مع اقتراب مرور عقد من الزمن على إطلاق Bloodborne في مارس 2015، أردت أن أُعيد ذكرياتي مع هذه التحفة الفنية وأقوم بتختيمها للمرة الخامسة، وكل مرة ألعبها فيها تُصبح أفضل من التي سبقتها، وهو ما سنكتشفه معًا في مراجعة Bloodborne الكاملة.
لعبة Bloodborne سيظل لها مكانة خاصة في قلبي للأبد، فهي لم ولن نرى مثيل لها وأعتبرها أفضل إبداعات فريق From Software على الإطلاق. دعوني أُحدثكم بحب عن هذا العالم السوداوي الذي يُقحمك في قصة عن الدماء و الأساطير والآلهة الغريبة..
إليكم مراجعة Bloodborne مع أهم التفاصيل عن اللعبة.
قصة Bloodborne السوداوية تُعطيها طابع مختلف عن باقية ألعاب السولز
نبدأ مراجعة بلودبورن مع القصة، حيث تجري أحداث بلودبورن في مدينة يارنام. منذ فترة طويلة، تم العثور على أنقاض حضارة قديمة تحت المدينة، مما دفع كلية بيرجنويرث إلى إجراء تحقيق والذي بدوره كشف عن وجود كائنات قديمة تُسمى الآلهة العظماء، الذين ارتقوا بوعيهم إلى مستوى أعلى من البشر. واكتشفوا أيضًا مادة تُعرف باسم الدم القديم، والتي يمكن أن تعالج أي مرض. ومع ذلك، منع رئيس الكلية ويليام استخدام الدم في أبحاثهم خوفًا من أن يحول شاربيه إلى نفس الوحوش التي دمرت الحضارة القديمة.
لسوء الحظ، اختلف بعض الطلاب وغادروا لإنشاء معهدين جديدين في يارنام: مدرسة منسيس، للبحث في الدم القديم وتحقيق السمو البشري من خلال الاتصال بالعظماء؛ وكنيسة الشفاء لمشاركة خصائص الدم الطبية مع عامة الشعب.
من خلال التقدم الطبي الذي حققته كنيسة الشفاء باستخدام الدم القديم، نمت يارنام لتصبح مدينة قوية. ولكن كما تنبأ ويليام، بدأ شاربي الدم في التحول إلى وحوش مع مرور الوقت. ردًا على ذلك، حاولت الكنيسة تجنب الذعر الجماعي للعامة من خلال تأسيس ورشة الصيادين، وهي قوة عسكرية مكونة من محاربين للتعامل مع الوحوش سرًا. ومع ذلك، انتشرت الوحوش في النهاية في كل أنحاء يارنام، مما دفع الكنيسة إلى الإعلان عن نفسها عن طريق إغلاق الورشة وتشكيل ميليشيا صيادي الكنيسة لمحاربة الوحوش في العلن بدعوى أنهم كانوا نتيجة لمرض غامض!
هنا يأتي دورك، فأنت أحد الصيادين الذين وصلوا إلى مدينة يارنام وتلقيت جزء من دم القدماء، لكنك لم تتحول.. فأنت أحد المميزين الذين يستطيعون التواصل مع الآلهة القديمة. هنا يتم أخذك من قبل جيرمان مؤسس ميليشيا صيادي الكنيسة والورشة في الحلم اللاواعي، وتبدأ رحلتك في قتل الوحوش ومحاولة فهم ما يحدث من حولك والوصول في النهاية إلى مرتبة أعلى من البشر والخروج من هذا الحلم المريض.
مثلها مثل كافة ألعاب السولز التي صنعها فريق From Software، فالقصة هنا مُبهمة ولا يتم شرح أي شيء لك عن طريق المشاهد السينمائية، فهي مُبهمة أكثر من اللعبة نفسها. أنت عليك البحث عن تفاصيل القصة عبر قراءة وصف كل شيء في اللعبة ومحاولة فهم ما يحدث من حولك في البيئة. إذا قررت تجربة Bloodborne، فلا يمكنك الاستغناء عن توسعة The Old Hunters والتي أعتبرها أفضل من اللعبة الرئيسية في كل شيء، فتلك التوسعة أيضًا تُقدم شرحًا للكثير من الأمور في قصة اللعبة التي لم تُوضح بشكلٍ كافٍ في اللعبة الرئيسية.
إذا قررت التركيز على القصة فقط أثناء تختيمك للعبة Bloodborne وتوسعتها، فالتجربة ستأخذ منك بين 40-50 ساعة تقريبًا. لكن إذا أردت استكشاف كل شيء ومعرفة القصة بشكل أعمق والبحث عن كل الأسرار والوصول لكل النهايات، فالتجربة الكاملة ستأخذ منك حوالي 80 ساعة لعب، وهي مدة أكثر من رائعة للاستمتاع بواحدة من أفضل ألعاب الـ RPG في التاريخ!
_____
لا تفوت: مراجعة Elden Ring
_____
عالم اللعبة كيان حي يتطور بمرور أحداث القصة
مدينة Yharnam ليست مدينة عادية ستقضي فيها عدة ساعات لعب مثل بقية الألعاب، فالمدينة هنا هي أساس قصة اللعبة، وهي عبارة عن كيان حي تجده يتطور باستمرار مع تقدمك في أحداث اللعبة. أول مرة ستدخل فيها المدينة ستعيش أجواء بداية المجزرة وليلة الصيد وسترى كل شيء وهو ينقلب رأسًا على عقب أمامك، لكن سرعان ما تأخذ الأمور منحنى مختلف تمامًا عندما تتقدم في ليلة الصيد.
فجأة كل شيء يُصبح أكثر ضبابية وسوداوية وتجعلك اللعبة تعيش أجواء هذا الحلم المظلم بحق، مع ظهور الوحوش والكيانات الغريبة في كل مكان في المدينة حتى تظهر الآلهة القُدامي في أواخر اللعبة. الأجواء في مدينة Yharnam تتحول من كونها مدينة في العصر الفيكتوري بلندن، إلى مدينة يغلبها العفن والتاريخ القديم المُلوث الذي يقضي على كل شيء يلمسه!
رغم أن لعبة Bloodborne ليست اللعبة الوحيدة مثلاً التي يتغير فيها شكل العالم بمرور الوقت، إلا أن التحول الذي يحدث هنا من الصعب تحقيقه في أي لعبة أخرى بهذا الشكل الخرافي حيث يحدث أمام عينك وترى كل شيء ينقلب وتدخل بنفسك في عالم أكثر سوداوية كأنك تغوص في الوحل المظلم أكثر فأكثر حتى يصل إلى مستوى صدرك ولا تستطيع التنفس والرؤية بشكل سليم. استوديو From Software قدّم أحد أعظم المدن لاستكشافها في تاريخ الصناعة، وهي بحد ذاتها من أبطال لعبة بلودبورن.
أسلوب اللعب قّدم تجربة مختلفة عن Dark Souls
أسلوب لعب Bloodborne في الأساس يُشبه Dark Souls، فهي لعبة تقمص أدوار تقوم فيها بتصميم شخصيتك واختيار أسلحتك وأدواتك بما يتناسب مع أسلوب اللعب وبناءً عليه تبني الشخصية والبيلد المثالي الخاص بك الذي تُحارب بيه مختلف الوحوش والزعماء في اللعبة.
لكن يوجد شيء واحد أساسي هنا في التجربة وهي أن اللعبة تدفعك لتكون عنيف أكثر. أسلوب اللعب أكثر سرعة وعنفًا ودموي بشكل أضخم بكثير. إذا نقصت حياتك فيمكنك استراجعها لوهلة إذا قمت بضرب الأعداء بعدها مباشرةً. الأسلحة التي تستخدمها يمكن أن تُصبح سلاحين في آنٍ واحد حيث تقوم بتحويلها لسلاح طويل المدى لتضرب الأعداء من مسافة أكبر وتقوم بعمل كومبوهات مع النسخة الأصغر من السلاح.
لديك في يدك اليُسرى مُسدس يمكنك استخدامه حتى توقف الأعداء وهم يحاولون الاقتراب منك، وهي طريقة Parry تُماثل نفس فكرة الصد السريع في Dark Souls الذي يفتح لك المجال للقيام بضربة قوية ضد الأعداء تُقلل من حياتهم بشكل كبير. هذا الأسلوب العنيف هو ما يجعل Bloodborne ممتعة خاصةً مع وجود فكرة التفادي السريع في اللعبة حتى تدخل في تكملة المواجهات بشكل أسرع بدلاً من الدحرجة على الأرض مثل كل ألعاب السولز.
مثل دارك سولز، فتقوم هنا بتجميع الـ Blood Echoes حتى تعمل على ترقية مهاراتك وقوتك المختلفة للاستفادة منها أثناء القتال. يمكنك أيضًا تجميع مختلف الموارد حتى تُزيد من قوة أسلحتك والعتاد المختلف الذي تملكه. ورغم ان اللعبة تمتلك اقل عدد أسلحة في ألعاب السولز كلها، إلا ان فكرة الـ Trick Weapon وتغيير استخدام السلاح يعوضان هذا النقص، وستحب أن تُجرب كافة أسلحة اللعبة لتجد المثالي بالنسبة لك ولأسلوب لعبك.
اما بالنسبة للمواجهات، فهي صعبة للغاية ويمكن اعتبار بلودبورن من أصعب ألعاب السولز من ناحية المواجهات.. فكل الاعداء عنيفة وتريد التخلص منك بسرعة مما يدفعك أنت أيضًا لتستخدم نفس أسلوب العنف هذا في المواجهات لتحافظ على حياتك. بالحديث عن العنف، فمواجهة الزعماء في بلودبورن هي الوصف الحقيقي لكلمة “عنف” بالأخص في توسعة The Old Hunters. كل الزعماء هنا عنيفة بطريقة غبية وستجعلك تخبط رأسك في الحائط مرارًا وتكرارًا من كل المرات التي ستموت فيها. لكن بمجرد أن تُتقن حركاتهم وتبدأ في التفادي والتصدي بطريقة صحيحة، ستجد نفسك في أفضل رقصة قتالية ستشعر بها في الألعاب، رقصة تزداد جمالاً بموسيقى اللعبة الأسطورية!
تجربة بصرية من الأروع في التاريخ
رغم مرور 10 سنوات تقريبًا على إصدارها، إلا أن تجربة Bloodborne الرسومية لا تزال من الأفضل في التاريخ حتى يومنا هذا. قبل Bloodborne كنا قد تعودنا على تجارب في العصور الوسطى من فريق From Software، ورغم أن بصريات ثلاثية دارك سولز كانت تتطور في كل جزء، إلا أنها لم تختلف كثيرًا حيث تقع كل الألعاب في عالم عصور وسطى.
مع بلودبورن، قرر الفريق أخذ التجربة للعصر الفيكتوري في لندن، وهذا التغيير في التصميم البصري هو ما يجعل بلودبورن أفضل تجارب الفريق بصريًا. اللعبة تتمتع بطابع بصري مختلف ومميز يجمع بين العصر الفيكتوري وأسلوب الفن الـ Lovecraftian المستوحاة من أعمال H.P Lovecraft. هذا المزيج بين العصر الفيكتوري والآلات والكائنات الخارقة للطبيعة التي تأتي من الفضاء الخارجي هو ما يجعل عالم Bloodborne بهذا الروع والجمال البصري.
نفس هذه الروعة تنطبق على الجانب الصوتي في اللعبة، فكل شيء هنا مثالي بكل ما تحمله الكلمة من معنى سواء صوت خطوات الأقدام أو الأصوات المُرعبة التي تسمعها وأنت تتحرك في كل أركان Yharnam، أو الموسيقى التصويرية الأسطورية التي تسمعها مع مواجهة كل زعيم. تجربة Bloodborne الصوتية ستجعلك دائمًا على حافة مقعدك تنتظر التالي!
لعل المشكلة التقنية الوحيدة مع لعبة Bloodborne هي أن اللعبة تعمل فقط بدقة 1080p مع 30 إطار في الثانية. اللعبة للأسف لم تحصل على أي تحسين لمنصة PS4 Pro وهذا أمر غريب في حد ذاته، فكيف لم تُفكر سوني في دعم أحد أفضل حصريات المنصة للنسخة المُحسنة من جهازها؟!
هل سنرى نسخة مُحسنة من Bloodborne على PS5؟
نأتي لأهم سؤال في مقال اليوم وهو: هل سنرى يومًا ما نسخة مُحسنة من Bloodborne على منصة PlayStation 5 أو الحاسب الشخصي؟ شخصيًا مؤمن بأننا نقترب يومًا بعد يوم من هذه النسخة المُنتظرة. اللعبة باعت ملايين النسخ، وهناك ملايين من اللاعبين يُطالبون بنسخة مُحسنة سواء على بلايستيشن 5 أو الحاسب الشخصي، وسوني تعرف أنها ستضمن مئات الملايين من الأرباح إذا قررت توفير هذه النسخة، فبالتأكيد الشركة تعمل عليها!
لا يمكنني تخيل أن سوني ستنتهي من جيل البلايستيشن 5 بدون إصدار نسخة مُحسنة أو ريميك للعبة Bloodborne، وبما أننا نقترب من الذكرى العاشرة لإصدار اللعبة، فهذا سيكون الوقت المثالي لإطلاقها على PS5 و PC، حيث ستفتح السوق لعشرات الملايين من اللاعبين لتجربة هذه التحفة الفنية.
الوقت الآن هو الأنسب خاصةً مع وجود نسخة مكركة من اللعبة يتم تجربتها وتحسينها حاليًا على منصة الحاسب الشخصي عبر محاكي PS4، وتلك ستكون الطريقة الأمثل لتجربة اللعبة خاصةً وأن الـ Modders يقومون بتحسينها رسوميًا وإضافة تقنيات مثل تتبع الأشعة!! إذا أرادت بلايستيشن أن تستفيد من هذا الأمر وتجعل كل الأنظار تتجه لها في القريب العاجل، فيجب عليهم الكشف عن نسخة مُحسنة من اللعبة في أقرب فرصة وفتح الطلبات المُسبقة لضمان مئات الملايين مُسبقًا قبل حتى أن تصدر اللعبة.
الخلاصة
نصل إلى ختام مراجعة بلودبورن. لعبة Bloodborne ليست فقط واحدة من أفضل ألعاب السولز وفريق From Software، بل هي واحدة من أفضل الألعاب في التاريخ عمومًا. تحفة فنية تجمع بين كل جوانب قوة ألعاب السولز وتُضيف عليها أفكار جديدة في أسلوب اللعب مع قصة قوية ومؤثرة في عالم حي يجعلك تنغمس فيه بكل قوة.
بلودبورن هي تجربة لا يمكن أن يُفوتها أي شخص يمتلك منصة بلايستيشن 4 أو 5، ونتمنى قريبًا أن يتمكن مُلاك الحاسب الشخصي من الحصول على هذه التجربة الأسطورية ليعرفوا معنى العظمة بحق!
