بداية العقد الماضي لم تكن الأفضل لألعاب الرعب، فقد ماتت عناوين ضخمة مثل Resident Evil و Silent Hill، وحتى العناوين الجديدة مثل Dead Space فشلت في جذب اللاعبين بجزئها الثالث، وكل الاستوديوهات اتجهت لصُنع ألعاب رعب تميل للأكشن للتكيف مع متطلبات السوق آنذاك. بعد أن فقدنا الأمل في الرعب الحديث، جاء استوديو جديد كليًا من العدم يُدعى Red Barrels ليُقدم لنا تحفة فنية تُعيد تجارب الرعب إلى مجدها. لعبة Outlast لم تُنقذ فقط صناعة ألعاب الرعب، بل فتحت منظورنا إلى أفكار جديدة كليًا استلهم منها كل المطورين بعد ذلك!
قصة Outlast عبقرية و مستوحاة من الواقع!
لعل أكثر شيء جذبني للعبة Outlast هي قصتها المميزة، حيث تلعب بشخصية صحفي خاص يُدعى Miles Upshur، وقد وصلت له رسالة من مجهول توضح أن مصحة الأمراض العقلية Mount Massive Asylum ليست مكانًا آمنًا للمرضى العقليين كما هو مُوضح للعامة، بل هنالك أمور بشعة تحدث بداخلها، ويجب على الصحفي أن يكشف سر هذا المكان للعالم!
من هنا تبدأ ملحمة جنونية تأخذك في رحلة غريبة الأطوار تواجه فيها المرضى العقليين داخل المصحة، ولكنك تتفاجئ مع تقدمك في اللعبة أن هؤلاء المرضى هم نتاج التجارب التي قامت بها شركة Murkoff (التابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية) على عقولهم، وفجأة تجد الأمر يعود لوقت الحرب الباردة و مشروع MK Ultra الشهير.
وهنا تبدأ التشابهات بين قصة Outlast وما حدث في الواقع أثناء الحرب الباردة، فالتجارب على المرضى النفسيين مكنت الحكومة من التحكم فيهم واستخدامهم لتنفيذ الاغتيالات ومختلف المهام. إنها حرفيًا تطبيق حي لفكرة غسيل الدماغ التام وصُنع شخص جديد من الصفر وتكوينه بأفكار وأيديولوجيات تخدم هؤلاء من يقومون بالتجارب!
كل هذا يُضاف عليه ظهور شيء يُشابه الشبح في اللعبة (الـ Walrider)، لكننا نفهم أنه تجربة علمية تمكنوا فيها من نقل وعي شخص حي إلى تجمعات من تقنية النانو، لتُشكل كائن حي قوي قادرًا على تقطيعك في ثوانٍ معدودة. إنه جنون بمعنى الكلمة!
قصة Outlast مُعقدة، ومليئة بالشخصيات والأحداث الضخمة التي استمرت على مدار 50 سنة وأكثر تقريبًا، وكل هذا يتم شرحه باستفاضة على مدار أحداث الجزء الأول والثاني و The Outlast Trials الذي يأخذنا في رحلة عبقرية لتاريخ السلسلة أثناء الحرب الباردة، بالإضافة إلى مجموعة من الكوميكس المُصورة. لذلك توقعوا منا مقالة كبيرة مستقبلاً نشرح فيها قصة هذا العالم بأكمله ونربط الأحداث ببعضها البعض.
أسلوب اللعب وتقديمه لأفكار مُبتكرة على عالم الرعب
تعودنا من كل ألعاب الرعب على احتوائها على منظومة قتال، حتى ولو كانت خفيفة لغرض الدفاع عن النفس مثل Silent Hill 2 و Dead Space، أو منظومة قتال كاملة لأنك جندي أو ضابط شرطة مثل سلسلة Resident Evil، لكن الجديد في Outlast هو أن كل شيء يتمحور حول الركض والاختباء من الأعداء حيث لا يمكنك الصمود أمامهم وجهًا لوجه.
هل هي أول لعبة قدمت هذه الفكرة؟ لا فقد جاءت قبلها Amnesia وغيرها من ألعاب الرعب، لكن Outlast هي أفضل لعبة قدمت منظومة الركض والاختباء من الأعداء وعدم قدرتك كبطل اللعبة في الدفاع عن نفسك. أنت هنا حرفيًا غير قادر على فعل أي شيء، فأي مواجهة مع أي عدو في اللعبة ستؤدي إلى موتك بضربتين أو ثلاثة على أقصى تقدير، فأنت في نهاية المطاف شخص عادي يتجول داخل أروقة مستشفى للأمراض العقلية مليئة بالمختلين والمجانين الذين يريدون القضاء عليك في أقرب فرصة!
اللعبة مليئة أيضًا بالمطاردات العبقرية التي يرتفع فيها أدرينالين جسدك وتشعر بأنك تريد الركض أسرع وأسرع رغم أن بطل اللعبة لديه سرعة مُحددة. صوت المجانين وهما يطاردونك مع الموسيقى التصويرية العبقرية من المُلحن Samuel Laflamme جعلت من مطاردات Outlast تجربة رعب مختلفة تمامًا عن أي لعبة أخرى، وشخصيًا أجد مطاردات هذه السلسلة هي الأفضل بين كافة ألعاب الرعب تقريبًا.
كل هذا يتجمل بأفضل شكل ممكن مع منظومة الإضاءة في اللعبة، فأنت هنا لا تستخدم كشاف يدوي أو مصباح مثل كل ألعاب الرعب التي سبقتها، بل قدمت لنا Outlast منظومة إضاءة ليلية اشتهرت بها ونسختها باقي الألعاب بعدها، وهي الإضاءة الليلية!
إذا سألت أي شخص عن Outlast فأول ما سيأتي في باله هي الإضاءة الليلية الخضراء التي تخرج من كاميرا البطل وتساعده في التنقل داخل أروقة المصحة النفسية، فتلك الإضاءة أضافت على رعب اللعبة بشكل كبير خاصةً وانك تضطر إلى البحث عن بطاريات حتى تعمل بها الكاميرا، وإذا فقدت كل البطاريات ستجد نفسك في ظلام شبه دامس. فكرة استخدام الكاميرا نفسها كانت جديدة كليًا، وإحدى مشاهد اللعبة التي تفقد فيها الكاميرا جعلتك تشعر وأنك فقدت حياتك كُلها.
السلسلة تستمر في التقدم!
بعد الجزء الأول بأقل من أربعة سنوات، حصلنا على جزء ثاني رائع أضاف على قصة اللعبة وربطها بأفكار جديدة كليًا، وقدمنا لبيئة مختلفة حيث زُرنا صحاري أريزونا بالولايات المتحدة. اللعبة كانت أكثر رعبًا من ناحية المطاردات والأعداء والدموية وكانت أكثر ظلامًا بكثير من الجزء الأول من ناحية الإضاءة، فأنت معظم الوقت حرفيًا تتجول في أرض قاحلة ليس بها أي نور، بل وتدخل تحت الأرض لتشعر بضيق تنفس في بعض المواقف.
اللعبة لعبت أيضًا على جانب الرعب النفسي أكثر من رعب الخضات على عكس الجزء الأول، وفي بعض الأحيان كانت تُشعرك بالجنون من اختلاف المشاهد المفاجئ الذي يحدث أمام عينك كلاعب. لكنها لم تلقى استحسان اللاعبين مثل الجزء الأول، فالقصة الأولى كانت أقوى وأحب اللاعبين شخصيات الجزء الأول أكثر.
حاليًا اللعبة الثالثة في السلسلة The Outlast Trials لا يزال يتم دعمها بالكثير من المحتوى، فهي تجربة أونلاين تعاونية تُقدم تجربة لعب أشبه بالجزء الأول من ناحية الرعب، لكنها أضافت إمكانية الدفاع عن النفس بأكثر من طريقة، ويمكنك تجربتها بالكامل مع أصدقائك في لعب تعاوني تم إضافته لأول مرة على السلسلة.
شخصيًا أجد The Outlast Trials هي أفضل أجزاء السلسلة من ناحية أسلوب اللعب حيث لا أمل منه إطلاقًا، فقد حافظت على ماضي السلسلة وطورت منها بشكل أسطوري، لذلك فهي تستحق مقالة خاصة بها نتحدث عنها باستفاضة ونذكر كل ما هو جديد فيها، فانتظروها قريبًا، ولا تنسوا مشاركتنا آرائكم حول سلسلة Outlast!