يعتبر الأمن السيبراني شغلًا شاغلًا للكثيرين ممن باتوا يستخدمون الحواسب لحفظ معلوماتهم أو تداولها في قنوات من المفترض أن تكون آمنة، ولكن يبقى السؤال الملح الذي يظهر دائمًا مع تقدم أساليب الاختراق وتطورها، هل تتعارض هواية لعب ألعاب الفيديو مع مفهوم الأمان كما نعرفه في وقتنا الحالي؟ وهل تعرضك الألعاب لأي أخطار حقيقية على أمنك الشخصي أو المعلوماتي؟ حسنًا يا عزيز القارئ فاليوم هو يوم سعدك، لأننا الآن بصدد التطرق للحديث حول هذا الموضوع بالتحديد، ومحاولة الإجابة على كل الأسئلة التي قد تكون لديك، فهيا بنا.
أولاً: ما هو الأمن السيبراني، ولماذا يعتبر مهمًا؟
الأمن السيبراني هو باختصار عملية حماية الشبكات والأجهزة الخاصة أو العامة من الاختراق أو الولوج غير المصرح به للإطلاع على ما تحتويه تلك الشبكات أو الأجهزة من معلومات، لذلك وبطبيعة الحال لن يكون الأمن السيبراني بكل هذه الأهمية لولا الاعتماد المتزايد على أجهزة الكمبيوتر في إجراء المعاملات البنكية وحفظ المعلومات المهمة كالأرشفة الأمنية للدول والسجلات الإجرامية وما يفوق ذلك أهميةً.
تتزايد تلك الأهمية بالنسبة للجميع لأن الاعتماد على أجهزة الكمبيوتر بات أمرًا لا رجعة فيه، لما فيه من توفير للموارد والطاقة البشرية، وبينما يضمن ذلك حفظ البيانات من التلف المادي نتيجة للكوارث الطبيعية أو الحرائق، أو حتى الضياع، إلا أنه يفتح الأبواب أمام مشاكل جديدة يحاول الباحثون إيجاد حلولًا لها.
لكي نفهم هذه المشاكل باختصار، علينا أن نفهم أن المعاملات البنكية مثلًا أو المعلومات الخاصة التي يتم الاحتفاظ أو الإدلاء بها من خلال جهاز كمبيوتر تمتلك طرفين أثنين، وهما صاحب تلك المعلومات (أنت) والهيئة التي تخزن تلك المعلومات (الأجهزة الأمنية والبنوك والمشافي إلخ) وبذلك تحتم على على الطرفين حماية أنفسمها من الاختراق وهو ما يعني المزيد من الحذر والإجراءات الأمنية المشددة على تلك المعلومات.
تكمن أيضًا صعوبة الحماية في فكرة صعوبة تتبع المخترقين بسبب توفر طرق عديدة للتخفي، ولذلك فإن الأمر ليس كالسابق، عندما كانت أحد الجهات تحتفظ بسجلات مهمة عن شيء ما تقوم بتعيين أفراد حراسة مشددة على ذلك المكان وتكون المشكلة إلى حد كبير حُلت.
_____
اقرأ أيضًا: واحدة من أسوأ ألعاب Nintendo تقييمًا على الإطلاق تحصل على جزء ثانٍ!
_____
لكن ما علاقة كل هذا بالألعاب؟ وهل اللاعبين معرضين لخطر الاختراق
كون ألعاب الفيديو هي أحد صور التعامل والاتصال بالانترنت، فهي بالضرورة نشاط يعرضك للأخطار الموجودة على الشبكة، ولا يعني ذلك أن ألعاب الفيديو خطيرة في حد ذاتها، ولكنها كأي نشاط تقوم به على الانترنت، معرض ليتخلله بعض محاولات الاحتيال وسرقة المعلومات وهو موضوعنا الأساسي في مقالة اليوم.
تختلف المخاطر التي نتعرض لها كلاعبين من حيث طبيعتها، بعضها ناتج عن الاتصال بالإنترنت فقط، وبعضها الآخر ناتج عن التعامل مع أعداد كبيرة من الغرباء من خلف الشاشات وهو ما يزيد احتمالية التعرض للمخاطر بكل أنواعها، ففي دراسة نشرها المستشار محمد خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في مصر خلال المؤتمر الدولي الخامس الذي تنظمه كلية التربية للطفولة المبكرة بجامعة القاهرة عن الطفولة وتحديات العصر الرقمي قال بأن بعض التنظيمات الإرهابية تستخدم ألعاب الفيديو في تجنيد المراهقين والتلاعب بأفكارهم، وهو ما لا يندرج بشكل مباشر تحتب مفهوم “الأخطار السيبرانية” ولكنها دعوة لأن نتخذ مجال ألعاب الفيديو بالجدية الكافية التي تجعلنا نواجه المخاطر الناتجة عنه بذكاء سواءًا كانت أمنية أو أخلاقية. بالعودة إلى المخاطر الأمنية السيبرانية، فيمكننا اختصار المخاطر في النقاط الآتية:
- استخدام بطاقاتك البنكية في المعاملات الشرائية الخاصة بالألعاب: في حالات إجراء معاملات شراء من داخل الألعاب نفسها، أو حتى من المتاجر الرقمية مثل Steam و Epic و متجر بلايستيشن مثلًا.
- تحميل الألعاب المُقرصنة والتي قد تتضمن ملفات فيروسات يتم استخدامها ضدك لاحقًا مثل ملفات Torjan أو Ransomware و Malware، والتي تستخدم في اختراق جهازك بما عليه من بيانات أخرى.
- التعامل مع غرباء، وبالتالي هناك احتمال أن يكون أحدهم مُخترق، أو احتمالية تسريب معلومات زائدة عنك وعن مكان تواجدك أو الأماكن التي تتردد إليها.
- التجسس والتصنت على اللاعبين من خلال الحصول على إذن باستخدام ميكروفونات وكاميرات أجهزتك دون إذنك، خصوصًا في حالة ألعاب الموبايل.
إذا كانت النقاط السابق ذكرها قد أصابتك بالتعرق الشديد والقلق،فلا تقلق عزيزي القارئ، لأن كل من هذه المشاكل حلولًا سهلة التطبيق ومضمونةً النتائج، كل ما عليك هو قراءة الفقرة القادمة بحرص وتنفيذ ما تستطيع من النصائح لتتفادى أية مشاكل.
كيف إذًا نتعامل مع هذه التحديات ونتجنب الوقوع في مشاكل كبيرة؟
أولًا: تجنب تمامًا تجميل الألعاب المقرصنة، وحاول ألا يكون جهاز العمل خاص هو الجهاز الذي تلعب عليه
تعتبر الألعاب المقرصنة أحد أكثر الطرق شهرةً للتعرض لاختراق خصوصًا الفيروسات من نوع Ransomware وهي الأكثر خطورة على الساحة حاليًا حيث تعرض جميع ملفاتك للتشفير ويطلب منك دفع فدية مالية -عادةً ما تكون ضخمة- لاستعادة الملفات، وقد لا تسعيدها حتى بعد أن تدفع الغالي والنفيس في سبيل ذلك. يعود ذلك إلى أن الألعاب المقرصنة تحتوي في الأساس على برامج وأدوات لتفادي اكتشاف برنامج مكافح الفيروسات خاصتك لها، للحيلة التي تستخدمها لتشغيل اللعبة دون شراءها، وهو ما قد يحمل معه بعض الملفات الفيروسية أيضًا.
هناك نصيحة أخرى بهذا الصدد، حاول ألا يحتوي الجهاز الذي تستخدمه في اللعب على ملفات مهمة أو على الأقل لا تلعب على جهاز عملك الخاص بقدر استطاعتك. لهذا السبب يتجه الكثيرون للمنصات المنزلية للابتعاد عن هذا الصداع.
استخدم مكافح فيروسات قوي، واستثمر في ذلك
حسنًا، جميعنا يعرف بأنه في وطننا العربي ثقافة الاستثمار في برامج الحماية ليست الفكرة الأكثر انتشارًا، فأغلب المستخدمين يعتمدون على برنامج Windows Defender المثبت بالويندوز دون التوجه لشراء أو تنصيب برامج أكثر قوة. بينما يعتبر Windows Defender برنامجًا جيدًا، هناك بعض البرامج الأخرى التي تقدم حماية أكثر قوة وإفادة لهؤلاء الذين يتصفحون الانترنت ويلعبون الألعاب بانتظام. هذه البرامج قد تكون مكلفة ولكن تذكر دائمًا أن الاستثمار في أمانك وأمان معلوماتك أمرًا لابد منه في هذا العصر.
بعض البرامج التي أرشحها لك هي :
- Bitedefender
- Mcafee Antiviris و Mcafee Webadvisor
- MalwareBytes
لا تستخدم بطاقتك البنكية الأساسية في أي عملية شراء أونلاين
أحد النصائح التي أقدرها شخصيًا بسبب ما تسببت في تفاديه من مشاكل كبيرة، هي عدم ربط أي من حساباتك للألعاب (Steam, PSN, Xbox) ببطاقتك البنكية الأساسية. حاول دائمًا الحصول على بطاقة بنكية جانبية يكون رصيدك فيها ضئيل، لا يحزنك فقدانه كثيرًا كحل أمثل حتى تتفادى فقدان رصيدك بالبنك كله إذا لم تكن حريصًا.
لا تقوم بحفظ أي صور أو الدخول على روابط أرسلها لك شخص لا تعرفه حق المعرفة
قد تكون هذه النصيحة كليشيهة بعض الشيء، ولكن صدقني..الوقوع في هذا الفخ يعتبر أمرًا شائعًا بشكل لا يصدق. في بعض الأحيان تنهي مباراة تنافسية ممتعة مع أحدهم على الشبكة فيرسل لك صورة أو رابط بشكل مفاجئ فتقول لنفسك…ما هذا؟ ويلعب الفضول هنا دورًا كبيرًا في جعلك تريد معرفة ما لدى الطرف الآخر ليقوله أو يريك إياه، ولكن احذر هذا يا صديقي، لأن تحميل الصور أو الدخول على الروابط قد يعرضك بشكل مباشر إلى الفيروسات وملفات Malware.
تفقد استهلاك بطارية جهازك، وصلاحيات التطبيقات على هاتفك
إذا كنت تستعمل الهاتف في اللعب، تفقد بشكل مستمر صلاحية كل تطبيق جديد تنزله على الهاتف لكي تعرف ما إذا كان التطبيق لديه صلاحيه لاستخدام الميكروفون أو الكاميرا، ففي بعض الأوقات تطلب منا التطبيقات صلاحيات للميكروفون أو الكاميرا دون وجود حاجة ملحة في وظيفة هذه التطبيقات لتبرر ذلك، وقتها قم بإلغاء تلك الصلاحيات، لأنها على الأرجح إما محاولة للتجسس عليك وهو ما يحوله لخطر مباشر عليك من الابتزاز أو معرفة معلومات لا يجب على أحد معرفته، أو السيناريو الأكثر تفاؤلًا..أن تستخدم تلك الصلاحيات بطريقة غير شرعية لصالح القائمين على التطبيق بشكل تسويقي.
إذا كنت لا تعرف هذا، فقد نشرت صحيفة “بلومبرج” خبرًا في أغسطس 2019 تقول بأن “فيسبوك” سابقًا أو “ميتا” حاليًا كانت تدفع لبعض الأفراد لتفريغ محتوى الرسائل الصوتية التي يرسلونها لبعضهم من خلال المحادثات الخاصة لاستخدامها في أغراض إعلانية وبرمجة الذكاء الإصطناعي لإظهار المنتجات التي تحدث عنها الأشخاص لهم أثناء تصفحهم للتطبيق لزيادة فرصة شراءهم. لعلك لاحظت أن بعد حديثك عن جهاز PS5 الذي تنوي شراؤه أن إعلانات الجهاز ظهرت بشكل مكثف لك أثناء تصفح التطبيق. حسنًا، هذه ليست صدفة بل أمرًا كانت تقوم به شركة “ميتا” بشكل سري في السابق، وعلى الأرجح تستخدمه العديد من التطبيقات الأخرى دون معرفتنا. لذا عليك دائمًا تفقد الصلاحيات وإلغاء تلك التي لا تتناسب مع نوع التطبيق.
في النهاية، كان ما سبق كل ما تريد معرفه حول مفهوم الأمن السيبراني وطريقة التعامل مع المخاطر الناتجة عن لعب الألعاب بشكل مكثف. إذا اتبعت هذه النصائح فنسبة تعرضك للمخاطر ستهبط كثيرًا، وسيكون من الصعب على أي أحد أن يهدد أمن معلوماتك أو أن يستخدمها ضدك بأي شكل من الأشكال.