منذ الإعلان عن لعبة Marvel’s Spiderman من تطوير أستوديو Insomniac Games كانت التحديات أمام الاستوديو واضحة. لقد رأينا العديد من الأفلام والألعاب التي قدمت سبايدرمان كبطلها الأساسي وكلها ركزت إما على محاكاة الأفلام أو القصص المصورة وكانت النجاحات الأكبر لألعاب شخصية سبايدرمان دائمًا ما تقترن بالابتعاد عن الأفلام، وتقديم قصص أصلية مستقلة مستمدة من عالم مستمر وآخرها كان عنوان Web Of Shadows ولكن مع تقديم سلسلة Batman Arkham توليفة طاغية النجاح لأي لعبة بطل خارق تريد تحقيق نجاحًا مماثلًا. إنها فرصة ذهبية من سوني لاستغلال حملها لحقوق شخصية سبايدرمان، بتعاون مليء بالتحديات مع مطور واعد، فهل نجحت؟ إليكم مراجعة Marvel’s Spiderman.
القصة بدون حرق
تدور أحداث القصة حول بيتر باركر (سبايدرمان) الذي ينجح في مساعدة الشرطة في القبض على( ويلسون فيسك) أو كما يعرف في أوساط المجرمين Kingpin وتسعى عصابات المدينة لملأ الفراغ الذي تركه في الشوارع، والسيطرة على الموارد التي امتلكها. تظهر عصابة جديدة بقيادة مجهولة تحت اسم Inner Demons يحاول سبايدرمان التعامل معها وكشف أسرارها وهوية قائدها.
هذه العصابة ليست الخطر الوحيد الذي يحاول سبايدرمان مواجهته فكل أعداء الرجل العنكبوت يظهرون في تلك الفترة ويحاولون استغلال الفرصة والقضاء عليه. هناك ما يقارب ال6 أعداء أساسين بمعارك خاصة بهم، بالإضافة إلى الأعداء الذين تم توزيعهم على إضافات اللعبة الثلاثة والتي صدرت بعد صدور اللعبة من خلال حزمة Season pass.
قصة اللعبة رائعة وتم سردها بشكل مميز ومختلف عن أي وقت مضى. لم يتم التطرق للخطوط العريض لأي قصة سبايدرمان سابقة مثل موت العم بن مثلًا أو قصة بداية اكتسابه للقدرات الخاصة وإنما شاهدنا شرير أساسي جديد لم نره من قبل في الألعاب أو الأفلام الخاصة بالشخصية وهو ما جعلها جديرة بانتباه اللاعب. وحتى الأداء التمثيلي كان رائعًا من البطل وطاقم التمثيل كله خصوصًا شخصيات دكتور أوتو وماري جين ومايلز موراليس، جاعلة قصة Marvel’s Spiderman واحدة من أفضل قصص الألعاب على الإطلاق من حيث طرق السرد وملحمية الأحداث.
أسلوب اللعب
هنا نكون أمام مفترق طرق فهناك من سيصف أسلوب اللعب بغير الأصلي كونه يتبع تركيبة أسلوب اللعب التي قدمتها سلسلة Batman Arkham ولكن ليس لا يتم تقييم الألعاب هكذا، فشخصية سبايدرمان لها خصوصيتها وتركيبة أسلوب اللعب ولو لم تكن أصلية 100% إلا أنه تم معالجتها لتناسب خفة ظل ومرح شخصية سبايدرمان التي لا تأخذ الأمور بشكل جاد في كل الأوقات.
أسلوب اللعب هنا يعتمد على القتال والاستكشاف وإتمام المهمات الجانبية لجمع النقاط التي تسمح لك بتطوير الشخصية على صعيدي فتح بدلات جديدة أو ترقية قدرات الشخصية من خلال شجرة مهارات كبيرة. كما يمكنك فتح أدوات جديدة لاستخدامها في المعارك مثل العناكب الآلية التي تساعدك في القتال.
في ألعاب العالم المفتوح عادةً ما تكون المهمات الجانبية المكررة عنصرًا منفرًا من التجربة لكن عندما يكون التحرك والتنقل في العالم هو أمتع شيء يمكنك فعله بشخصية سبايدرمان بفضل نظام التأرجح وفيزيائيته الواقعية فإنك لن تمانع أبدًا التكرار.
التكرار هنا موجود، لكنه يميل لكونه على الجانب الحميد فمثلًا هناك نوعية مهمات جانبية تجمع فيها حقائب ظهر تركها بيتر باركر في لحظات مختلفة من حياته كالرجل العنكبوت ليهم لإنقاذ الموقف. هذه الحقائب تفتح لك تعليق صوتي على محتواها عندما تقوم بجمعها وعلى الرغم من بساطة هذا العنصر كمحتوى إلا أنه أعطى لشخصية بيتر باركر ماضٍ كامل كنت متشوق دائمًا لمعرفة المزيد حوله.
هناك أيضًا الجرائم العشوائية والتي تتراوح بين إيقاف سرقات محال المدينة، إلى مطاردة سيارة يهرب بها المجرمون من مسرح الجريمة، وكلها مهمات ديناميكية من شأنها إشعارك بحيوية العالم وسيران الأحداث فيه بدلًا من شعورك بأنه قالب صمم فقط لكي تدور فيه أحداث القصة. المزيد حول هذا الجانب في فقرة الحديث عن عالم اللعبة.
إذا أردت مهمات مخصصة لجمع النقاط وتجربة مهاراتك الجديدة على الاشرار يمكنك إتمام مهمات مخابئ عصابات فيسك التي تشبه ما قد تتوقعه من ألعاب العالم المفتوح. فهي تجمعات للأعداء يمكنك اقتحامها إما بالتسلل أو بالقتال المباشر ويكون عليك القضاء على من فيها من أعداء بشكل كامل.
لحسن الحظ، سعى المطور إلى كسر الروتين بين كل حين لآخر في أسلوب اللعب وجعلنا نتحكم بشخصيات أخرى بجانب سبايدرمان مثل Miles Morales و Mary Jane واللذين لم يمتلكا أي قدرات خارقة في ذلك الوقت، لذا كانت مهماتهم كلها تعتمد على التخفي، كما أننا نلعب في بعض الأحيان ببيتر باركر نفسه خارج حياته كبطل خارق.
مهمات Mary Jane واعتمادها على التسلل لم تكن سيئة كفكرة وإنما اعتمد التنفيذ على بعض التمطيط والاعتماد الزائد عليها في سير القصة محاولًا إيهامك بأن دورها محوري، ولكنه لم يكن كذلك..أو على الأقل لم أشعر أنا بذلك. لذا لم أعجب كثيرًا بالمهمات التي تحكمت فيها بماري جين أثناء إجراءها تحقيقاتها الصحفية ولكني أقدر محاولات المطور لكسر النمطية.
التجربة السمعية والبصرية…متعة للعين والأذن
تصميم العالم المفتوح جعل مدينة نيويورك واحدة من أجمل البيئات التي رأيتها في حياتي. حجم التفاصيل والحيوية التي تمتلكها هذه النسخة من المدينة غير مسبوق، على الرغم من أننا نراها كثيرًا في الألعاب إلا أن هذه المرة هي أجمل من أي مرة سابقة والتفاصيل مضاعفة بدايةً باختلاف الأحياء عن بعضها وصولًا لتفاعل المارة مع سبايدرمان وحتى كم السيارات والمواطنين المتواجدين في شوارع المدينة. هذه المدينة جعلتني أشعر وأنني أعيش فيها وأنتمي لها تمامًا(بيتر باركر).
تختلف المدينة كثيرًا على مدار لحظات اليوم، ففي لحظات الغروب تبدو جميلة وهادئة، وليلًا تبدو ضخمة لا تعرف للهدوء مكانًا، أما في الصباح فهي هادئة وجميلة. هي بيت سبايدرمان الذي لا يعرف غيره. يزيد من جمال المدينة شخصيات اللعبة الجانبية مثل Miles Morales وعائلته الصغيرة، وشخصية Yuri المحققة في شرطة المدينة، ودكتور أوتو أوكتافيوس. هذه الشخصيات تم تصميمها بشكل أكثر من رائع كتابيًا وبصريًا.
تمتلك Marvel’s Spiderman تحريك لوجوه الشخصيات من أفضل ما رأيت في الصناعة. حتى بيتر باكر تم تحسين وجهه وتعيين ممثل جديد وإعادة إلتقاط حركات وجهه كاملةً في نسخة الريماستر التي كانت بمثابة ترقية للجيل الجديد لتكون بذلك جميع وجوه الشخصيات مثالية.
أما عن الموسيقى، فحدث ولا حرج يا صديقي. فهي واحدة من أفضل الموسيقى التي قدمت في عمل مقترن بشخصية سبايدرمان. فهي من تلحين العظيم John Paesano المسؤول عن ألحان سلسلة أفلام Maze Runner وفيلم Superman/Batman: Apocalypse وهو متمرس في تقديم ألحان ذات إيقاع مرن مناسب للأحداث، مع لحظات ملحمية مناسبة لأجواء الأبطال الخارقين والأكشن.
في النهاية، يمكننا نعت لعبة Marvel’s Spiderman بلقب أفضل لعبة لبطل خارق على الإطلاق نظرًا للجودة التي تقدمها في كل نواحيها. تصميم العالم، كتابة القصة، جودة الشخصيات والمقاطع السينمائية ومتعة أسلوب اللعب من قتال وتنقل. لا تتوقع أفكار ثورية، ولكن توقع منتج فائق الجودة على غرار جميع حصريات سوني.