تمتلك صناعة الألعاب رجالًا يتمتعون بالكثير من الأضواء المسلطة عليهم، هؤلاء الرجال يمثلون “نجوم” صناعة الألعاب، ولكل صناعة نجومها الذين تتذكر وجوههم كلما ذكرت اسم تلك الصناعة، أحد هؤلاء الرجال الذين تتجه الأضواء لتركز عليهم في الفترة القادمة هما Todd Howard -مخرج لعبة Starfield- و Phil Spencer- رئيس إكس بوكس- إذ يعتبر الكثيرون بأن لـ Starfield الكلمة الأخيرة في إنقاذ أو إغراق “علامة إكس بوكس” لوقت طويل.
إذ أن الكثير من الأحداث والمحطات التي مر عليها اللاعبون مع “إكس بوكس” ساهمت في جعل وضعها حرج، وفي حاجة ماسة إلى نجاح كبير، ويا للصدفة! Bethesda أيضًا تحتاج إلى نجاح كبير ينتشلها من التخبط الذي حل بها من بعد Fallout 76! كيف ولماذا تحمل “ستارفيلد” على عاتقها مستقبل شركتين من أكبر شركات “صناعة الألعاب”، هذا ما أنوي الكتابة عنه في مقالنا لليوم.
ينتظر اللاعبون ليعرفوا ماذا حدث لـ Todd Howard الرجل الذي امتلك لمسة ميداس في يوم من الأيام
لمدة طويلة من الزمن، اعتبر مجتمع اللاعبون Todd Howard المخرج الذي يمثلهم جميعًا كلاعبين شغوفين بالألعاب، وهناك من جعل منه أسطورة في مكانه لا يمكن الوصول إليها، إذ أنه المسؤول عن مجموعة كبيرة من أفضل ألعاب من نوع التقمص/RPG على الإطلاق، منها The Elder Scrolls Oblivion و Skyrim و Fallout 3 وهي جميعها ألعاب حاصلة على لقب “لعبة السنة” بالإضافة إلى Fallout 4 التي حققت مبيعات خرافية بـ 13.51 مليون نسخة رغم عدم كسبها لعبة السنة، التي كانت جائزة من نصيب The Witcher 3.
بقي اسم “تود هاورد” لفترة طويلة عاليًا لا يمكن التشكيك في جودة مشاريعه حتى جاءت لعبة Fallout 76 التي لم يكن “تود” مخرجها وإنما كان منتجها في مراحلها المبكرة، ولكنه شارك بشكل مكثف في الترويج لها ولما تقدمه من “جديد” على تركيبة اللعب والأداء التقني حتى أنه قال بأن محرك اللعبة وفر لهم مستوى تفاصيل يصل إلى 16 مرة أكثر من نسخة المحرك الذي تم استخدامه في Fallout 4، ليتحول ذلك التصريح لاحقًا إلى أحد أشهر تصريحاته على الإطلاق، واحد أبرز لحظات مؤتمر E3 الشهير.
منذ هذه اللحظة، لم نرَ مشاريعًا جديدة لاستديوهات Bethesda والمبتكر Todd Howard ولا نعرف هل استطاع الفريق التعافي من المشاكل التي تسببت في الشكل النهائي للعبة Fallout 76 أم لا، كل ما نعرفه هو أن “ستارفيلد” هي أول مشروع كبير للاستوديو منذ Fallout 76، وأنها تعود بنا إلى أجواء اللعب الفردي الذي أحبه الجميع من “بيثيسدا”، فهو في نهاية المطاف مشروع من النوع الذي يجيده الاستوديو كل الإجادة، ولكنه أيضًا أكثر مشروع طموح لهم، فهل يخلو من المشاكل؟
تمثل Starfield الفرصة الأكبر لـ “تود هاورد” ومن خلفه استديوهات “بيثيسدا” لتعود إلى “أحضان اللاعبين” إن صح التعبير، وأن تثبت بأن Fallout 76 كانت مجرد كبوة، تمامًا كما سيكون مشروع استوديو CD Project Red القادم. ولكن للأسف، يتزامن ذلك مع ظروف غير مريحة تمر بها Xbox نفسها والتي يطالبها اللاعبون بتعويضهم عن عام 2022 الذي كان خاليًا من الحصريات الضخمة، وكان من المفترض أن تكون Redfall هي أولى الألعاب التي تخرج مستخدمي أجهزة مايكروسوفت من هذه العزلة المريرة، ولكن مع فشل Redall -على الأقل في ذلك- يمكننا القول أن الاعتماد كله أصبح على Starfield بشكل قد يكون سلبيًا.
Xbox: بين وعودًا بجلب الحصريات والتأكيد على أن لا نية “منافسة سوني وNintendo”
إنه لمن البديهي أن يضع اللاعبون آمالًا كبيرة على عنوانك ويترقبونه ولكن بالطبع ليس شيئًا جيدًا أن تبدأ تلك الحالة المترقبة في التحول إلى التشكيك في قدرات شركتك، وهذا هو الواقع الذي وضعا “مايكروسوفت” و”فيل سبنسر” نفسهما فيه، فعلى ما يبدو قد لا يحتوي العام الحالي على حصريات جديدة سوى “ستارفيلد”، إلا أنه علينا الانتظار حتى حدث Xbox القادم في 11 يونيو لكي نتأكد.
ولكن على أي حال، إن لم يحصل اللاعبون على حصرية جديدة بجانب Starfield، تتحول الأمور إلى ظروف شبه تعجيزية ستضطر “ستارفيلد” لمواجهتها لإنقاذ “إكس بوكس” من حالة خيبة الأمل الحالية.
إنه بالفعل لأمر صعب، ولكن دعني ألفت نظرك إلى أن تصريحات “سبنسر” الأخيرة جاءت ببعض التأكيدات أنه لا يطمح ولا يريد أن ينافس “Nintendo” و “Sony” في حصرياتهم، قائلًا بأنه حتى إن حصلت “ستارفيلد” على تقييمات 11/10 لن يجبر ذلك اللاعبين على بيع منصات PS5 خاصتهم، وقد يكون هذا نوع من أنواع الاستسلام، والاعتراف بأفضلية المنافس، ولكنه أيضًا قد يكون محاولة أخيرة لرفع الضغط عن مطوري ألعاب الطرف الأول لإعطائهم الفرصة للعمل بدون ضغوطات كبيرة، ولكن هل يقلح الأمر؟
هناك الكثير من الحسابات التي تعقد الأمور، فالتخلص من الضغط لا يضمن نجاح كامل للألعاب القادمة، ولا يوجد لعبة واحدة مهما كانت قادرة على وضع “إكس بوكس” في المنافسة مجددًا، فالحقيقة هي أن علامة “إكس بوكس” التجارية تحتاج إلى سنوات وسنوات من العمل لكي يصبح لديها مكتبة كاملة من الألعاب التي قد يفكر اللاعبون في شراء المنصة فقط لتجربتها.
وقتها فقط يصبح لـ”سوني” منافس حقيقي في السوق، ولكن على ما يبدو أن عام 2023 ليس هو العام الذي يشهد عودة “إكس بوكس” حتى وإن كانت “ستارفيلد” تجربة خرافية، فهي في نهاية المطاف لعبة واحدة، وموجهة لشريحة محددة من اللاعبين، وليست لعبة لعامة اللاعبين.
رأي شخصي: لا تحملوا Starfield أكثر مما تتحمل!
لا يجب أن يجعلنا الوضع متحاملين على “ستارفيلد” وقت صدورها وننتظر منها أن تكون لعبة مثالية بلا أخطاء تقنية ولا بعض الجوانب المتواضعة. هذه هي أول لعبة أصلية جديدة (New IP) من Bethesda منذ زمن طويل، وهو أكثر العناوين التي حاولت الشركة فيه أن تجرب أشياءً جديدة أولها مثلًا فكرة الألف كوكب واستخدام ميزة التوليد العشوائي (Procedural Generation) لبناء تلك الكواكب من الصفر.
كيف نتوقع ألا تكون هذه اللعبة بها مشاكل تقنية؟ قد يقول بعض اللاعبين أن لهذا السبب بالتحديد تم تأجيل اللعبة من نوفمبر 2022 إلى السادس من سبتمبر 2023، وأن الشركة الأم “مايكروسوفت” تأكدت من أن اللعبة ليست دون مستوى معايير ألعاب الـ AAA خصوصًا بعد إطلاق Redfall الكارثي، ولكن هناك أيضًا من الأدلة ما يشير إلى أن المشاكل التقنية هي جزء من ألعاب “بثيسدا” عند الإطلاق خصوصًا، فإطلاق Fallout 4 لم يخلو من المشاكل في الأسابيع الأولى كما أن المخرج “تود هاورد” قد خرج في أحد اللقاءات الصحفية قائلًا “يمكننا التضحية بمعدل ال60 إطارًا بالثانية إذا تطلب الأمر لأننا نؤمن أن 30fps معدل كافي، وإذا تطلبت ألعابنا التضحية بهذا الجانب لتقديم آليات لعب أكثر وأعمق، كان بها”.
قد يبدو لك التصريح عاديًا في بادئ الأمر، لكن عند إمعان النظر فيه، أوليست هذه هي العقلية التي أدت إلى حالة Redfall؟
لا يجب الاتجاه إلى التشكيك المبالغ فيه في مشروع “ستارفيلد”، حيث أنه في النهاية يمتلك كل المقومات التي تجعله على الأقل تجربة ممتعة تستحق الوقت الذي سنمضيه جميعًا معه، وكونها لعبة “جيم باس” يجعلها تستحق أكثر واكثر، ولكن لا يعني ذلك أن اللعبة من المطلوب منها أن تكون مثالية بكل شيء، فأي تجربة جديدة -وغالبًا جزء أول – من سلسلة ممتدة يأتي على الأرجح بمشاكله التي يتم حلها مع الأجزاء التالية، ولذلك علينا أن نكون منطقيين عندما نتحدث عن “ستارفيلد” وقت إصدارها.
في النهاية، لا أحسد السيد “تود هاورد” واستوديوهات “بيثيسدا” على الوضع الذي هم فيه الآن، خصوصًا بعد إطلاق Fallout 76 والتوقعات العالية للغاية منهم مع مشروع “ستارفيلد”، الذي هو مشروعهم الأكثر طموحًا.
ولكن أعتقد وأن النظر بشكل عادل إلى “ستارفيلد” سيجعلك متفائلاً أكثر من أي شيء لأن ذلك المشروع هو واحد من أكثر المشاريع التي أراد “تود هاورد” العمل عليها منذ زمن بعيد ولكن الظروف لم تسمح.
عادةً إذا عمل هذا الرجل على أي مشروع بشغف كبير يكون هذا المشروع هو جنة لاعبي الـRPG الجديدة، ولذلك أنا شخصيًا متحمس لتجربة “ستارفيلد” وقت الإصدار، حتى وإن لم تكن على قدر التطلعات في “إنقاذ مايكروسوفت”، ما زلنا أمام تجربة تستحق أن نخوضها.