في السنوات الأخيرة انتشر الجدل حول الألعاب الخدماتية ومدى تطورها على مدار السنوات الماضية، فبالرغم من تحقيق بعضها لنجاحات كبيرة جدًا، إلا أن عدد كبير من العناوين الخدمية والتي تعتمد على الأونلاين بشكل كامل يكون مصيره الفشل والاختفاء، وتكبيد مطوريه خسائر فادحة. أما Helldivers 2- لعبتنا لليوم- فهي ضمن الألعاب التي تحقق نجاحًا باهرًا في الفترة الأخيرة، ولعل إقبال اللاعبين الكبير عليها بحيث أصبحت أشهر ألعاب PS5 و ستيم في الفترة الحالية هو خير دليل على ما قدمته اللعبة بشكل صحيح لمفهوم الألعاب الجماعية. إليكم مراجعة Helldivers 2
قصة اللعبة
Helldivers 2 لعبة جماعية لا تقدم قصة تُذكر ولكن أحداثها تجري في المستقبل البعيد، وبعد هزيمة tyranids و cyvorgs و ittuminates، وهم أعداء البشر السابقين في الجزء الأول يحاول البشر بعد ذلك التوسع في المجرة، وليفعلوا ذلك يحتاجون إلى مورد يسمى e170 ليتمكنوا من السفر بين الكواكب والمجرات، ولكن للحصول على هذا المورد يجب على البشر مواجهة أخطار جديدة متمثلة في مجموعتين، وهما آليو Automatons و كائنات الـTerminids التي تشبه الحشرات وكل منهم يحاول محاصرة البشر من جانب من جوانب المجرة، والإطباق على حضارتنا العزيزة بشكل خانق قد يؤدي إلى انتهاء البشرية بشكل كامل إذا لم يقف لهم جيش Helldivers بالمرصاد.
اللعبة تتناول العالم والقصة بشكل هزلي مًضحك وكوميديا سوداء في بعض الأحيان. ستجد أن الجنود ينطقون كلمات ساخرة أثناء القتال، وبينهم وبين الجنود الآخرين. كلمات مثل “من أجل الديمقراطية” أو الديمقراطية قد وصلت ظنًا منهم بأن الحرب هدفها نشر الديمقراطية، وهو أمر ساخر بالطبع من الامبريالية العالمية ويحمل معاني عميقة خلفه، ولكنه أيضًا يتم بشكل كوميدي ومبالغ فيه ذكرني بفيلم Starship Troopers. هذا الجانب في اللعبة كان من أجمل جوانبها واكثرهم اتقانًا بالرغم من عدم أهميته. فالكثير من الألعاب الجماعية العظيمة لا تهتم بالقصة وليس هناك الكثيرين ممن ينزعجون من هذا الأمر. أنا شخصيًا أفضل أن يكون هناك سياق للأحداث ومُحرك لها وهو ما وجدته هنا بقوة.
القصة لديها مهمات على المستوى الفردي، تكون مهمات موجهة لكل لاعب على حدى، ومهمات “جمعية” موجهة لمجتمع اللاعبين بشكل كامل. الفكرة ببساطة هي أن كل كوكب لديه مجموعة من المهمات، إذا خسرت هذه المهمات بشكل كامل فإن المجتمع كله قد يخسر معركة السيطرة على كوكب ما، أو مجموعة كواكب، ويتأخر في حربه الضروس ضد الكائنات الشريرة، وإذا فاز مجتمع اللاعبين في هذه المعارك، فكأنما فازت البشرية وحققت تقدمًا فتح لها إمكانية السفر للمزيد من الكواكب واستعمارها، وهو أمر يبرر إلى حد ما الاتجاه الخدماتي الذي اتخذته اللعبة، ويجعله منطقيًا في سياق ما تقدمه.
أسلوب اللعب
أسلوب اللعب بالطبع هو أهم ما في أي لعبة جماعية. وضع Helldivers 2 بدى لي مثيرًا للإهتمام من البداية لأن الجزء الأول كان لعبة استراتيجية جماعية من المنظور العلوي (Top Down View)، وتحول إلى لعبة تصويب من المنظور الثالث وهو تحول كبير بالطبع، لكن المثير أكثر هو أن المطور Arrowhead اتخذ قراره من البداية ألا يتضمن أسلوب اللعب طور PvP (تنافسي) وأن يقتصر اللعب على الطور التعاوني فقط. شخصيًا أحب عندما يركز المطور على أشياء أقل ويصقلها أكثر من المعتاد على أن يتم تقديم أشياء متنوعة كلها ضحلة أو ذات عمق لا يكفي لجذب اللاعبين لوقت طويل. لعبة Helldivers 2 أثبتت لي أنها لعبة جادة في تقديم أسلوب لعب مصقول ومعالجة العيوب التي يراها اللاعبون في معظم الألعاب التعاونية الأخرى، وسنشير لهذا الشيء بالتفصيل في السطور القادمة، ولكن دعنا أولًا نشرح أسلوب اللعب في سطور قليلة…
أسلوب اللعب يقتصر على اختيار مهمة من أحد جانبي المجرة، الجانب الأيسر يقع فيه الأعداء الآليون، وهم أعداء أشد ضراوة وتسليحًا من البشر، وعلى الجانب الأيمن يقبع الأعداء الآخرون (Ternaminds) وهم كائن ما بين العناكب والعقارب، لديهم دروعًا قوية وأعدادهم كبيرة. يمكنك النزول إلى المهمة بشكل فردي أو جماعي مع آخرون. عند الاختيار بالنزول تختار الأدوات التي بحوذتك (Loadout) كأي لعبة جماعية ثم تنزل إلى الكوكب في النقطة التي تختارها. تكون المهمة واضحة وصريحة من البداية، وعند إنهائها يكون عليك التوجه لنقطو الاستخراج وانتظار الطائرة التي ستعيدك إلى قاعدتك لمدة دقيقة ونصف، يتهافت الأعداء فيهم على قتالك أنت ومن معك.
بعد القتال وجمع الغنائم والـXP والميداليات، تعود للسفينة حيث يمكتك ترقية العتاد، شراء المزيد من القدرات (تسمى في اللعبة Stratagems) ثم اختيار المزيد من المهمات والتعديل على السفينة، وإدارة الجانب الاجتماعي من اللعبة (إضافة أصدقاء أو ضمهم لجلسة لعبك أو الانضمام إليهم).
المهمات الأساسية تتغير بين تدمير أكبر عدد من كائنات الـTernamids، إلى السيطرة على المنشئآت النووية وإطلاق القنابل الننوية منها، وهناك أيضًا إيصال البيانات من منشآت عسكرية إلى منصة محددة، أو تدمير مركز دعاية معادية، وتدمير المختبرات أو مصانع الأسلحة. وهذه أمثلة فقط وليست كل المهمات. بالرغم من عدد الكبير، إلا أني شعرت بالتكرار مع الوقت فيما أقوم به. لكني لا أعتبرها سلبية ولن أدعها تؤثر على تقيمي النهائي للعبة لأن كيفية القيام بالمهمات هو الأمر الذي اهتمت به اللعبة وراهنت عليه رهانًا ناجحًا بأن يجعل التجربة ممتعة.
نظام التقدم في اللعبة إدماني، وسيجعلك تحب اللعب لساعات طويلة لأنه يضع أمامك دائمًا هدف امتلاك المزيد من القدرات الخاصة، والأسلحة الفتاكة. تبدأ اللعبة بطور تعليمي بسيط ثم تزودك بأسلحة بدائية، ولكن سرعان ما تفتح أمامك أنواع رائعة من الأسلحة. في البداية تبدأ بمسدس فضائي متوسط القوة، وبندقية رشاشة قوية، ثم تنفتح أمامك الأسلحة الثقيلة مثل قاذف اللهب (Flame Thrower) وقاذف الصواريخ ومدفع الليزر، وJetpack وبنادق الطاقة وهي كلها أسلحة تناسب أساليب لعب مختلفة تحتاج لتنظيم أدواتك وبناء أسلوبك حولها. لا شيء أمتع من استكشاف كيفية عمل أي سلاح جديد تحصل عليه، ثم تنظيم بقية أدواتك ومهاراتك لتتناسب معه، واكتشاف عيوبه ومميزاته مع الوقت واستغلالها لصالحك. لعبة Helldivers 2 قدمت لي واحدة من أمتع الألعاب على الإطلاق في هذا الجانب، وخصوصًا مع قدرات Stratagems والتي جعلت اللعب أمرًا إدمانيًا لأنها تغير تمامًا من موازين القوة في اللعبة.
الـStratagems هي قدرات موزعة في شيء يشبه شجرة المهارات، ولكن على الساحة هي عبارة عن أدوات يمنك استدعائها باستخدام مجموعة من الأزرار، ولديها وقت Cool Down يختلف حسب أهمية كل مهارة وقوتها، من هذه المهارات طلب الإمدادات، أو طلب انضمام اللاعبين إليك عن طريق شيء يسمى S.O.S Beacon، أو طلب هجمة جويلة ليزرية ، أو طلب حقل ألغام كبير، ويمكنك أيضًا الحصول على فرصة لطلب أسلحة فتاكة مثل Turret Gun وهو مدفع ثابت قوي، وقاذف الصواريخ. هذه القدرات كانت أجمل ما في اللعبة حيث تم تصميمها بشكل ممتاز جعلني دائمًا لفتح المزيد واللعب أكثر للاستمتاع باستخدامهم. خصوصًا مع الأصدقاء، فالتنسيق فيما بينكم بالأدوات التي تملكونها شيء ممتع بشكل لا يوصف، وعند استخدام أداة ما بشكل مثالي يكون الشعور بدفعة الأدرنالين هو ما يدفعكم لإكمال اللعب لساعات طويلة.
لكن كل هذه المتعة لم تكن ممكنة إذا لم يكن هناك آليات تصويب قوية ومحكمة، فاللعبة تمتلك نظام متقن ومختلف عما نراه عادةً في الألعاب من هذا النوع. الـRecoil في Helldivers 2 يمثل جانب لا يستهان به من العقبات التي عليك أن تضعها في عين الاعتبار، ولكن هذا ليس كل شيء. وزن السلاح أيضًا يساهم في صعوبة تحريك الأسلحة الضخمة من أقصى اليمين لأقصى اليسار بسرعة، وهو ما يجعلك دائمًا مجبر على الحفاظ على مسافة آمنة بينك وبين الأعداء الآخرين. الأمر ليس هكذا فحسب، بل أن نظام التصويب يخضع لقواعد مراعاة الجاذبية أيضًا، وهو أمر شعرت به في بعض الكواكب حيث يكون عليك مراعاة ترك مسافة لسقوط الطلقة عند التصويب على أعداء بعيدين.بالنسبة لي قدمت Helldivers 2 أكثر نظام تصويب متقن رأيته من منظور الشخص الثالث حتى الآن.
بينما يمكنك اللعب وحيدًا، لا أنصحك بذلك. فاللعبة مصممة لتُلعب مع الأصدقاء، وهناك بعض العيوب التي تظهر في التصميم والتي تحول بين اللاعبين واللعب بشكل فردي. هذه العيوب تتمثل في أن اللعبة لا تقوم بتعديل مستوى الصعوبة، وعدد الأعداء بناءًا على عدد اللاعبين في خوادم اللعبة. هناك مستويات صعوبة، كلها مُصممة لكي تتناسب مع العدد الكامل للاعبين. أما في حالة دخلت لخوادم اللعبة وحيدًا فستختار مستوى صعوبة من بين Easy- Medium – Challenging وثم تنزل إلى الكوكب وتواجه الأعداء من مستوى الصعوبة الذي اخترته، ولكن بالأعداد والصعوبة نفسها التي كنت لتحصل عليها إذا نزلت إلى الكوكب مع أصدقائك. وهو ما يعني أن اللعب وحيدًا سيجبرك على اللعب على صعوبة منخفضة، وهنا تظهر مشكلة جديدة وهي أن اللعبة أكثر متعة بلا شك على الصعوبات المرتفعة، ولذلك لا ننصحك سوى بخوض التجربة التي وضعها المطور في ذهنه أثناء تصميم اللعبة. جماعية، وعلى صعوبة عالية.
نظام التقدم في اللعبة يعالج المشاكل التي رأيناها في ألعاب خدماتية أخرى، ومنها تقديم Battlepass و Battlepass Premium و معاملات مادية داخل اللعبة بأموال حقيقية، فبينما هذا أمر موجود في Helldivers 2، فلا شيء لا تستطيع فتحه من خلال اللعب، حتى الأسلحة الفاخرة والأدوات المؤثرة، وهو أمر إيجابي يجعلك غير مضطرًا لإنفاق المال على اللعبة. حتى في حالة Premium Battle Pass فاللعبة تقدم أدوات فاخرة بالفعل ولكنها أيضًا قابلة للفتح والشراء من خلال عملة اللعبة الداخلية والتي تكتسبها عن طريق اللعب والبحث عنها في خرائط اللعبة.
التجربة السمعية والبصرية
التجربة البصرية في Helldivers 2 كانت ممتازة. هي لم تقدم شيئًا ثوريًا ولكن لديها هوية فنية وبصرية متفردة بذاتها. تشبه قليلًا أفلام ستار ورز ولكن مع لمسة خاصة باستوديو Arrowhead وقعت في حبها من أول نظرة. أما عن الرسوم، فالتفاصيل كانت ممتازة، وخصوصًا اختلاف بيئات الكواكب ومظاهر هذا الاختلاف. هناك كواكب صحراوية حارة، وكواكب ثلجية ذات أجواء باردة، وكواكب أخرى ذات أجواء سامة وظروف بيئية قاسية. كل هذا التنوع جعلني أتطلع لزيارة أكبر عدد ممكن من الكواكب. وكونها لعبة خدمية، يفتح الباب على مصراعية للحصول على المزيد من التنوع مع الوقت.
أكثر ما ميز تجربة Helldivers هي الفوضى الناتجة عن المعارك الطاحنة. لم أرى لعبة تصور فوضى الحروب بهذا الشكل الجميل منذ لعبة Star Wars Battlefront 2 من EA، ولكن Helldivers 2 لم تقدم مركبات، وبالرغم من ذلك ترسانة الأسلحة المتنوعة التي تقدمها جعلت من ساحة المعركة شيء غني بصريًا في كل اللحظات، وعلى ذلك هذا، فإن المؤثرات البصرية الناتجة عن الانفجارات والقنابل ومختلف أنواع الأسلحة كانت قريبة من المثالية. ولم تؤثر على الأداء إطلاقًا، وكذلك التجربة الصوتية المصاحبة لها والتي حاول تقديم شيء فريد ومتقن. لم أتخيل أن تعجبني الموسيقى في لعبة جماعية! ولكن مع Helldivers 2 حدث ذلك بالفعل.
من أفضل ما قدمته اللعبة أيضًا آثار التدمير، حيث تقدم اللعبة بيئة وأعداء قابلين للتدمير و”التقطيع” بشكل كامل، يجعل من ساحة المعركة مكانًا أكثر جنونًا من لو كان هذه الامر غائبًا عن اللعبة. التجربة التي تقدمها Helldivers 2 دموية وعنيفة بشكل مُرضي، ويعتبر هذا من أكثر ما يميزها.
مشاكل الاتصال
للأسف تعاني اللعبة من مشاكل كبيرة في الاتصال، وسعة صغيرة لخوادمها وضعتني في مواقف عدة كان علي فيها الانتظار لساعات قبل الدخول إلى جلسة لعب واحدة. وهو أمر مزعج جدًا، ولكن أكثر ما أزعجني ليس هذا، بل مشاكل الاتصال التي صادفتها بعد الدخول في اللعبة والاستغراق في المهمات. هذه المشاكل تسببت في فقدان اتصالي بأصدقائي وفقدان تقدمي، وهو ما يعني ألا أحصل على اي نقاط نظير ساعة أو أقل بقليل من اللعب.
اللعبة تدعم اللعب المشترك بين المنصات (PC و PS5) وهو أمر رائع، وهناك أيضًا تواصل صوتي داخلي- In Game Voice Chat- في اللعبة، وهو أمر رأيناه يغيب عن ألعاب أخرى صدرت قريبًا، ولكن على الجانب الآخر ميزة Quickplay لا تعمل في معظم الأحيان، وهناك تأخير بين لحظة ارسال الدعوات ولحظة تلقيها من الجانب الآخر. وهي كلها أمور يمكن إصلاحها في أي وقت بالمستقبل القريب، ولكن لا ينفي هذا صفة الإزعاج عنها.
كلمة أخيرة
لعبة Helldivers 2 هي واحدة من أجمل وأمتع الألعاب الجماعية في السنوات الأخيرة، وهي حتمًا مفاجأة لم يتوقعها حتى أشد المتفائلين باللعبة، فبين نظام التقدم الرائع، والعالم المليء بالكوميديا السوداء، هناك أساس لعبة جماعية مبني باحترافية، بحيث يجعل اللعبة ممتعة وقابلة للاستمرار كذلك لفترة طويلة جدًا. إذا كنت تبحث عن تجربة لتخوضها مع أصدقائك وتعيدك لأيام اللعب الجماعي الذهبية، فـHelldivers 2 هي ضالتك بلا شك، فبسعر 40$ من الصعب أن تجد أي شيء أفضل من هذا وبهذه الجودة الفائقة. لكن يجب أن تعلم أن اللعبة تعاني من بعض المشاكل في الاتصال.