كثيرة هي ألعاب Indie المستقلة التي تُحاول جاهدة التميز عن بعضها البعض، فمنذ بداية شهرة هذه الألعاب المميزة وصغيرة الحجم وحتى يومنا هذا، هناك ألعاب قليلة استطاعت سطر اسمها في كتب التاريخ من أمثال Hollow Knight إلى Cuphead و Limbo وغيرها، أما لعبة اليوم، فقد كانت طموحة للغاية لتجد مكانًا لها ضمن تلك الألعاب، لكن طموحها كان سبب وقوعها من تلك المرتفعات كما سنتعرف في مراجعة The Last case of benedict fox.
يُشكل نمط MetroidVania والذي كانت ألعاب Metroid و Castlevania رائدة به ملاذًا آمنًا للكثير من تجارب الألعاب المستقلة، فهو نمط سهل التصميم ويتيح للمطورين التركيز على النواحي الفنية والقصصية دون الاضطرار لصرف الأموال الطائلة على تصميم اللعبة بحد ذاتها، لكن ماذا سيحدث إن أهملت تصميم المعارك بشكل كامل على حساب النواحي الأخرى؟ هذا ما حصل هنا.
محقق ذكي في عالم خارق للطبيعة
تأخذنا قصة The Last Case of Benedict Fox في رحلة بطلها المُحقق الذي يُرافقه مخلوق خارق للطبيعة لاكتشاف سبب موت والده، حيث ستمضي ساعات اللعبة الطويلة تتنقل ما بين العالمين الحقيقي والخيالي لتحل الألغاز المختلفة وتحاول الوصول إلى الحقيقة، كما أنك ستقاتل العديد من المخلوقات الشريرة والحُراس في واحد من أضعف أنماط القتال التي شهدناها في لعبة Indie حتى الآن، وهو أمر مؤسف للغاية خاصة مع إعجابنا بألعاب المطورين Plot Twist و Rogue Games Inc السابقة، كما أن الأمر يزيدنا حزنًا لأن التجربة كاملة يُعيقها نمط القتال الضعيف.
اضغط E لتقوم بالصد
مشكلة The Last Case of Benedict Fox ليست في ألغازها المميزة والتي تستغرق بعض الوقت لحلها، فهي ممتعة وتُعطيك حس الإنجاز حال قيامك باكتشاف اسرارها، كما أن التنقل بين البيئات وعلى الرغم من ركاكته إلا أنه لا بأس به، لكن مشكلتنا الكبرى هي في نمط القتال.
ستُضطر في هذه اللعبة إلى استخدام أسلحتك اليدوية للقضاء على أعدائك، وهو أمر ليس بالسيء بحد ذاته فالكثير من الألعاب توفر لنا نمط قتال يدوي مثل Have a Nice Death دون أن تُشعرك بأنك ضعيف كما ستشعر هنا، فالضربات التي تقوم بها تُلحق ضررًا ضعيفًا وتتطلب منك تكرار الهجمات ذاتها لعدة مرات حتى تستطيع التخلص من العدو، هذا إن استطعت أن تتصدى لضرباته أيضًا، وعلى الرغم من توفير مسدس في حوزتك يستطيع التخلص من الأعداء بسرعة إلا أنه محدود الذخيرة والطريقة الوحيدة لتعبئتها هي بإلحاق الضرر بالأسلحة اليدوية.
يؤسفني حقًا رؤيتي لهذا التوجه الفني الرائع والألغاز المُتقنة والممتعة والتي لربما لن يختبرها الكثيرون وذلك بسبب الساعات الأولى المملة للعبة والتي يحمل ذنبها نمط قتالي غير متقن ذو استجابة سيئة.
منذ أن قامت ألعاب Dark Souls بزيادة شهرة ميكانيكية التصدي أو “Parry” في عالم الألعاب، باتت معظمها تسعى لتقديم تلك الفرصة المؤقتة لشخصيتك ليتمكن من تفادي الضرر مثل Resident Evil 4 Remake التي أتقنت ذلك بامتياز، إلا أن الأمر يصبح مزعجًا حينما لا تمتلك أية طريقة أخرى للدفاع عن نقاط صحتك سوى بضغط زر “E” في حركة لا يمكن التنبأ بها وذلك استعدادًا لهجوم العدو الذي قد يبدو مُبهمًا وسريعًا أحيانًا، مما سيعني تلقيك الضرر في معظم المواجهات.
هناك أيضًا إمكانية التفادي، لكن ضغط زرين سويًة لإتمامها هو أمر وجدته مُزعجًا في معظم الحالات كما أن الأمر لا يعمل بشكل جيد مع الكثير من هجمات الأعداء والذين سيطيرون عبر الشاشة ليلحقوا بك الضرر. أتفهم رغبة المطورين بتقديم نمط قتالي به روح التحدي، لكن نقاط الصحة القليلة للغاية وخيار تصدي صعب التنفيذ ليس ما افكر به حينما أقول بأنني أُحب التحدي، فلا يجب أن أقوم بتحدي أنظمة اللعبة بنفسها حتى أتمكن من الاستمتاع باللعب!
طموح كبير لكن دون جدوى
بخلاف القتال المباشر، فهناك عدة أنظمة عليك معرفتها عند لعب The Last Case of Benedict Fox، فهناك فنان وشم غامض سيقوم تحديث قواك الخارقة باستخدام “الحبر” الذي تجمعه من الوحوش التي ستقاتلها (وهو شبيه بنقاط Exp ستخسرها إن قمت بالموت، إلا في حال عودتك للمكان ذاته لالتقاطها بشكل شبيه بألعاب Souls)، وبالرغم من تلك التحديثات إلا أن نمط اللعب الأساسي يبقى ذاته: قم بقتال بعض الوحوش المزعجين، حُل الألغاز، تنقل عبر البيئات من خلال القفز ضعيف التنفيذ، وانتقل للمرحلة التالية.
نظام حل الألغاز والتفاعل مع الأدوات هو الآخر مميز هنا، لكن ذلك لا يشفع لطريقة التحكم التي عادة ما تقوم بخيانتي لأقوم بتفويت قفزة ما أو أموت عند وحش مزعج، ليتم بعد ذلك اعطائي الخيار للعودة إلى نقطة من النقاط التي قمت باكتشافها في تلك الخريطة وإعادة الكرة من جديد.
نمط فني مذهل وقصة مثيرة للاهتمام
حسنًا، بعدما قمنا بالحديث عن سلبيات هذه التجربة فقد تظن بأنني لا أنصحك بلعب The Last Case of Benedict Fox، إلا أن الأمر ليس كذلك بشكل كُلي حقًا، فهناك الكثير لتحبه هنا خاصة إن كنت من معجبي نمط Lovecraft الفني، فالرسوميات هنا شديدة الإبهار بالنسبة للعبة من هذا الحجم، والنمط الفني يتنوع من كونه خيالي إلى كونه مقزز (بطريقة إيجابية).
يُساعد في جلب هذا النمط الفني الرائع استخدام المطورين لطريقة عرض 2.5D، والتي تعني نماذج ثلاثية البعد لكنها من منظور ثنائي الأبعاد يُعطيك حس قراءة قصة مصورة أو رواية منسوجة باحترافية واتقان، كما أن القصة بالرغم من بساطة مبدأها إلا أنها تحمل الكثير من الأحداث المُشوقة لمحبي الغموض والألغاز.
تجربة فريدة من نوعها ولكن
في نهاية المطاف لا يسعني سوى أن أتخيل ما قد تكون عليه لعبة The Last Case في حال لم تمتلك نمطًا قتاليًا على الإطلاق، فبكل صدق، لم تحتج لتقدم لي تلك الساعات الطويلة من نمط اللعب الغير ممتع كطريقة لأخذي في هذه الرحلة المميزة، لقد كنت أتمنى عوضًا عن ذلك لو أنها كانت لعبة استكشاف وألغاز فقط، فصدقًا لم نكن لنخسر أي قتال زعماء مثير (وهم قلال جدًا بكل الأحوال) وحتمًا لن أشتاق للموت أمام أضعف عدو بسبب نمط اللعب السيء.
يؤسفني حقًا رؤيتي لهذا التوجه الفني الرائع والألغاز المُتقنة والممتعة والتي لربما لن يختبرها الكثيرون وذلك بسبب الساعات الأولى المملة للعبة والتي يحمل ذنبها نمط قتالي غير متقن ذو استجابة سيئة.
الأمر ليس كارثي لدرجة غير قابلة للعب بالطبع، لذا إن كنت على استعداد لتحمل بعض الازعاج هنا وهناك، فقد تكتشف جوهرة مخبأة هنا كمحب لألعاب الغموض والتشويق في عالم Lovecraft مُتقن الملامح والتفاصيل.
