ألعاب الرعب المُستقلة دائمًا ما تُقدم فكرة مميزة ومبتكرة، وتكون مصنوعة بحب من قبل المُطورين لتقديم أفضل تجربة ممكنة، وهذا هو الحال مع لعبة Hollowbody التي استوحت الكثير من الأفكار من ألعاب Resident Evil و Silent Hill القديمة، بإضافة قصة مميزة في عالم سوداوي مميز، والنتيجة النهائية هي عمل شخص واحد فقط على اللعبة لبضعة سنوات ليُخرج لنا تجربة رعب رائعة تضع لنفسها مكانًا بين عمالقة صُناع ألعاب الرعب! كما سنتعرف معًا في تفاصيل تقييم ومراجعة Hollowbody.
قصة Hollowbody السوداوية هي أساس متعة التجربة هنا
تقع أحداث قصة Hollowbody في المستقبل حيث أدت جائحة أصابت مجموعة من المدن البريطانية إلى انتشار وباء سيطر على عقول الناس وجعلهم يتحولون إلى زومبي وآكلي لحوم بشر، ومع وجود الكثير من الأشياء الغريبة التي تحدث في هذا العالم المُظلم، تخرج إحدى الباحثات Sasha من أجل البحث عن الأجوبة حول ما حدث وأسبابه رغم مرور عشرات السنوات على الجائحة.
رغم كل التخوفات والتهديدات والحديث الذي أجرته بطلة اللعبة Mica مع رفيقتها Sasha لتمنعها من الذهاب، إلا أن ساشا قد ذهبت بالفعل واختفت لمدة أسبوعين وهذا كان متوقعًا، فأي شخص بكامل قواه العقلية يعلم أن الذهاب إلى ذلك المكان كان عبارة عن رغبة في الموت، رحلة في اتجاه واحد، لكن ساشا لم يكن من السهل اخافتها، فهي كانت تبحث عن الحقيقة في نهاية المطاف!
بعد أسبوعين، تتمكن أخيرًا Mica من الحصول على تصريح من أجل الدخول لهذه المنطقة المحظورة وتطير فوقها بمركبتها الطائرة بحثًا عن رفيقتها ساشا خلال ساعتين فقط، لكن لم تسير الأمور كما أرادت ميكا.. ففجأة يملأ السماء لون أبيض يعمي البصيرة، وتقع مركبة ميكا على الأرض، ويجب عليها الآن تجول هذه المدينة الميتة حيث تتفادى الأعداء وتحل الألغاز، وتحاول العثور على رفيقتها ساشا وإعادتها للديار مرةً أخرى في رحلة مميزة داخل مدينة منهارة.
قصة Hollowbody ليست طويلة، ويمكنك الانتهاء من اللعبة في حوالي 3-4 ساعات لعب حسب استكشافك وقراءتك لكل المستندات والملفات فيها. وهذا وقت ممتاز بالنسبة للسعر الذي تطلبه اللعبة حيث تُباع بسعر 9 دولار فقط على متجر ستيم في منطقة الشرق الأوسط!
____
لا تفوت: أفضل 7 ألعاب رعب اندي ننصح بتجربتها
____
أسلوب لعب بسيط، ولكنه يُعاني من التكرار
لنتحدث في البداية عن الكاميرا، فهي رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث مزجت بين الزوايا الثابتة والزوايا الديناميكية لتمنحنا شعور Silent Hill 2 و Resident Evil القديمة بطريقة إبداعية. معظم الوقت أثناء تنقلك في العالم ستجد أن الكاميرا الديناميكية معك في كل خطوة، لكن عندما يريد أن يقوم المطور بلفت نظرك لمكانٍ ما أو شيءٍ ما، يقوم باستخدام زوايا ثابتة بطريقة أسطورية حتى يجعلك تُركز في هذا المكان، بدلاً من الطريقة المضحكة التي يستخدمها المطورين الآخرين الآن مثل وضع قماشة صفراء أو طلاء أصفر في المكان الذي يريدونك أن تذهب إليه.
أسلوب اللعب هنا هو مزيج بين القتال والاستكشاف، حيث يمكنك مواجهة الأعداء باستخدام بعض الأسلحة اليدوية أو المسدس والـ Shotgun وحتى القوس والسهم. المواجهات مملة للأسف وفي الكثير من الأحيان لا تُقدم أي فكرة أو أي جديد، فقط بعض الأعداء الذين يظهرون أمامك على الشاشة ويجب قتالهم واحدٍ تلو الآخر حتى تنتقل للمنطقة التي بعدها. كنت أتمنى وجود تركيز أكبر على القتالات هنا لأن الكاميرا واستخدامها رائعين بصراحة.
نفس الشيء في الألغاز، فرغم أن بعض الألغاز هنا مميزة جدًا وتُعيد ذكريات ألعاب الرعب الكلاسيكية، إلا أنها مُعادة ومُكررة طوال أحداث اللعبة وستجد أن الفكرة هي عبارة عن البحث عن شيءٍ ما لفتح مكانٍ ما. نعم توجد بعض الألغاز التي تحتاج تفكير، واللعبة هنا لا تمسك يدك وتوجهك بأي شكل، لكن أمنيتي كانت الحصول على ألغاز أفضل وأقوى عمومًا خاصةً وأن أكثر من نصف وقت اللعبة تقضيه باحثًا عن أشياء مختلفة في البيئة.
بالحديث عن البحث في البيئة، فقصة اللعبة هنا لا يتم سردها عن طريق مجموعة من المشاهد السينمائية، بل يجب عليك قراءة مستندات والاستماع إلى قصص الأشخاص الذين كانوا يعيشون في هذه المدينة الميتة قبل مجيئك، وتلك هي الطريقة الأفضل لسرد القصة من وجهة نظري عن طريق بناء العالم وما حولك بدلاً من إخبارك بكل شيء في وجهك كلاعب، وقد نجح المُطور في بناء عالم رائعة صراحةً بكثير من القصص المؤثرة التي ستجعلك مندمجًا مع الشخصيات وتحب أن تعرف كل ما يجري من حولك، مما يجعلك في النهاية تستكشف البيئات أكثر بالطبع!
أعجبني هنا أن اللعبة تطلب منك إدارة الموارد بشكل كبير لأن كل المواجهات من الممكن أن تؤدي لموتك بسهولة إذا كنت غير مُجهز بالرصاص الكافي في أسلحتك، أو مثلاً بالعتاد الكافي لزيادة حياتك عندما تواجه أكثر من عدو في آنٍ واحد، مما يجعلك كلاعب تُفكر: هل أُطلق النار على هذا العدو أم أحافظ على الموارد التي أملكها لمواجهة أكبر مستقبلاً؟
المشكلة الرئيسية التي أملكها مع أسلوب اللعب هي نقاط الحفظ والتي كان مزعجة في معظم الأوقات. أنا أعلم أن المُطور يريد بناء الخوف والتوتر، ولكن هذا لا يتم عبر توفير نقاط حفظ كل نصف ساعة مرة مثلاً. أنا لا أريد أن أُعيد كل هذا إذا مُتّ بالخطأ وأنا أواجه مجموعة كبيرة من الأعداء. شخصيًا أرى أن نقاط الحفظ كان يجب توزيعها على اللعبة بشكل أفضل من ذلك لضمان تجربة أسلس للاعبين وألا يشعروا بالملل بالأخص وأن الكثير من اللاعبين لا يمتلكون الوقت الكافي لإعادة نصف ساعة لعب أو أكثر إذا ماتوا أثناء مواجهة ما!
التجربة البصرية تُعيدنا إلى ذكريات الألعاب الكلاسيكية
التصميم البصري هنا رائع، وتحمل اللعبة طابع التجارب الكلاسيكية المميزة التي عشناها مع Silent Hill و Resident Evil بتفاصيل أبسط والتركيز على بناء المود المُخيف أكثر من ملء الشاشة بكمّ ضخم من البيانات أمامك. اللعبة يغلب عليها اللونين الرمادي والبني وهذا هو نفسه طابع الألعاب القديمة، وأيضًا تستلهم فكرة جعل كل شيء صعب رؤيته أمامك من Silent Hill 2.
لكن هذه المرة اللعبة لا تستخدم الضباب، بل تستخدم المطر الدائم والذي يتواصل من بداية اللعبة حتى نهايتها. أيضًا تصميم البيئات نفسه من مناطق تزورها وبنايات ومجاري وأنفاق، كله مستوحى بشكل رئيسي من Silent Hill و Resident Evil مع إضافة طابع الـ Punk Noire عليه ليُقدم الشخص الذي عمل على اللعبة تجربة مختلفة بصريًا ومميزة تضع Hollowbody في ناحية وحدها مقارنةً بباقي ألعاب الرعب التي صدرت في عام 2024 الجاري.
اللعبة لا يوجد بها موسيقى تصويرية، وتعتمد بشكل رئيسي على المؤثرات الصوتية التي صممها مُطور اللعبة الأوحد والتي بصراحة كانت مُخيفة جدًا في الكثير من الأحيان. أظن أن المؤثرات الصوتية هنا تتفوق بمراحل على ألعاب أخرى عملاقة ذات ميزانية عالية لم تستطع غمسي في عالمها بهذا الشكل الذي فعلته Hollowbody، وكالعادة المطورين المستقلين يتفوقون في بعض الأصعدة لأنهم يعملون فعلاً بحب على ألعابهم!
أيضًا نادرًا ما نرى لعبة مُستقلة تمتلك تمثيل صوتي كامل، وتلك هي إحدى نقاط قوة Hollowbody حيث أن كافة فريق التمثيل بداية من بطلة اللعبة للشخصيات الأخرى الجانبية في اللعبة أدوا دورهم بشكل مثالي واستمتعت جدًا بنبرة صوتهم التي كانت بها رهبة واضحة، الطاقم الصوتي هنا كان محترفًا للغاية.
نظرًا لأن رسومات اللعبة خفيفة جدًا، فالأداء التقني كان مثاليًا على الحاسب الشخصي الذي أمتلكه بمعالج Intel Core i5-10400F و 32 جيجا بايت من الرامات مع بطاقة Nvidia GeForce RTX 3050. تمكنت من تشغيل اللعبة على إعدادات مرتفعة ودقة 1080p وحصلت في المقابل على 120 إطار في الثانية بدون أي مشاكل. أيضًا اللعبة شبه خالية من أي مشاكل تقنية أو Bugs أو جليتشات، والتجربة التقنية ككل كانت سلسة جدًا.
الخلاصة
لعبة Hollowbody هي تجربة رعب ممتازة لكل من يبحثون عن لعبة تُعيد لهم ذكريات Silent Hill و Resident Evil القديمة. بقصة مؤثرة وأسلوب لعب ممتع (رغم أنه مُكرر)، وتصميم رسومي خلاب مع مؤثرات صوتية وتمثيل صوتي رائعين، فقد نجح فريق مُكون من شخص واحد أن يُعيد لنا ذكريات أفضل ألعاب الرعب في التاريخ، وكالعادة يستمر المطورين المُستقلين في السيطرة على هذه الصناعة بأفكارهم الإبداعية. أُرشح وبشدة تجربة Hollowbody لكل مُحبي ألعاب الرعب بالأخص وأنها لعبة صغيرة يمكن الانتهاء منها في جلسة واحدة فقط!
