الألعاب المُستقلة دائمًا ما يكون لها مكانة خاصة عندي، فأنا أبحث عن الألعاب الجديدة التي تُعطيني تجارب مختلفة ولا أجدها في الألعاب الضخمة من المطورين الكبار. لعبة Dark and Deep لفتت انتباهي نظرًا لأن مطور واحد فقط هو الذي يعمل عليها، ويعد بتقديم تجربة رعب مختلفة ومميزة، لكن للأسف اللعبة لم تكن ممتعة على الإطلاق، وقضيت فيها 3 ساعات من الأكثر مللاً في 2024، كما سأتحدث بالتفصيل في مراجعة Dark and Deep الكاملة.
قصة فكرتها جيدة، لكنها تصبح مملة سريعًا
أنت تلعب بشخصية صامويل جادج، أحد المعجبين المخلصين لبودكاست المؤامرة الغامض “Dark and Deep”. والذي يُعاني من أزمة مالية حيث يعيش مع والدته في نفس المنزل ولا يستطيع الحصول على الأموال الكافية من عمله ليتدبر حياة كريمة، ولذلك ينصحه أحد أصدقائه بأن يسرق بيانات الشركة التي يعمل فيها ثم يبيع تلك البيانات على الإنترنت ليربح أموالاً كثيرة!
مع تقدمك في القصة واستماعك للبودكاست، ستجد أن الأمور غريبة وتزداد تعقيدًا، وسرعان ما ينقلب البودكاست من بودكاست مؤامرة عن مختلف الأشياء في الحياة، ليحكي قصتك أنت الشخصية في طابع درامي جيد إلى حدٍ ما بالذات في بداية اللعبة. لكن للأسف قصة اللعبة وشخصياتها أصبحوا مملين مع تقدمك في التجربة والتي تستمر لثلاثة ساعات فقط تقريبًا. بالإضافة إلى أن اللعبة تركت الكثير من الأمور غير مشروحة في محاولة من المطور لجعل القصة أكثر تعقيدًا لكنها جعلتها أكثر مللاً.
أسلوب لعب بدائي وطابع رسومي مزعج للعين!
لعبة Dark and Deep تُقدم تجربة رعب من منظور الشخص الأول، ولا يوجد فيها أي نوع من أنواع القتالات، فكل ما يجب عليك فعله هو حل بعض الألغاز عن الطريق النظر عبر إطارات الصور السحرية للكشف عن الأسرار ومحاولة توقيف المخلوقات التي تُطاردك في كل أنحاء اللعبة.
مع تقدمك في القصة ستفتح المزيد من إطارات الصور والتي تحل الألغاز المختلفة، لكن ألغاز اللعبة كلها تعتمد على نفس الفكرة. فقط قم بالنظر داخل إطار الصورة لمعرفة طريقة حل اللغز والتي تتشابه كثيرًا بدون أي إبداع أو أفكار مُبتكرة، وستقوم بفعل نفس الشيء تقريبًا على مدار 3 ساعات مما يزيد الملل!
هل هذا يعني أن كل الألغاز وأفكار أسلوب اللعب كانت سيئة للدرجة؟ بالتأكيد لأ، فاللعبة قدمت فعلاً بعض الألغاز المُبتكرة والتي تحتاج للتفكير نسبيًا حتى تتمكن من حلها، خاصةً وأن بعض تلك الألغاز مربوط بالوقت وستعيد حله من الصفر إذا لم تتمكن من إنهاؤه بالوقت المناسب.
وللأسف كلعبة رعب، فإن Dark and Deep لم تنجح إطلاقًا في بناء عالم مُخيف. تصميم الوحوش في اللعبة مُخزي نسبيًا ولا يُضيف طابع الرعب بأي شكل، والخضات التي يحاول المُطور إيقاعك فيها هي خضات رخيصة لا تخيف، بل في بعض الأحيان أضحكتني تلك الخضات لمدى سوءها!!
لكن لعل أكثر شيء غريب في لعبة Dark and Deep هو طابعها الرسومي. من ناحية، فاللعبة تتميز بتصميم رسومي مُبتكر وفريد من نوعه، حيث تستخدم فن الفنان الرئيسي في القرن التاسع عشر، Gustave Doré، كأنسجة لمعظم أجزاء اللعبة. ويقول المُطور أن Doré كان أسطوريًا بسبب رسومه التوضيحية باللونين الأبيض والأسود للمشاهد الأسطورية والتاريخية. ولذلك قرر مُطور Dark and Deep استخدام نفس الفكرة “ليروي قصة رعب كونية سريالية حيث تنحني وتنكسر حدود العقل والواقع.”
لكن من ناحيةٍ أخرى، فهذا الطابع الرسومي كان مزعجًا للعين بطريقة لا تُطاق في بعض الأحيان، وتشعر أن الألوان لا تتجانس ولا تخرج الصورة النهائية بشكل سليم أو منطقي. الفكرة جيدة، لكن تنفيذها داخل اللعبة لم يكن مثاليًا…
الخلاصة
كلعبة من مطور واحد، فإن Dark and Deep تُحاول فعل شيء جديد ومُبتكر بالذات من ناحية التصميم الرسومي، لكن تقريبًا كل شيء من أساسيات اللعبة جيد من ناحية وسيء من ناحيةٍ أخرى. القصة فكرتها لطيفة لكنها مملة، أسلوب اللعب به أفكار جيدة في الألغاز لكنه يُعاني من الرتابة، والطابع الرسومي رائع لكنه مزعج للعين. تجربة Dark and Deep كانت غريبة صراحةً وأتمنى أن يتعلم المُطور من الأخطاء التي وقع فيها حتى يعود بلعبة جديدة مستقبلاً تعالج تلك المشاكل وتُقدم تجربة رعب تليق فعلاً باللاعبين.