مراجعة Frostpunk 2

ألعاب بناء المُدن الاستراتيجية نادرًا ما تستهويني، لكن الوضع كان مختلفًا مع لعبة Frostpunk حيث أعجبتني فكرتها وأننا نحاول بناء مدينة للحفاظ على سكانها ومواردها من الانقراض التام. لعبة Frostpunk 2 جاءت لتُوسع الأفكار التي قدمها فريق 11bit studios مع الجزء الأول حيث جعلوا التجربة أكثر صعوبة بمجموعة ميكانيكيات جديدة وتركيز أكبر على الجانب الاستراتيجي بدلاً من بناء المُدن والاهتمام بالسكان في المقام الأول. اللعبة مختلفة عن سابقتها، ولكن هل نجحت في تقديم نفس التجربة الممتعة، أم الأفكار الجديدة أعاقتها؟ لنتحدث عن كل ذلك في مراجعة Frostpunk 2.

قصة مأساوية تقع بعد نهاية العالم

ببساطة، قصة Frostpunk 2 تتحدث عما يحدث في العالم بعد نهايته وبعد أن سيطر عليه شتاء دائم الوجود. الآن تأخذ أنت دور القائد في بناء مدينة والحفاظ عليها وعلى سكانها الذين لديهم سلسلة ضخمة من الاحتياجات التي يجب عليك تلبيتها سواء بالحصول على الموارد مثل النفط والفحم، أو بناء مستعمرات السكن ومصانع جمع الغذاء اللازمة لضمان عيش هؤلاء السكان في دفء وأمان.

الأمر لا يقف عند هذا الحد، فكلما يكبر حجم المدينة كلما يزداد سكانها وكلما يزداد تواجد مختلف الفئات والفصائل التي تعيش هنا، وكل فئة منهم لها أيديولجياتها الخاصة وتوجهاتها في هذا العالم الميت، وهنا دورك كقائد هو الموازنة بين كل هؤلاء الأشخاص بدون ما يأتي حياة فصيل على حساب آخر. أنت وحدك من قادر على توجيه هذا المجتمع ناحية مستقبله الغامض، فهل ستنجح في المهمة؟

مراجعة Frostpunk 2
تقييم ومراجعة Frostpunk 2

لعبة Frostpunk 2 تختلف بشكل رئيسي عن الجزء الأول في أنها تأخذ الأمور من منظور أوسع، أنت هنا لست مسؤولاً عن مدينة صغيرة وعدد سكان صغير، بل لديك مجتمع كامل بسياسات ومشاكل واحتياجات ضخمة. الفرق بين اللعبتين كأنك تُدير قرية في اللعبة الأولى، ثم تنتقل لتُدير مدينة في اللعبة الثانية، لذلك لا يمكننا قول أن Frostpunk 2 تحل محل الجزء الأول، بل هي تُقدم تجربة مختلفة ولا يزال يمكنك الاستمتاع باللعبتين.

وشخصيًا أظن أن هذا الاختلاف في المنظور من الممكن ألا يُعجب الكثير من اللاعبين بالأخص وأن موت عدد من سكانك الآن أصبح ليس له أهمية بالشكل الكافي حيث تُدير حياة الآلاف والآلاف منهم، وموت عشرات لن يؤثر على سير القصة أو مجرى الأحداث أو ردة فعل العامة بشكل كبير مثلما حدث في الجزء الأول. بشكل عام خسارة الأرواح هنا قيمتها أصبحت أقل، وهذا مختلف تمامًا عن الجزء الأول ولم يُعجبني!

مثل الجزء الأول، فالقصة هنا ليست طويلة ويمكنك الانتهاء منها في 10-12 ساعة لعب وهي مُقسمة لخمسة فصول. يمكن اعتبار القصة بمثابة الجانب التمهيدي في Frostpunk 2 حيث ستدخل بعدها في تجربة مفتوحة يمكنك إنشاء مدينة فيها وتصميمها بالشكل الذي تراه مناسبًا وبالحجم المثالي لك وتُدير مواردها وسكانها والفصائل المتواجدة على نطاق أوسع أو أصغر.

____

لا تفوت: أفضل 7 ألعاب رعب اندي ننصح بتجربتها

____

أسلوب لعب Frostpunk 2 أصبح أصعب ويتطلب تركيز أكثر

مراجعة Frostpunk 2

كما ذكرت، فهنا اللعبة أخذت فكرة بناء المدينة الاستراتيجية وطبقتها على نطاق أوسع، ولذلك الأمر أصبح أصعب ويتطلب منك تركيز أكثر في كل شيء تفعله، فكل شيء من الممكن أن يؤثر على حياة أو موت الأشخاص والفصائل، أو نزوع حروب أهلية وحدوث انفصال تام بين شعبك الذي تعبت لكي تبني لهم حياة أفضل في هذا العالم البائس!

فكرة أسلوب اللعب تتمحور حول قيامك بتلبية طلبات كل احتياجات ومتطلبات وأفكار السكان الذين يعيشون معك في المدينة، فأنت الحاكم الذي يلجؤون إليه في كل صغيرة وكبيرة. مثلاً بعض السكان يحتاجون لمنازل أكثر وأوسع، فهنا دورك أن تأتي بالموارد المختلفة لتبني لهم تلك المنازل، وتُجهزها لهم بالمدافئ حتى لا يبردون للموت. مثلاً السكان يحتاجون للمزيد من الطعام لتخزينه حيث ستضرب المدينة عاصفة ضخمة تستمر لأسابيع ولن يستطيعون العمل خلالها. هنا دورك أن تبني لهم مخازن وتتعاون معهم ليعملوا ساعات إضافية حتى تتمكنوا من تخزين كل شيء في الوقت المناسب قبل فوات الآوان وموت كل السكان.

نظرًا لأن الأمر كان أبسط وأصغر في الجزء الأول، فاهتمامك كان دائمًا بالسكان وحياتهم والتركيز على أبسط الأمور، لكنها هنا كل شيء أصبح أكثر تعقيدًا. عندك مثلاً كمية ضخمة من الفصائل التي تسكن المدينة، وكل فصيل منهم لديه أفكار ومعتقدات مُعينة نحو مستقبل المدينة، لكن كلهم يشتركون في هدف واحد أساسي، وهو فرض سيطرتهم على المدينة بشكلٍ كامل والوصول لأعلى مناصب القوة حتى يتفوقوا على الفصائل الأخرى.

وهنا يأتي دورك كحاكم المدينة، حيث يجب عليك التوفيق بين كل الفصائل وألا تأخذ جانب فصيل واحد على حساب الآخر دائمًا طوال أحداث اللعبة، لأن ذلك من الممكن أن ينتج عنه حروب أهلية ويزيد مستوى الجريمة في مدينتك حيث تتصارع الفصائل سويًا من أجل القوة والبقاء على قيد الحياة. كقيادي، يجب عليك تلبية احتياجات كل فصيل منهم، وفي النهاية وضع الصالح العام كالهدف الرئيسي الذي يجب تحقيقه.

أضافت اللعبة شيء رائع يُساعدك على أخذ القرارات والاختيارات السليمة وهو “مجلس المستشارين والحكماء”. حيث كل قرار سيؤثر على المدينة بالكامل يجب أن يُعرض على هذا المجلس من أجل التصويت في الأمر ومن الممكن أن يوافقوا أو يرفضوا أو يقترحوا حلولاً أخرى. هذا يفتح عقلك وآفاقك أنت كلاعب لأخذ الاختيارات السليمة من أجل الصالح العام حتى ولو يؤثر هذا الأمر على فصيل مُعين، فحياة الآلاف أهم من حياة العشرات أو المئات في نهاية المطاف!

الفكرة هنا أن الاختيارات فعلاً صعبة، ولا يوجد أبيض أو أسود، كل شيء هنا رمادي اللون وكل شيء إيجابي تفعله سيكون له تأثير سلبي آخر إما على المدى القريب أو البعيد. الجانب الأخلاقي له دور كبير بالنسبة لك كلاعب حيث ستجد نفسك محتارًا بين اختيار السيء أو الأسوأ وما نتيجة ذلك على مدينتك؟

بالحديث عن الآفاق المُوسع، فإدارة موارد المدينة وحدها لن يكون كافيًا حتى تستطيع الحفاظ عليها وعلى سكانها، ويجب عليك إرسال رحلات بحث واستكشاف للأراضي الثلجية الميتة من أجل مقابلة الفصائل الأخرى التي تعيش في هذا العالم والحصول على موارد كافية من خارج مدينتك. هذه الفكرة بالذات جعلتني أُحب اللعبة بشكل أكبر خاصةً وأني كنت أشعر بمدى تأثير رحلات البحث هذه على مسار المدينة وسياق القصة إلى بناء حياة أفضل لكافة السكان.

مثل أي لعبة بناء استراتيجية، فستقضي الكثير من وقتك في Frostpunk 2 وأنت تتنقل بين قوائم اللعبة، ورغم أن القوائم هنا أفضل بكثير من الجزء الأول، إلا أنها لا تزال مزعجة بشكل كبيرة ولن تكون الأفضل بالنسبة للاعب عادي يريد الاستمتاع بتجربة استراتيجية بسيطة مثلاً. القوائم هنا متداخلة ومتشابكة وكل قائمة من الممكن أن تفتحلك قائمة أخرى أو أكثر مما يجعلك تتنقل بين القوائم لفترة طويلة أثناء اللعب. تصميم القوائم نفسه رائع ومُريح للعين، لكن كمّ القراءة الذي تطلبه منك اللعبة مزعج في بعض الأحيان وككل لم أكن معجبًا بمنظومة القوائم التي جعلتني أشعر بالملل لفترات طويلة أثناء اللعب.

كما أوضحت، فإن قصة اللعبة المُمتدة لخمسة فصول ما هي إلا مجرد بداية تجربتك مع لعبة Frostpunk 2، ويمكنك اعتبارها بمثابة افتتاحية تدريبية لما هو قادم. حيث يمكنك بعد ذلك التوجه إلى نمط Utopia Builder لبناء مدينة مستقبل الأحلام المثالية بالنسبة لك. على عكس القصة، فنمط Utopia Builder ليس له وقت لعب أو نهاية مُحددة، فيمكنك الاستمتاع به مالا نهاية وتجربة أفكار مختلفة واتخاذ قرارات سليمة وقرارات خاطئة ورؤية تأثير ذلك على مدينتك حيث لا يوجد أي محرك رئيسي هنا، وكل شيء يحدث بأفكارك أنت كلاعب.

جدير بالذكر أن اللعبة داعمة بشكل كامل للمودات حيث يمكنك صُنع سيناريوهات وتصاميم خاصة بك وفعلاً بناء مدينة الأحلام المثالية التي تبحث عنها!

محرك Unreal Engine 5 مُدهش هنا!

مراجعة Frostpunk 2

لعبة Frostpunk 2 تنتقل إلى المحرك الأفضل حاليًا Unreal Engine 5 حيث تتفوق بشكل ضخم على الجزء الأول رسوميًا بكمّ ضخم من التفاصيل  الرائعة سواء في تصميم كل شيء في المدينة أو تصميم العالم الثلجي نفسه. اللعبة تفاصيلها واقعية ومُبهرة للعين رغم أنك تراها من منظور بعيد، لكن التجربة البصرية نفسها كانت جميلة جدًا وقدمت فرق شـــــــــاسع مقارنةً بالجزء الأول الذي لا يزال هو الآخر جيد جدًا بصريًا، لكن الأمر مختلف تمامًا هنا.

الجانب الصوتي ليس عليه تركيز كبير هنا بأي شكل من الأشكال، لكن صوت الرياح والعواصف والبناء وحياة المدينة يجعلك تندمج مع مود اللعبة بالأخص إذا كنت تلعبها في الليل وتلبس سماعة رأس. أيضًا اللعبة شبه لا يوجد بها أي تمثيل صوتي إلا القليل جدًا لذلك لا يمكننا التعليق كثيرًا على الجانب الصوتي لأنه غير موجود في الأصل!

أما من ناحية الأداء التقني، فقمت بتجربة اللعبة على معالج Intel Core i5-10400F و 32 جيجا بايت من الرامات مع بطاقة Nvidia GeForce RTX 3050. وضعت اللعبة على دقة 1080p على الإعدادات التي رشحتها ليّ اللعبة مُسبقًا (إعدادات متوسطة) وحصلت على 60 إطار في الثانية بدون أي مشاكل. الفكرة أن اللعبة متطلبة جدًا مقارنةً بالجزء السابق، وإذا رفعت الإعدادات إلى High مثلاً فستخسر نصف الإطارات، لكن في نفس الوقت فهي جميلة جدًا ومُبهرة بصريًا للعين، لذلك لا أمانع أن أخسر بعض الإطارات مقابل الحصول على تجربة بصرية رائعة مثل التي تُقدمها Frostpunk 2.

أما من ناحية المشاكل التقنية والـ Bugs والـ Glitches، فلم أواجه أي شيء من هذا القبيل بعد أكثر من 10 ساعات لعب، واللعبة تقريبًا شبه خالية من المشاكل التقنية مما أضاف على التجربة وجعلها أكثر متعة. لعل المشكلة الوحيدة التي واجهتني كانت تحرك بعض القوائم بشكل مزعج حيث لم أقم بتحريكها بنفسي، لكن دون ذلك فاللعبة كانت رائعة تقنيًا وخالية من المشاكل والأداء كانت ثابت طوال الوقت تقريبًا.

الخلاصة

مراجعة Frostpunk 2
مراجعة Frostpunk 2

لعبة Frostpunk 2 ليست بديلاً للجزء الأول، بل هي تكملة رائعة تفتح تجربة بناء المدن الاستراتيجية لآفاق جديدة تمامًا تحتاج منك أن تكون قائدًا على نطاق أوسع لضمان حياة آلاف الأشخاص هذه المرة وليس المئات. اللعبة صعبة وتحتاج تركيز كبير منك كلاعب حتى لا تقوم حرب أهلية وجرائم في شوارع مدينتك، ومع وجود أفكار جديدة مثل الفصائل ومجلس المستشارين، فإن لعبة Frostpunk 2 نجحت في بناء عالم مختلف ومُبهر. لكن للأسف إحساس القيادة القريب من الشعب في الجزء الأول قد فُقد هنا، وهذا في حد ذاته لا يجعل Frostpunk 2 بديلاً للعبة الأولى، بل كل لعبة فيهما سيكون لها جمهورها الخاص الذي يُفضلها على الأخرى.

ننصح بشرائها لـ

  • لمُحبي الألعاب الاستراتيجية
  • لمُحبي ألعاب البناء
  • لمُحبي لعبة Frostpunk الأولى
  • لمُحبي قصص العوالم المُدمرة والبقاء على قيد الحياة

لا ننصح بشرائها لـ

  • لمن لا يحبون الألعاب الاستراتيجية وألعاب البناء
  • لمن لم تُعجبه لعبة Frostpunk 1
  • لمن لا يحب القصص الكئيبة
ممتازة
0

الإيجابيات

  • تركيز اللعبة على بناء مدينتك الاستراتيجية بنطاق أوسع
  • قصة جميلة وكئيبة في نهاية العالم
  • تقديم فكرة الفصائل الرائعة ومحاولة التوفيق بينهم
  • كل فعل في اللعبة له دور وتأثير وعواقب
  • فكرة التصويت في اتخاذ القرارات جعل من التجربة أكثر ديمقراطية
  • رسومات خلابة على محرك Unreal Engine 5
  • أداء تقني شبه خالي من المشاكل

السلبيات

  • اللعبة أصبحت لا تُركز على حياة الأشخاص بالشكل الكافي، ولا تشعر أنك قريب من الشعب
  • التنقل في القوائم مزعج للغاية في الكثير من الأحيان

 عِش معنا متعة اللعب على أصولها.. لمزيد من المقالات الرائعة تابعو قناتنا على واتساب.

وسوم

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x