في عام 2018، شاهدت فيلم رعب استطاع من افتتاحيته أن يُصبح من المُفضلين عندي لأنه اعتمد على فكرة جديدة كليًا. فكرة العالم الميت الذي لا يمكن الحديث فيه ولا القيام بأي صوت حتى لا تموت من مخلوقات فضائية لديها حاسة سمع خارقة. الفكرة نفسها مُخيفة، فتخيل أن تظل صامتًا طوال حياتك لا يمكنك التفوه بكلمة بل وتتحدث بلغة الإشارة مع أهلك وأصدقائك! وكلما صدّر جزء جديد من سلسلة أفلام A Quiet Place كنت أتساءل: ماذا لو تحولت هذه السلسلة إلى لعبة؟ كيف سيعمل فريق التطوير على تحويل هذا الرعب السمعي إلى تجربة تقشعر لها الأبدان؟ الإجابة معنا اليوم في مراجعة A Quiet Place: The Road Ahead الكاملة.
قصة A Quiet Place تجمع بين الرعب النفسي والدراما العائلية
لنبدأ مراجعة A Quiet Place: The Road Ahead مع قضية مهمة وهي القصة: وفقًا لأحداث عالم A Quiet Place، ففي عام 2020 سقطت مجموعة من النيازك على سطح كوكب الأرض، لكنها لم تكن نيازك عادية، بل كانت مُحملة بكمّ ضخم من الكائنات الفضائية تُدعى “ملائكة الموت” والتي تمتلك حاسة سمع خارقة تسمع بها دبة النملة حرفيًا، وبدأوا فجأة في قتل البشر بدون سابق إنذار. لقد كانوا يصطادون الناس واحدًا تلو الآخر بسرعة خارقة رغم أنهم لا يستطيعون الرؤية واعتمادهم الكُلي على حاسة السمع خاصتهم!
ما هي تلك الكائنات، ولماذا جاءت إلى كوكب الأرض بالتحديد، ولماذا تقوم بقتل البشر ولا تأكلهم؟ بعض تلك الأسئلة تمت الإجابة عليها صراحةً في سلسلة الأفلام وبعضها لا نعرف لها إجابة وظللنا نتوقع ونضع النظريات المختلفة على مدار الست سنوات الأخيرة بثلاثية رائعة من سلسلة الأفلام وضعت نفسها بجانب الكبار بكل سهولة. ومنذ بضعة أسابيع صدرت أول لعبة فيديو في عالم A Quiet Place بعنوان The Road Ahead من تطوير Stormind Games ونشر Saber Interactive، والتي قدّمت لنا قصة جديدة كليًا في هذا العالم بشخصيات مختلفة عن التي رأيناها في الأفلام، وقد كانت قصة مميزة تتمتع بطابع الدراما العائلي مع الرعب والبقاء على قيد الحياة.
_____
اقرأ أيضًا: أفضل 7 ألعاب رعب اندي ننصح بتجربتها
_____
نحن نلعب بـ Alex Taylor، فتاة جامعية تُعاني من الربو في رئتها حيث كانت مع حبيبها Martin عندما سقطت النيازك على كوكب الأرض. بعد 120 يوم من بداية غزو الفضائيين لكوكبنا، اكتشفت Alex أنها حامل بطفل من Martin، وهو نفس اليوم الذي مات فيها حبيبها وهو يدافع عنها ضد المخلوقات الفضائية. هنا تحاول Alex البقاء على قيد الحياة برفقة والدها وأم حبيبها الميت، لكن الأمور لا تسير على النهج الذي تتمناه الشابة الحامل بسبب بعض المشاكل والدراما العائلية التي حدثت في المكان الذي يحتمون فيه، وهنا يجب عليه الهروب ومحاولة البقاء على قيد الحياة في هذا العالم الميت وحدها مع جنينها في بطنها ومعاناتها مع مشكلة الربو!
قصة A Quiet Place: The Road Ahead رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث تعكس روح التعاسة والحزن في هذا العالم وأن كل شيء أمامه أيام أو أشهر حتى ينتهي وعاجلاً أم آجلاً من الممكن أن تنقرض البشرية بأكملها من على سطح الأرض بسبب هذه المخلوقات الغريبة. قصة اللعبة ليست طويلة وستأخذ منك 10 ساعات لعب تقريبًا حتى تنتهي منها، ولكنهم 10 ساعات رائعين لن تشعر بأي لحظة ملل فيهم.
نصيحة شخصية من كاتب المراجعة: شاهدوا أفلام A Quiet Place قبل تجربة اللعبة لأنها ستُدخلكم في مود الرعب النفسي والصوتي هذا بأفضل طريقة ممكنة!
أسلوب لعب يعتمد على حل الألغاز بشكل رئيسي
التخفي هو صديقك الأساسي في هذه اللعبة
كما شهدنا في سلسلة أفلام A Quiet Place، فمخلوقات “ملائكة الموت” قاتلة على قتل البشر بضربة واحدة فقط وبسرعة شديدة، لذلك لا يمكن الوقوف أمامهم وجهًا لوجه حيث لا يمكنك قتالهم. ورغم أن سلسلة الأفلام أوضحت طريقة قتلهم في نهاية الجزء الأول، إلا أن هذه الوسيلة من الصعب أن يُحققها شخص عادي يتحرك في هذا العالم وحيدًا وهو مصاب بالربو، بل ضفّ على ذلك أن بطلتنا هنا حامل!
لذلك التخفي والتسلل كانا صديقا البطلة المُفضلين طوال العشر ساعات لعب، حيث يجب عليها الاحتماء عبر كل الوسائل الممكنة حتى لا تُعرض نفسها لخطر الموت من تلك المخلوقات التي لا ترحم. بطلتنا مُبتكرة، حيث صنعت جهازًا صغيرًا محمولاً باليد يُمكنها من تتبع صوت البيئة من حولها وتتبع صوتها شخصيًا، وبذلك يجب عليها الحفاظ على أن يكون صوت خطواتها وصوت كل فعل تقوم به أضعف من صوت البيئة حتى لا تسمعها الكائنات الفضائية. الفكرة نفسها جيدة ومستوحاه عمومًا من جهاز التتبع في لعبة Alien Isolation!
القيام بأي خطوة في لعبة A Quiet Place يُصدر صوتًا مرتفعًا لأن العالم أصبحت ميتًا وغير آهل للمعيشة، السير على الأرض بسرعة أو فتح الأبواب أو القفز أو إلقاء شيء، كل تلك الأمور من الممكن أن تفضح مكانك في ثانيةٍ واحدة، فرغم أن البشر العاديين الذين على بُعدٍ منك لن يستطيعون سماع هذه الأصوات، لكن لا تنسى أن مخلوقات “ملائكة الموت” لديها حاسة سمع خارقة حيث يمكنها رصدك في بضعة ثواني والقضاء عليك تمامًا بضربةٍ واحدة.
أعجبني أيضًا الذكاء الاصطناعي الذي طبقه فريق التطوير على هذه الكائنات الفضائية، فرغم أنهم لا يستطيعون رؤيتك وجهًا لوجه، إلا أنهم قادرين على القضاء عليك بسرعة بمجرد سماع صوتك عندما يكونوا على مقربة منك، وهذا أضاف على عنصر اللعب وذكرني قليلاً بذكاء الـ Xenomorph في Alien Isolation.
هل الألغاز نفسها ممتعة في حلها؟
لعبة A Quiet Place تفتقر للمواجهات المباشرة مع الأعداء، ولذلك يجب عليك تجنبهم وحل الألغاز حتى تتقدم في المراحل وتنتهي من قصة اللعبة، ولكن هل فريق التطوير نجح في صُنع ألغاز ممتعة قادرة على غمرك في التجربة أكثر وأكثر كلما تقدمت في اللعبة؟
الألغاز هنا سلاح ذو حدين، فرغم أن الاستوديو قدم بعض الأفكار المميزة في حل الألغاز والتي تطلب منك التخفي من الأعداء ومحاولة فهم البيئة من حولك قبل القيام بأي خطوة، إلا أن الألغاز أصبحت مُكررة بشكل ملحوظ مع نهاية اللعبة وشعرت بالملل أحيانًا لأنني أفعل نفس الشيء مرارًا وتكرارًا بدون أي إضافة جديدة على التجربة عمومًا!
هذا لا يعني أن الألغاز نفسها سيئة، لكني كنت أتمنى بعض التنويع بالذات مع التقدم في اللعبة والاقتراب من نهايتها وزيادة مستوى الصعوبة والخطر المُحيط بك. من أكثر الأشياء التي أعجبتني في اللعبة هي ميكانيكية الحفاظ على صحة البطلة التي تُعاني من الربو، حيث يجب عليك البحث عن العلاج طوال رحلتك في عالم اللعبة.
إذا لم تستطع الحصول على العلاج في الوقت المناسب، فمن الممكن أن تقوم بالبطلة بالكحة بشكل متكرر مما يكشف مكانها للأعداء بسرعة وستكون عرضة للخطر. هنا يجب عليك التعامل مع الموارد بحرص ومعرفة متى تستنشق العلاج ومتى تحتفظ به، ومع فهمك للعبة أكثر ستتعلم التوقيتات المثالية!
تجربة تقنية متذبذبة من البداية للنهاية
لعبة The Road Ahead مبنية على محرك Unreal Engine، وكعادة كل الألعاب التي تصدر بهذا المحرك فإن اللعبة تُعاني من مشاكل تقنية كثيرة من البداية للنهاية. المشكلة الأولى تقع على عاتق المُطور نفسه حيث نواجه تذبذب ملحوظ في المستوى الرسومي الخاص باللعبة. اللعبة تتمتع بكمّ ضخم من البيئات الرائعة والمُنوعة في تفاصيلها ورسومها، لكن هذا التنوع لم يكن مثاليًا بالكامل!
بعض المناطق في اللعبة مُصممة بحرفية كبيرة لتشعر بأنها لعبة جيل حالي فعلاً، وبعض المناطق الأخرى تصميمها سيء وقديم نسبيًا وكأنها لعبة جيل سابق. هذا التذبذب الرسومي يتواجد في معظم اللعبة حيث تخرج من منطقة جيدة رسوميًا لمنطقة ممتازة لمنطقة سيئة وراء بعضهم لدرجة أنك نفسك ستشعر بالغرابة وكأن الرسومات قد قلت أو أنك تلعب لعبة أخرى مثلاً.
لعل أكثر شيء أتقن فريق Stormind Games صُنعه في لعبة A Quiet Place هي تفاصيل الشخصيات، فكل الشخصيات هنا رسوماتها رائعة ومميزة وواقعية رغم أن الاستوديو صغير وأول مرة يقوم بتصميم شخصيات واقعية بهذا الشكل الرائع. لكن أهم شخصية في اللعبة لم تحصل على نفس الاهتمام من فريق التطوير، وهي المخلوقات الفضائية نفسها “ملائكة الموت”! للأسف تصميم ملائكة الموت كان رائعًا خلال المشاهد السينمائية فقط، لكن حينما تتحول لأسلوب اللعب نفسه، تجد تصميمهم ضعيف نسبيًا بـ Textures ليست مثالية بالقدر الكافي.
أما من ناحية الصوتيات، فلا يوجد أي غبار عليها بأي شكل من الأشكال. اللعبة تعتمد بشكل رئيسي على الصوتيات في كل شيء وكان من الصعب أن تكون الصوتيات ضعيفة فيها. فريق التطوير أتقن تصميم الصوتيات وكان من الرائع تجربة اللعبة بسماعات صوتها ثلاثي الأبعاد ومحيطي حيث شعرت في الكثير من الأوقات أنني داخل اللعبة فعلاً أحاول أتجنب أي خطوة حتى لا أموت من تلك الأعداء المُخيفة. ضفّ على ذلك الموسيقى التصويرية المميزة وستجد أن تصميم اللعبة الصوتي خرافي!
من أهم المميزات المتعلقة بالصوت في لعبة A Quiet Place: The Road Ahead هي فكرة ربط الميكروفون خاصتك باللعبة حتى يتثنى لك الشعور فعلاً بالشخصية الرئيسية، فأي خطوة أو حركة أو صوت ستقوم به في الحقيقة سيؤثر على اللعبة ومن الممكن أن يجعل المخلوق يكشف مكان شخصيتك ويقتلها! ميزة رائعة ننصحكم بتجربة اللعبة بها.
التذبذب يستمر في الأداء التقني، حيث جربت اللعبة على حاسوب مواصفاته متوسطة بمعالج Intel Core i5-10400F و 32 جيجا بايت من الرامات مع بطاقة رسومية Nvidia GeForce RTX 3050. وضعت اللعبة على إعدادات مرتفعة مع تفعيل تقنية Nvidia DLSS على وضع الجودة والتجربة كانت.. غريبة!
في بعض الأحيان تجد اللعبة تعمل على 60 إطار في الثانية بدون مشاكل، وفي أحيانٍ أخرى تهبط الإطارات لـ 35 و 40. التذبذب الملحوظ هذا غير منطقي بالأخص أن الإطارات تهبط في مناطق ليست مليئة بالتفاصيل مثلاً أو بالأعداء الكثيرين المتواجدين على الشاشة. اللعبة تحتاج لبعض الوقت في الفرن حتى تكون جاهزة بشكل كامل، وهذا سيتم حله مع التحديثات بالطبع مستقبلاً.
جدير بالذكر أن لعبة A Quiet Place: The Road Ahead ليست داعمة للغة العربية…
خلاصة مراجعة A Quiet Place: The Road Ahead
لعبة A Quiet Place: The Road Ahead من ألعاب الرعب المختلفة التي ننصح بتجربتها بالأخص مع تقديمها لفكرة جديدة ومميزة. الإعتماد الكلي على الجانب الصوتي في اللعبة يخلق طابع جديد كليًا من الرعب يجعلك متفاعلاً مع التجربة طوال العشر ساعات لعب وخائفًا من كل خطوة تخطوها في هذا العالم الميت. ضفّ على ذلك فكرة توصيل الميكروفون خاصتك باللعبة، وستكون أمام تجربة رعب رائعة رغم وجود بعض المشاكل التقنية والعيوب في الجيم بلاي التي تضر بالتجربة.