لا يثق العديد من الآباء في ألعاب الفيديو ولا يرغبون بوجودها في المنزل في أغلب الحالات، لأنهم يخشون أن تلحق الضرر بأداء أطفالهم في المدرسة، ومع ذلك فإن لدى ألعاب الفيديو العديد من الإيجابيات التي تشمل على تحسين قدرات التركيز والإبداع والذاكرة واللغات والعمل الجماعي وغير ذلك ما إن تم اتباع القيود والضوابط الخاصة، وكذلك تحديد الوقت المحدد المثالي للعب.
تهيمن ألعاب الفيديو اليوم على القطاع الترفيهي السمعي والبصري، متقدمة بفارق كبير على الموسيقى والسينما، حيث لا تستطيع حتى هوليوود التنافس مع قطاع يضم 3.2 مليار لاعب مُتابع ومخلص له حول العالم، وهناك ألعاب على وجه الخصوص تحوز على شعبية أكبر من غيرها لاسيما بين اللاعبين الأطفال واليافعين، وكمثالٍ على هذا لعبة Fortnite التي تحظى بأكثر من 230 مليون لاعب نشط شهريًا، ويعتبر هذا العدد تجاوزًا كبيرًا للحدود المعروفة يثير قلق المنافسين الأخرين من عمالقة مجالات الترفيه الصوتية والمرئية الأخرى مثل Netflix و Disney و HBO.
ما فوائد ألعاب الفيديو من ناحية التعلم واكتساب المعرفة؟
يمكن الوصول لفوائد ألعاب الفيديو الهامة من خلال التعليم القائم على الألعاب، حيث تستخدم بعض طُرق التعليم الجوانب المفيدة للألعاب لنقل المعرفة إلى الطلاب بأسلوبٍ سلسٍ وممتع وجذبهم وتشجيعهم على التعلم من خلال ذلك، وقد شهدنا جزءًا من ذلك في ألعابٍ مثل ماينكرافت التعليمية، ويمكن اعتماد هذه الأساليب التعليمية على ثلاثة عوامل رئيسية:
بث الحياة في التعليم: تستطيع الألعاب تحويل التعلم إلى تجربة ممتعة ومثيرة والابتعاد عن أسلوب التعليم التقليدي الممل أحيانًا، حيث تساعد الألعاب الطلاب على اكتساب وحفظ المعلومات دون أن يلاحظوا ذلك تقريبًا.
تعزيز دوافع التعلم: الطلاب هم الشخصيات الرئيسية في القصة ويتم مكافأة نجاحهم بالميداليات والأرواح الإضافية والمكافآت وما إلى ذلك، وكل هذا يجذب اهتمامهم للتعلم والعودة باستمرار لاكتساب المزيد بكل نشاط.
منح الطلاب فرصةً لأداء التجارب دون الانخراط بالأنشطة بنفسهم وبشكلٍ جسدي: يمكن للطلاب والمتعلمين في أي فئةٍ عمرية كانت تطبيق المعرفة التي اكتسبوها دون الدخول في مواقف قد تكون متعبة أو تحتوي على بعض المخاطرة، وهذا هوما تقدمه أجهزة محاكاة الطيران والملاحة على سبيل المثال.
____
لا تفوت: لعبة ماينكرافت التعليمية Minecraft Education تطلق مبادرة إنترنت آمن للأطفال
____
ماهي الألعاب الجادة وماذا يمكنها أن تقدم لمن يمارسها؟
هناك في مجال التعلم القائم على الألعاب ألعاب فيديو تعليمية خاصة تُعرف باسم “الألعاب الجادة”، وتسعى هذه الألعاب إلى تقديم موضوعات محددة مثل تدريب المهنيين بدءًا من ضباط الشرطة أو الطيارين إلى رجال الإطفاء أو العاملين في مجال الرعاية الصحية، واكتساب اللغات الأخرى وغير ذلك، وتُعد ألعاب الفيديو التعليمية الجادة سوقًا مزدهرًا، ومن المتوقع أن تصل قيمتها إلى 24 مليار دولار بحلول عام 2024 في الولايات المتحدة وحدها، بزيادةٍ وقدرها 685% عما كانت عليه في عام 2021، وذلك وفقًا للتوقعات التي نشرتها بوابة Statista، لذا دعونا نلقي نظرة على بعض هذه المنتجات:
- تعتبر Dragon Box بمثابة مقدمة للأطفال الصغار للهندسة.
- بينما يقوم برنامج Extreme Event بإعداد المتعلمين للتعامل مع الكوارث الطبيعية وتشجيعهم على العمل الجماعي.
- كما تقدم Pacific التدريب اللازم في مجال القيادة وإدارة الفِرق.
- وهناك لعبة Spore المفيدة للغاية لتدريس علم الأحياء، وتحديدًا تطور الكائنات الحية عبر الأجيال.
- وعلينا أن لا ننسى لعبة Duolingo التي تُسهل عملية تعلم اللغات الأخرى مثل الإنجليزية والفرنسية والألمانية.
- وأخيرًا Blood Typing التي طورتها الأكاديمية السويدية، التي تُعلم الطلاب والمهمتين الكثير عن زُمر الدم وعمليات وأساليب وشروط نقله من شخصٍ لأخر.
ماذا عن فوائد ألعاب الفيديو العامة لدى الأطفال؟
كان تأثير ألعاب الفيديو على المجتمع موضوعًا للعديد من الدراسات السابقة، حيث على سبيل المثال في عام 2014، نشر “أندرو برزيبيلسكي” عالم النفس في معهد الإنترنت بجامعة أكسفورد، دراسة في مجلة طب الأطفال تحدد المدة التي ينبغي السماح للأطفال بتخصيصها لألعاب الفيديو.
وخلصت الدراسة إلى أن الأطفال الذين لعبوا أقل من ساعة في اليوم كانوا أكثر استقرارا عاطفيا من الذين لا يمارسون ألعاب الفيديو في حياتهم، بينما أصيب الأطفال الذين لعبوا لمدة ثلاث ساعات تقريبا في اليوم بمشاكل اجتماعية أثرت بشكلٍ سلبي على علاقاتهم، لذلك عندما يتعلق الأمر بألعاب الفيديو فإن الاعتدال هو المفتاح، ومع ذلك علينا أن نذكر أنه بالإضافة إلى تحسين الألعاب بقدرات التعلم لدى الأطفال أو حتى البالغين، هناك فوائد أخرى أيضًا لذا دعونا نلقي نظرة على بعض منهم:
تسريع التفاعل و زمن الاستجابة: وجد الباحثون في جامعة روتشستر بأن الألعاب تُحسن وتسرع من مهارات استكشاف الأخطاء وإصلاحها من خلال طرح المشكلات التي يجب حلها ضمن وقتٍ زمني مُحدد.
التشجيع على العمل الجماعي: تعزز الألعاب الجماعية حسب دراسة صادرة عن منظمة معهد المستقبل في كاليفورنيا (IFTF) على قدرات ومهارات العمل الجماعي في حل المشكلات بالاشتراك مع أعضاء الفريق.
تحفز الإبداع والتركيز والذاكرة البصرية: وجدت جامعة كاليفورنيا بأن الألعاب تحفز هذه الجوانب من خلال تحديد الأهداف التي تتطلب التركيز والخيال وتذكر التفاصيل الدقيقة نوعًا ما لتجاوز العقبات.
تحسين القدرات الإستراتيجية والقيادية: تضع ألعاب الفيديو اللاعبين في موقع القيادة، وتشحذ قدراتهم على حل النزاعات، والتفاعل مع اللاعبين الآخرين واتخاذ القرارات الحاسمة بسرعة، وذلك استنادًا لدراسة صادرة عن جامعة بيتسبرغ.
تعليم اللغات الأخرى: وجدت جامعة هلسنكي بأن ممارسة الألعاب لاسيما الجماعية منها مفيدة لتعلم اللغات الأخرى، سواءًا كان ذلك من خلال الدردشة الصوتية أو النصية مع اللاعبين الأخرين أو من خلال التعليمات التي تظهر على الشاشة أو حتى التعرف على الحضارات والثقافات الأخرى وتاريخها خلال قصص الألعاب.
تعزيز التفكير النقدي: نشر معهد مونتيري للتكنولوجيا مقالًا يؤكد الأساس الأخلاقي والفلسفي والاجتماعي الكامن وراء هذه الألعاب، وقدرتها على جعل اللاعبين يفكرون ويعززون من قدرتهم على التفكير النقدي في العديد من مجالات الحياة.
ماهو دور الوالدين فيما يتعلق بألعاب الفيديو وكيف يمكنهم حماية أطفالهم من سلبياتها
بغض النظر عن الفوائد الكبيرة للألعاب لا يزال هناك الكثير من الآباء الذين يشعرون بالقلق بشأن تأثير ألعاب الفيديو السلبي، وهناك بالفعل ما يدعو للقلق حيث أدرجت منظمة الصحة العالمية في عام 2019 مُصطلح “اضطراب الألعاب” كأحد أنواع الإدمان السلوكي في تصنيفها الدولي للأمراض.
إذ عندما يتعلق الأمر بتعريف الأطفال بألعاب الفيديو، يجب على الآباء النظر في عدة جوانب قبل السماح لهم باللعب مثل نظام تصنيف محتوى ألعاب الفيديو العُمري PEGI، أو ما يعادله في الولايات المتحدة ESRB، الذي ينصح الآباء بشأن مدى ملاءمة ألعاب معينة أو عدم ملاءمتها من خلال تحديد عمر موصى به للاستخدام.
وقد قدمت مجلة Psychology Today مجموعة من التوصيات للآباء بما يتعلق بمراقبة محتوى الألعاب:
التحقق من محتوى اللعبة: يجب على الآباء ممارسة الرقابة على نوع ألعاب الفيديو التي يلعبها أطفالهم، وتفضيل الألعاب التعليمية بدلاً من الألعاب العنيفة والتنافسية في معظم الأوقات.
تشجيع الأطفال على ممارسة ألعاب الفيديو التعاونية: إذ أن ذلك يعزز التفاعل الاجتماعي وإقامة الصداقات والتحالفات، حيث من المهم أن يتجنب الآباء جعل الألعاب نشاطًا فرديًا لدى أبنائهم.
تحديد فترة اللعب اليومية: يجب على الآباء وضع القواعد والشروط للعب، على سبيل المثال يمكن السماح للأطفال باللعب لبضع ساعات بعد أداء الواجب المنزلي أو الأعمال المنزلية، وليس قبل ذلك.
اتباع توصيات الشركة المصنعة للعبة الفيديو: تضع بعض شركات تطوير الألعاب أحينًا بضعة شروط أو نصائح قبل اللعب، على سبيل المثال “لا تجلس قريبًا جدًا من الشاشة” و”لا تلعب في غرفة مضاءة بشكلٍ كبير” و”لا تلعب والشاشة مضبوطة على الحد الأعلى لمستوى السطوع”، وما إلى ذلك.
إن استخدام أي شيءٍ مهما كان مفيدًا لنا بشكلٍ مُفرط قد ينقلب إلى شيءٍ سلبي وضار لنا، بما في ذلك التمارين الرياضية والمبالغة في الحمية والصوم وأي شيءٍ أخر، وألعاب الفيديو دون شك ليست استثناءً لذلك، لذا بالإرشاد الصحيح ووضع الضوابط والقيود يمكن الوصول لفوائدها الكبيرة لاسيما عند أطفالنا من تقليل السلبيات الخاصة بها بنسبة كبيرة.
جميل