سلسلة The Settlers كانت في يومٍ من الأيام من أشهر الألعاب الاستراتيجية وأفضلها، حصدت السلسلة خلال السنوات الماضية قاعدة جماهيرية كبيرة وأغلبها يتساءل اليوم: هل The Settlers: New Allies تستحق التجربة؟
العنوان الجديد من السلسة يعيدها إلى الأضواء بعد طول انتظار ولكن لا يبدو أنه أعادها بالشكل الصحيح بل أخذ بالسلسلة نحو توجه مختلف يجعله بصورة أو بأخرى “عنوان فرعي” أكثر من كونه الجزء الرئيسي التالي من السلسلة.
لا يعني هذا أن The Settlers: New Allies لعبة سيئة وإنما تستهدف نوع محدد من الأذواق، إن كنت تنتمي لهذا النوع فقد تنال هذه اللعبة إعجابك حقًا، والتفاصيل التي سنبدأ بسردها في هذه المراجعة سوف توضح لك أكثر ما نتحدث عنه.
قصة مليئة بالذكريات
كما هي العادة مع جميع عناوين السلسلة، يوجد طور مسيرة أو حملة أو بالأحرى طور قصة، وأيضًا كما هي العادة قصتك الرئيسية هي حضارة من الناس يُجبرون على مغادرة موطنهم وإعادة بناء حضارتهم من الصفر في مكان جديد ورحلة جديدة، ولا أنكر أن هذه الحبكة مكررة لكنها تعيد الكثير من الذكريات للاعبين السلسلة الذين انتظروا سنوات كثيرة لتجربة عنوان جديد!
أما عندما ندخل في تفاصيل المهمات، فمن الجيد أن نرى بعض الإبداع في أفكار المهام وما عليك فعله لإنهاء المراحل، حيث من عادة الألعاب الاستراتيجية أن تطلب منك التغلب على عدو أو القيام بشيء ما لإنهاء المهمة والانتقال إلى المهمة التالية، لكن في New Allies سوف تجد في المرحلة نفسها عدة مهمات صغيرة تجعلك تتقدم بأحداث القصة وتستغل آليات اللعب والخريطة بطريقة ذكية أحيانًا.
نقول هنا أحيانًا لأن هذا النوع من الابتكار لم يتم تطبيقه في جميع المهام وفصول القصة بل يحصل اللاعب بالطبع على المتعة التقليدية في هذه الألعاب والتي تنطوي تحت بند “خذ وقتك في بناء جيشك والتغلب على عدوك” الذي يحبه الكثير من الناس المشجعين لهذا النوع من الألعاب.
للأسف ما قيل أعلاه لا يكفي لجعل هذه القصة ممتعة ومرضية، حيث بعد إنهاء المراحل الأولى سوف تبدأ مشاكل الذكاء الاصطناعي بالظهور: مع غياب إمكانية اختيار مستوى الصعوبة سوف تعاني من سهولة مبالغة فيها في إنهاء المهام وتساهل الأعداء معك بشكل شديد لا يجعلك تشعر بأي خطر.
وفي الحقيقة يبدو طور القصة مبسطًا كثيرًا عما كانت عليه السلسلة سابقًا، وربما هذا يصف The Settlers: New Allies بالمجمل وليس فقط طور القصة، ويمكن القول أن أكثر لاعب سوف يستمتع بهذا التوجه المبسط هو الجديد كليًا على الألعاب الاستراتيجية ويريد من تجربته الأولى أن تكون تغليمية وسهلة كباب مناسب للدخول إلى هذا النوع من الألعاب.
نصوص الحوار المستخدمة في القصة أيضًا ليست الأفضل وتبدو أحيانًا طفولية وخالية من تعابير واقعية ومناسبة للحالة التي يمر بها أولئك الناس. الأمر في الحقيقة أشبه بفيلم ديزني!
عودة التصاميم الخلابة
لقد اشتهرت سلسلة The Settlers بخرائط جميلة وخلابة وهذا العنوان الجديد لا يشح بعيدًا عن ذلك أبدًا بل يحافظ على تقاليد السلسلة ويقدم للاعبين مجموعة من الخرائط الجميلة والمختلفة بطابعها وأماكنها وشكلها.
وهذا كان فعليًا من أفضل الأشياء التي استمتعت بها عند تجربة اللعبة!
خيبة الأمل تبدأ!
ما قيل سابقًا عن القصة لا يؤثر كثيرًا على جميع اللاعبين، فالكثير منا لا يتطرق دائمًا لطور القصة في الألعاب الاستراتيجية ويرغب بتجربة الجوانب الأخرى من اللعبة.. وهنا تبدأ المشكلة
إن كنت من محبي السلسلة فسوف تصيبك خيبة أمل عندما تضع يدك على نظام اللعب والتحكم، باختصار لقد تم تبسيط كل شيء بشكل مبالغ فيه ومعظم الآليات السابقة من السلسلة تلاشت وبات بإمكانك بناء حضارتك بسهولة وباختصار دون الكثير من العناء.
لكن أليس هذا الأمر جيد؟ لبعض اللاعبين نعم، لكن لمحبي السلسلة لا، ولجوهر السلسلة لا. لم يتم بناء هذه السلسلة على فكرة البناء السهل والمتعة البسيطة مثل SimCity مثلاً بل على العكس تمامًا، لطالما اشتهرت السلسلة باهتمامها بأبسط التفاصيل عندما يتعلق الأمر بتوسيع حضارتك وهذا الأمر يختفي تمامًا هنا.
يبدو طور القصة مبسطًا كثيرًا عما كانت عليه السلسلة سابقًا، وربما هذا يصف The Settlers: New Allies بالمجمل وليس فقط طور القصة، ويمكن القول أن أكثر لاعب سوف يستمتع بهذا التوجه المبسط هو الجديد كليًا على الألعاب الاستراتيجية
أيضًا للأسف تخلو اللعبة من أي طور لعب يتيح لك الاستمتاع فقط بالنجاة وتضخيم وتوسيع حضارتك، والتركيز الأكبر هو على اللعب التنافسي والجماعي والذي يُظهر بوضوح التوجه الذي مالَ إليه هذا العنوان.
طور Skirmish المباريات الحرة يُعتبر خيبة أمل أخرى للأسف، فهو يخلو من خيارات تخصيص بسيطة نجدها في ألعاب استراتيجية مضى على إطلاقها عقود من الزمن؛ لا يمكنك مثلاً تخصيص نوع المباراة بقوانين محددة ولا يمكنك اللعب لوحدك ضد الذكاء الاصطناعي إلا 1 ضد 1 أي لا تستطيع الخوض في مباريات لوحدك ضد أكثر من عدو ذكاء اصطناعي ولا تستطيع اختيار الخرائط وحالة الطقس (المعدومة نوعًا ما في اللعبة بالكامل) وغيره. الأمر الجيد الوحيد الذي وجدته في هذا الطور هو التحديات التي تجدد باستمرار من المطور وتنعش التجربة بمهام وصعوبات مختلفة تجعل تمر على جميع ميزات وآليات اللعبة بشكل جيد.
نظام المشتريات الداخلي من الأشياء المزعجة في اللعبة فهو محاولة لإقناع اللاعبين بدفع المال لشراء إكسسوارات تجميلية والتباهي بها أمام اللاعبين، لكن قيمة الإكسسوارات باهظة وفي الحقيقة النظام بأكمله غير مبرر وكان من الأجدر تحويله إلى نظام كسب جوائز عبر اللعب.
نعود الآن إلى نقطة بدأنها فيها عند المقدمة، وهي أن اللعبة ليست سيئة، فإذا تجاهلنا الأشياء سابقة الذكر يمكننا بوضوح رؤية من سوف يستمتع باللعبة وتناسبه أكثر، وهو مرة أخرى مثلما ذكرنا في نقاش القصة، اللاعب الذي يريد نقطة دخول سهلة ومبسطة إلى الألعاب الاستراتيجية.
بالإضافة إلى ذلك، يوجد تركيز كبير على اللعب التنافسي والجماعي، فعلى الرغم من جوهر اللعب المبسط والسهل يمكنك العثور على متعة جيدة عند اللعب مع أصدقائك خصوصًا إن كانوا أيضًا يجربون هذا النوع من الألعاب للمرة الأولى، ومن يفضل اللعب لوحده فهنالك جوائز مخبئة ومنتشرة في معظم أرجاء الخريطة لتشجيع الاستكشاف.
يمكن القول أيضًا أن الطابع التنافسي مبسط لاستقطاب أكبر عدد من اللاعبين وحتى الشرائح التي لا تحب الألعاب الاستراتيجية. قد تكون هذه أكبر مشكلة في اللعبة حقًا وما جعلها تتعرض لتغييرات كبيرة وسلخ منها الكثير من أنظمة وأفكار السلسلة الرئيسية،
يأخذنا هذا إلى الطور التدريبي في اللعبة الذي اعتبره من أفضل ما رأيت في الألعاب الاستراتيجية ويساعدك على تعلم كل شيء عن اللعبة خطوة بخطوة حتى تحترفها، بل ويمكنك أيضًا لعب مباريات تدريبية لا يهاجم فيها الذكاء الاصطناعي أبدًا حتى تختبر بحرية وبدوء كل أنظمة اللعبة.
من الواضح أن اللعبة فوتت فرصة تطوير السلسلة وأخذها نحو الأمام عبر إدخال مزايا جديدة مثل إمكانية نقل الأبنية بدلاً من هدمها ووضع اللاعب في ظروف طقس مختلفة تؤثر على إمكانية البناء وتضعه في تحديات مختلفة وجعل إجراءات البناء أكثر واقعية وزيادة عدد الحضارات المتوفرة بدلاً من ثلاث فقط. ما حصلنا عليه في نهاية المطاف هو تجربة ممتعة ببساطتها ومناسبة للاعب الجديد الذي يفضل الاستمتاع مع صديقه أكثر من اللعب لوحده أو الخوض في تجربة صعبة وطويلة.
جمال لا غبار عليه
رسومات اللعبة جميلة للغاية ولا نقاش في ذلك، المياه والظلال والشمس وجميع البيئات تبدو رائعة ومظاهر الطبيعة الخلابة تستعرض نفسها بكل وضوح في هذه اللعبة، ويمكنك تقريب كاميرا الرؤية لترى تفاصيل صغيرة في مجسمات أبنية جيشك وأشياء صغيرة يقومون بها لمنح آليات البناء بعض الواقعية.
النقطة الضعيفة الوحيدة التي تظهر بوضوح في الرسومات هي أشكال الشخصيات خصوصًا في المشاهد السينمائية في طور القصة، فهي بسيطة كثيرًا وخالية من تفاصيل الوجوه الواقعية وتبدو كرتونية أكثر من واقعية، بطريقة تذكرني بألعاب الهواتف الشهيرة مثل Clash of Clans، وهو ربما دليل آخر على توجه اللعبة وتركيزها.
الأداء التقني للعبة ممتاز جدًا ومبهر أكثر على الحواسب القديمة التي يمكنها تشغيل اللعبة بدون مشاكل (لم أتعرض سوى لمشكلة تقنية واحدة وهي اختفاء الصوت والتي على الأغلب ليست بسبب اللعبة نفسها بل التعريفات الرسومية).
أنغام جميلة
الموسيقى رائعة كثيرًا في اللعبة وتتناسق بشكل مثالي مع أجوائها والخرائط التي يعيش اللاعب فيها هذه التجربة، معظمها هادئ وبعيد عن الأكشن لكن لا أجد أي ضر في ذلك!
المؤثرات الموسيقية الجميلة تشتمل أيضًا على تفاعل مستمر من جيشك مع أوامرك وتصرفاتك الذي يحسن من قدرتك على الانغماس بالمباراة والاستمتاع بها أكثر، الشيء الوحيد الذي يتطلب التحسين هو تكرار مزعج أحيانًا للمعلقة التي تكرر من كلامها عندما تريد تنبيهك أو إعلام بشيء ما مثل رصد الأعداء (من غير المنطقي تنبيهك بذلك مئة مرة في نفس المنطقة أليس كذلك؟).
أما الأداء الصوتي للشخصيات فهو خليط بين الجيد والغريب، الطابع الرئيسي الذي أدى لحدوث ذلك هو طريقة “ديزني” في سرد القصة التي تجعل الشخصيات تتحدث أحيانًا بطريقة غريبة، بالإضافة إلى أن مزامنة حركة الشفاه مع الصوت ليست ممتازة على غير عادة Ubisoft التي تشتهر بتصميم احترافي ممتاز في هذا المجال.
أيضًا على غير عادة الشركة، لا يوجد دعم للغة العربية.