأحيان كانت كل الخيارات المتاحة تبدو وأنها خاطئة، وكأنك مطلوب منك اتخاذ أقل القرارت خطأً.
أسلوب اللعب…هنا تكمن العيوب
أسلوب اللعب كان مشتتًا. هذا أقل ما يقال عنه لأنه في بعض الأحيان كان يقدم تجربة مميزة ولها روح خاصة بها لا تشبه شيء آخر، وفي أوقات أخرى شعرت أنه نسخة مهترئة من بعض الألعاب المشهورة والناجحة مثل God of War Ragnarok و Horizon Zero Dawn وUncharted ولكن في الحقيقة هذا التشتيت ساهم في التقليل من شأن الجوانب الإيجابية في التجربة. اللعبة تقدم تجربة عالم شبه مفتوح، متصل بطريقة Metroidvania تستند على فتح المزيد من المناطق واتصالها ببعضها عن طريق التقدم في اللعبة وكسب المزيد من المهارات والأدوات. إذًا، الاستكشاف والقتال والتحقيق. بصفة الشخصيات الرئيسية يعملان بوظيفة Banishers، أو طاردي الوحوش، فإن طرد تلك العفاريت والوحوش المخيفة يتطلب بعض التحقيق لمعرفة أماكنهم وهويتهم، ومصادر تعذيب تلك الأرواح ثم تطهيرها.
التحقيق هو أمتع جزء في اللعبة، وذكرني بما أحببته حول لعبة Vampyr في جعلك تختار في النهاية مآل القضية التي تخوضها. تصميم القوائم أيضًا ساعد على ترتيب المعلومات بشكل مميز، ولكن عدم ترجمة اللعبة للغة العربية قد يكون عائقًا أمام استمتاع البعض باللعبة (المزيد عن ذلك في الفقرة القادمة).
التحقيق يعتمد دائمًا على جمع الأدلة والبحث والقراءة في متعلقات الأشخاص والبيئات التي شهدت أحداثًا غريبة. لكن الدلائل دائمًا ما تشير إليها اللعبة، ولا يوجد خيار تفويت أي نوع من أنواع الأدلة. التفاعل الوحيد الذي تملك الحرية فيه هو اختيار مصير المدانين. في إحدى القضايا مثلًا كان هناك زوج يعامل زوجته بعنف، وهو ما تسبب في إخراجها عن شعورها في إحدى المرات وارتكاب جريمة قتل في حقه، واستدعاء صديق لها ليحل محل زوجها. ما يكشف هذين المحتالين هو مستوى الشخص الجديد السيء في الحرفة التي كان الزوج الأصلي بارعًا فيها، وهي النجارة. لك حرية الحكم على المرأة إذا ما كانت مذنبة، أو الرجل الذي حل محل الزوج، أو الاكتفاء بمسامحة الصديقين، وإرسال روح الزوج المعذبة إلى ملاذه الأخير. وفي قضية أخرى صادفت شخص دفعه الجوع إلى أكل صديقه بعد أن مات، ومعظم القضايا التي صادفتها كانت ممتعة وجذابة والخيارات فيها لم تكن سهلة. لكن مشكلتي الاكبر لم تكن مع القصة والخيارات بل مع المعارك.
المعارك لم تكن سيئة، بل كانت واعدة جدًا في بداية اللعبة. فهي معارك يدوية باستخدام السيف والعصى، مع إمكانية استخدام بعض القدرات السحرية، وسلاح ناري وحيد وهو البندقية. هذا الدمج بين الأسلحة كان إيجابيًا من حيث المبدأ لكن في التنفيذ افتقر للكومبوهات. ما يعني أنه لا يمكنك الدمج بين الضربات بشكل فعلي والحفاظ على تدفق الحركات القتالية بشكل غير متقطع. كما أنه لا يمكنك صد ضربات الأعداء بشكل محكم ما يعني أنه عليك دائمًا تفادي الضربات وتوجيه نوع واحد من الضربات. ما أعنيه هو أنه لا يمكنك مثلًا الضغط على أزرار الضربات بشكل متلاحق لا يضاعف من مقدار الضرر المُلحق، وإنما يُلحق ضررًا مساوي للقيام بكل ضربة على حدة.
على الرغم من ذلك، فإن شعور مشكلة القتال الثانية والأكبر، هي غياب الشعور بردة الفعل وتأثير الضربات على الأعداء. أعترف أن مظهر المعارك ممتع ومشجع على الاستكمال، ولكن على العكس تمامًا وصف تأثير الضربات على الأعداء. ما جعل ألعاب مثل GOW Ragnarok و DMC ألعابًا ممتعة هو إعطاء اللاعب Feedback قوي على ضرباته، ولذلك شعرت بالملل مع مرور الوقت بسبب المعارك في Banishers. ضف إلى ذلك أن معارك الزعماء كانت متواضعة وتعتمد على فرط الصعوبة عوضًا عن الاختلاف في الاستراتيجيات والطرق التي يمكن التعامل مع الزعماء بها.
لكن هل أسلوب اللعب كان بلا من إيجابيات؟ قد يوحي كلامي السابق بهذا، لكن في الحقيقة بالرغم من العيوب التي ذكرتها وجدت نفسي مستمتعًا باللعبة في معظم الأوقات لأن أسلوب المعارك ممتع، والتنقل بين قدرات شخصية Red (القدرات اليشرية) وقدرات آناتيا (قدرات الأرواح) شيء ممتع ومع فتح جميع القدرات شعرت بتغيير كبير على أسلوب اللعب. من قدرات الأرواح أن ترى أشياء لم تكن تستطيع رؤيتها كبشري، في شيء أشبه بـ Eagle Vision من Assassin’s Creed، ولكن هذه لم تكن أفضل قدرة تستطيع الاعتماد عليها، أفضل قدرة كانت قدرات القتال التي تجعل التبديل بين الشخصيتين أمرًا ممتعًا. التبديل يحدث بضغطة زر المثلث فقط، وفي لحظات قليلة والدمج بين قدراتهم كان أقرب ما يكون لأي كومبو تستطيع القيام به في اللعبة. ومن خلال شجرة المهارات التي تمتلكها التجربة تستطيع أن ترقي القدرات وتزيد من فعاليتها.
تمتلك اللعبة نقاط حفظ حول نيران المخيمات، وهي النقطة التي تستطيع من خلالها حفظ تقدمك، أو ترقية الشخصيات، أو تصنيع الأدوات وترقيتها، وفي الحقيقة، فإن جانب ترقية العتاد وتغييره أو ترقيته كان جانبًا مهدرًا بشكل مزعج. حتى لعبة Vampyr كانت تمتلك بناءات مختلفة للشخصية حسب الأسلحة. تمنيت لو أن بانشرز قد قدمت خيارات تناسب أساليب اللعب المختلفة. مثلًا أن أبني شخصيتي بشكل يتيح لي التركيز أكثر على الأسلحة النارية، أو التركيز على السحر، أو أسلوب يرضي من يريد التركيز على التخفي. كل هذا لم يتم وكان الخيار الوحيد هو الدمج بين الأسلحة المتاحة بدون تنوع بين تجربة لك لاعب والآخر، بالرغم من تسمية اللعبة لنفسها بـ”لعبة تقمص RPG” وهو شيء أزعجني حقيقةً، لأنها اعتمد في التسمية واتساقها معها على تشعب الحوارات والعواقب فقط.
الترجمة العربية ودعم المنطقة
على غير العادة هذه الأيام، تفقتر اللعبة للترجمة العربية أو أي دعم للتعريب بأي شكل حتى لو الترجمة النصية فقط. وللأسف في لعبة مثل هذه الأمر مؤثر بشكل كبير لأن اللغة الإنجليزية المستخدمة لغة أنجليزية بريطانية قديمة، وتحتاج إلى شخص ماهر جدًا في الإنجليزية وحتى يستطيع فهم الأحداث من المرة الأولى دون مشاكل.
القراءة أيضًا تلعب دور كبير جدًا هنا. فقراءة الوثائق أمر مهم للغاية، ومحوري للأحداث، وعدم القيام بذلك قد يفوت عليك نقاط هامة في الحبكة. لذا لا أنصحك بتجربة اللعبة إذا لم تكن لغتك الإنجليزية فائقة المستوى.
الرسوم والصوتيات
لعبة Banishers: Ghosts of New Eden تعتبر من أفضل ما تم تقديمه في تاريخ الاستوديو، حيث قدمت بيئات متنوعة وBiomes مختلفة من حيث الألوان المستخدمة والطبيعية البيئية والأجواء والحيارة البرية. ذكرتني اللعبة بعنوان A Plague Tale بعض الشيء في جوانبه الإيجابية، ولكن في جانب الأداء كان أقرب للعبة Vampyr (المزيد حول الأداء في الفقرة التالية).
اللعبة قدمت مستوى أداء صوتي وموسيقى تصويرية جيدين، لكن في الحقيقة الموسيقى لم يكن لها وقع على أسماعي بشكل ملحوظ. لم أشعر بأنها حركت مشاعري في لحظات اللعبة الدرامية أو حتى ساعدتني على الاندماج. أما التمثيل الصوتي فقد كان ممتازًا، وهو من بين الأفضل بلا شك في ألعاب الاستوديو التي تتسم دائمًا بالجودة في هذا الجانب.
الأداء التقني
للأسف، الأداء التقني كان أقل من المستوى المتوقع من استوديو بخبرة Don’t Nod، فقد عانت اللعبة من تساقط إطارات واضح وصريح، مع بعض اللحظات التي تسببت المشاكل التقنية في اضطراري لإعادة تشغيل اللعبة على PS5، مثل اختفاء المهمة من الشاشة، أو توقف كل شيء من حولي. واجهت مشكلتين فقط من هذا النوع، ولكن أكثر ما أزعجني بكل صراحة هو تساقط الإطارات في بعض الاماكن لتصل لما هو أقل من 30 إطار في الثانية. اللعبة تمتلك مود أداء ومود آخر للرسوم، وقد حدث تساقط الإطارات هذا في مود الأداء..ما يعني أن اللعبة غير مصقولة بالشكل المطلوب.
في النهاية، لعبة Banishers: Ghosts of New Eden ستحتل مكانة متقدمة وسط أكثر الألعاب الاستوديو طموحًا، ولكن التنفيذ لم يكن الأفضل في معظم الجوانب. هي تجربة قصصية غنية بالعالم الرائع والبناء القصصي المميز، والشخصيات الجذابة ولكن بعض التمطيط في الأحداث وجوانب القصور في أسلوب اللعب تعيقها في أن تصبح لعبة ممتعة من البداية للنهاية. وغياب الدعم للغة العربية عنها يجعلها خيارًا صعبًا للاعب العربي. إذا كنت من محبي الألعاب ذات الميزانية المتوسطة، وتريد تجربة شيء جديد ومستعد لتقبل العيوب، فهذه اللعبة قد تكون خيارًا جيدًا لك.