مراجعة Indika

حصلت لعبة Indika على اهتمامي منذ إعلانها الأول، أولًا لأنها لعبة مستقلة بمظهر لعبة AAA، وثانيًا لأنها بدت لي لعبة مستوحاة من Silent Hill بشكل كبير حيث قدمت أجواء غامضة ومرعبة تجعل الخوف والريبة يتسللان إلى داخل اللاعب، وهو نوع التجارب الذي أحب أن أخوضه خصوصًا لو كانت اللعبة من مطور مستقل من روسيا، فلكل مطور مستقل لمسته الخاصة، كما أن المطور الروسي يهتم دائمًا بعنصر القصة وكتابة الشخصيات، والآن وبعد قضاء 5 ساعات مع اللعبة أستطيع أن أخبركم برأيي النهائي حولها. إليكم مراجعة Indika

قصة اللعبة بدون حرق

تدور أحداث القصة ي نسخة عالم موازي من روسيا بالقرن التاسع عشر، حول راهبة شابه تُسمى Indika، تلتحق بدار رهبنة روسية، وتتلقى معاملة سيئة ممن هم أعلى منها مركزًا، أولًا لأنها كثيرة الأسئلة ولديها بعض المعتقدات التي لا يسمح بتداولها في مثل هذه الأماكن، وثانيًا لأنها مصابة بحالة مرضية نفسية تشبه الانفصام في الشخصية تظن هي ومن حولها أنه مس شيطاني يجعلها شخصية مكروهة ويثير السخرية منها في الكثير من الأحيان مما يزيد من عزلتها ويجعلها أكثر الشخصيات المنبوذة في مكان عملها ومعيشتها. حالة Indika سيئة وبائسة لأقصى الحدود والرحلة هي رحلتها الشخصية لاكتشاف ذاتها ومعرفة مصدر ما يحدث لها، بالإضافة لكشف خبايا الحياة التي تعيشها والتي تبدو Indika غير مقتنعة بها كثيرًا.

القصة تقدم أداء تمثيلي على أعلى مستوى، ذكرني بأقوى أفلام السينما التي تناولت فكرة شبيهة، وذكرني أيضًا بلعبة Hellblade التي قدمت نموذجًا مشابهًا من حيث التركيز على المرض النفسي وأهمية الاعتراف به ومعالجته المعالجة الصحيحة، ولكن Indika تضيف جوانب أخرى لهذه الرؤية لتصبح أكثر شمولًا، كما أنها تمتلك بعض الأفكار الفلسفية والتي أجدها مبالغًا فيها بعض الشيء، مثل مدى فداحة “الذنوب” وكيف يحدد الشخص نفسه إذا كان سيئًا أو خيرًا من خلال تقييم كم الذنوب التي يرتكبها، فهناك بالطبع ذنوب أكثر فداحة من ذنوب أخرى، مثلا القتل، أو التجسس على الآخرين، أو تمني الشر لشخص آخر…فمن بين مرتكبي كل هذه الذنوب، أيهم أرتكب شيئًا أكثر فداحة، ولماذا؟ مثل هذه الأسئلة استغرقت كثيرًا من وقت القصة القصير، ولكنها كانت مهمة في تشكيل شخصية Indika ومحاولة عرضها على اللاعب وجعله يفكر في المنطق الذي تفكر به البطلة.

اللعبة لديها شخصيات رائعة، بداية بالبطلة ووصولًا إلى الشخصيات الجانبية التي لم تكن كثيرة في العدد ولكنها عظيمة في الأداء ولها ثقل ودور مهم في بناء القصة والعام. لكن أعيب على القصة كونها قصة معقدة وكئيبة بشكل مبالغ فيه. لا أنصح باللعبة سوى للبالغين لأنها تستعرض أفكار ظلامية، وتحتاج إلى شخص ذو إيمان قوي حتى لا يتأثر بالأفكار العقائدية الفوضاوية التي تحاول اللعبة طرح الأسئلة حولها.

أتفهم أن اللعبة تحاول استكشاف مخاطر أن يكبر المراهقين في بيئة دينية أساسها طاعة الله على أساس الخوف والرهبة وليس على أسس الفهم والإيمان، ولكن محاولة إظهار هذا الشيء كان فيها تماديًا في بعض المشاهد والأوقات.

أسلوب اللعب

أسلوب اللعب هنا ينقسم بين نوعين من الألعاب، ألعاب الألغاز و Walking Sim، مع أجواء مرعبة لكن يجب علينا التأكيد على أنها ليست لعبة رعب، ولا تتعمد إخافتك بل تكتفي بإثارة ريبتك وهو أمر ممتع واللعبة نجحت في تقديمه بأسلوب مقنع. أما عن جانب الألغاز، فهو الأفضل في أسلوب اللعب، ولكن مع عمر اللعبة الذي يمتد إلى 5 ساعات فقط، كنت أشعر بوجود هامش للتحسين والتطوير على الألغاز، كتقديم تلك الألغاز بمستويات مختلفة لأكثر من مرة، كل مرة تكون فيها أكثر صعوبة وهو ما لم يحدث. هناك ألغاز بيئية تتطلب منك الاستكشاف والبحث عن طريقة لاجتياز عقبة ما في طريقك، وهناك ألغاز أخرى تقليدية مثل البحث عن عن شيء ما أو فتح باب أو أشياء من هذا القبيل. كل الألغاز صممت باحترافية شديدة.

القصة الخلفية لشخصية Indkia، وطفولتها وسبب انضمامها لدار الرهبنة الذي تعيش فيه الآن، كلها أحداث يتم استعراضها من خلال Mini Games بنظام Pixel Art الفني، بتصميم مراحل رهيب وممتع يكاد يكون أمتع من تصميم اللعبة نفسها، منها لعبة تشبه فكرة Pac Man، ولعبة أخرى عبارة عن لعبة قفز منصات، وألعاب أخرة ممتعة. كما أن الأهمية القصصية لهذه الألعاب المصغرة كبيرة وهو ما يجعلها جزء محوري في تركيبة اللعبة.

أما فيما عدى الألغاز ومراحل الـFlashback على هيئة ألعاب مصغرة، فاللعبة عبارة عن “محاكي مشي”، وهو المصطلح الذي يطُلق على الألعاب القصصية التي تقضي معظم وقتك فيها مترجلًا بلا إمكانية التفاعل مع البيئات بشكل موسع أو القتال. لعبة Indika تكون رائعة حتى في هذه اللحظات لأن الحوارات بين الشخصيات مهمة وجذابة ومقدمة بأداء ممتاز، وهناك بعض المراحل التي تقدم تغييرات بيئية، تم تقديمها على هيئة نوبات من وساوس الشيطان التي تحاول إنديكا الصلاة والدعاء لإخراج نفسها منها والعودة إلى العالم اواقعي، وهو ما ينعكس على تصميم البيئات بشكل مؤثر. هذا التصميم لم يتم تقيمه بكثرة في ساعات اللعبة -التي هي قليلة في الأساس- ولكنه كان عبقريًا وتمنيت لو تم استغلاله أكثر من ذلك.

بشكل عام أسلوب اللعب جيد، بأفكار ممتازة ولكني تمنيت لو تم البناء على ما تم تقديمه وتطويره وتقديمه عدة مرات عوضًا عن مرة لكل تصميم ثم نسيانه للأبد.

التجربة الصوتية والسمعية

التجربتان السمعية والبصرية هما أكبر مميزات لعبة Indika، حيث قدمت مستوى يرتقي لألعاب الميزانيات الضخمة AAA، من حيث تعابير الوجوه ومدى قوتها ودقتها في نقل أحاسيس معقدة من خللا نظرات وإيماءات بسيطة، والأداء الصوتي المثالي ساهم في تحسين كل هذا وإعطائه نكهة خاصة خصوصًا أداء البطلة Indika.

رسوم اللعبة وتصميم بيئاتها أيضًا رائعة، ولكن بما أنها لعبة محدودة من حيث أسلوب اللعب، فمن المنطقي ألا نجد بيئات غنية بالتفاصيل التفاعلية والمناطق التي يمكنك استكشافها. قياسًا على ما تم تقديمه، فإن التجربة قدمت بيئات رائعة وجميلة جدًا بصريًا، وتوظيف الإضاءة كان مثاليًا لخلق أجواء مخيفة ومريبة.

الأداء التقني

الأداء التقني للعبة ثابت. جربناها على لابتوب Razer Blade 16 بالمواصفات الآتية:

• المعالج: Intel Core i9-14900HX.
• الشريحة الرسومية: Nvidia RTX 4090 بذاكرة 16GB.
• الذاكرة العشوائية:  32 جيجا بايت من نوع DDR5 بتردد 5600MHz

وحصلنا على أعلى إعدادات وحصلنا على 80 إطار بالثانية بشكل ثابت، على الرغم من أن اللعبة ليست متطلبة تقنيًا، وهي أيضًا لعبة سينمائية، لذا لم أجد أن معدل الإطارات المرتفع أمر شديد الضرورة، ولكنه كان مرتفعًا على أية حال.

كلمة أخيرة

استمتعت بلعبة Indika، وبأجوائها المريبة وعالمها الجميل جدًا بصريًا، وتعلقت بالشخصية وقصتها البائسة، والتي لا مكان فيها للتفاؤل، وفوجئت برسالتها القوية التي تحاول سردها من خلال قصة معظم الأحداث فيها متروكة لتفسير اللاعب. لعبة Indika هي اندماج ناجح بين السينمائية العميقة والسرد من الطراز الأول، مع ألعاب مثال Hellblade التي تركز على الشخصية الرئيسية أكثر من أي شيء، وعلى صعيد أسلوب اللعب فقد حصلنا على أفكار عبقرية لكنها لم تستغل بالكم المطلوب. تركتني لعبة Indika وأنا أريد المزيد وهذا هو المطلوب.