في يوم 1 مارس الماضي فوجئنا جميعًا بخبر وفاة الفنان الشهير وصانع المانجا الرائع Akira Toriyama عن عمر يناهز 68، وكانت من أبرز أعماله مانجا دراجون بول وساندلاند، وبينما يعرف الجميع الأولى (دراجون بول)، فإن اليوم هو فرصة رائعة لكي يتعرف اللاعبين على الأخيرة (ساند لاند) من خلال اللعبة التي يعمل عليها استوديو ILCA, Inc.، فبعد سنوات كثيرة من عرض المسلسل التلفزيوني، ها هي المانجا الرائعة تحصل على أول لعبة فيديو مقتبسة عنها، فهل تستحق الشراء والتجربة؟ إليكم مراجعة Sandland .
القصة بدون حرق
تدور قصة اللعبة في زمن غير معروف، حيث اشتغلت الحرب بين البشر وتحولت على إثرها الأرض إلى صحراء كبيرة وعاش البشر في حالة من شح الماء والتنازع على الموارد بسبب هذه الحرب الطاحنة، والتي أبيد على أثرها جنس مخلوقات يسمى “البيتشي”، هذا العالم يسمى Sandland وتعيش فيه مخلوقات الشياطين أو “Demons” في حالة من العداء مع البشر وحرب على الماء معهم أيضًا. يحكم الأرض من البشر “الجيش الملكي” والذي يرأسه ملك ظالم وأبله لا يفقه شيئًا عن الحكم سوى رغبته في تحقيق مصالحه الشخصية.
في هذا العالم تلعب أن بشخصية “بيلزبوب”، أمير الشياطين، وابن الشيطان “لوسيفر” كبير الأشرار في هذا العالم، ولكنه بالرغم من ذلك يمتلك في قلبه قدرًا من العطف يفوق بعض البشر في هذا العالم. في يوم من الأيام يقابل مجموعة الشياطين ومن ضمنهم “بيلزبوب” رجل يدعى “راو” وهو شريف أحد البلدات الصغيرة، وضابط سابق في الجيش يدعوهم للتعاون معه في البحث عن “الينبوع الأسطوري” وهو مصدر ضخم للماء يشاع أنه موجود بالفعل، وهو أمل البشرية الوحيد. ينطلق في الرحلة 3 شخصيات، وهم “Thief” و “Rao” و “Beelzbub” ويلتقون بشخصية رابعة – لن أذكرها لتجنب الحرق- وتكون هذه الرحلة هي محور قصة اللعبة التي تكشف دوافع وتواريخ كل شخصية، وخصائص الحياة في عصر ما بعد الحرب، وذكريات الشخصيات التي تعيش في ذلك العالم عن أهوال الحرب.
القصة بشكل عام مماتزة، وفاقت توقعاتي. وكشخص لم يشاهد الأنمي ولم يقرأ المانجا الخاصة بساند لاند، كنت مهتمًا بكل مهمات القصة الرئيسية التي استغرقت مني حوالي 18 ساعة لإنهائها حيث قدمت مجموعة من اللحظات الدرامية القوية، والشخصيات المكتوبة باحترافية شديدة، ذكرتني بالعصر الذهبي لدراجون بول. قصة قوية حول أنانية البشر والشر الذي يتمثل في الأشخاص ذوي السلطة، والسلام فيما بين المتناحرين. أشياء لم أكن أتخيل أن تقدمها لعبة Sandland بهذه القوة.
في الوقت نفسه، القصة بها الكثير من لحظات المرح، وخفة الظل والشخصيات الخفيفة على القلب والدماغ، وساعد في التوسع في هذا الجانب أسلوب اللعب السهل والسلس والنشاطات الجانبية الوفيرة التي إن أردت يمكنها أن تمد عمر اللعبة إلى 25-30 ساعة مثلًا.
أسلوب اللعب
لعبة Sandland هي لعبة عالم مفتوح بتجربة قتال في الوقت الحقيقي، مع أساليب تنقل متنوعة من خلال 5 مركبات توفرهم اللعبة على مدار عمرها الذي يمتك من 15 إلى 20 ساعة من اللعب، ومهمات جانبية وأخرة أساسية ونظام تخصيص وتطوير للمركبات وجمع للموارد.
تصميم اللعبة العام مألوف، ولا يوجد الكثير من الإبداع في اختراع أساليب جديدة لقضاء الوقت، لكن الإبداع الكبير يكون في التفاصيل، فكيفية التنقل كانت من بين الأمور التي شغلتني كثيراً خلال وقت لعبي. اللعبة تقدم 8 مركبات كل منها يختلف في الوظائف التي يستطيع القيام بها، والذخائر التي يطلقها في المعارك. هناك دبابة تطلق القذائف، وهي الوحيدة القادرة على تدمير الجدران الضعيفة للمرور من خلالها وفتح طرق جديدة،وهناك دراجة نارية سريعة تستطيع السير فوق الرمال المتحركة دون الغرق فيها، وهناك “آلي القفز” الذي يستطيع القفز لمسافات كبيرة ويتيح لك تسلق الصخور الضخمة والتلال والمرتفعات باختلافها، وهناك أيضاً الدرع الحديد للقتال مع الزعماء الأشداء والديناصور الذي يمكنك امتطاؤه، وزلاجة طائرة وغيرها من المركبات المميزة. الدعاية ركزت على هذا الجانب كثيرًا وهو ما يشير إلى أن المطورين صبوا عليه جهدًا كبيرًا، وهو بالفعل أمر واضح في تجربة اللعبة حيث قدمت المركبات نظم قتال وتنقل ممتعان، وكان من أفضل ما تم تقديمه في الفترة الأخيرة في الألعاب.
استخدام المركبات في تجاوز عقبات البيئة القاحلة والصعبة لأراضي الرمال (Sandland) كان أمرًا ممتعًا أيضًا وذكرني بلعبة Batman Arkham Knight التي صُممت بعض مهامها لتدفع اللاعب لاستخدام ما تملكه المركبة من قدرات، وهكذا فعلت Sandland أيضًا بشكل متوازن وممتع. أما المعارك، فالتبديل بين المركبات كان سلسًا، والذخائر على اختلافها تقدم تنوعًا كبيرًا يجعل من كل معارك اللعبة بالرغم من افتقار الأعداء للتنوعية ممتعة إلى حدود بعيدة.
لكن بجانب المركبات، هناك أيضًا معارك يدوية، وهذا الجانب أيضًا كان ممتازًا، بل وفاق توقعي الشخصي لأن Sandland تقدم قدرات خاصة لشخصية “بيلزبوب” ورفاقه مع شجرة مهارات متوسطة الحجم وكبيرة التأثير بشكل جعل المعارك اليدوية ممتعة في الأوقات التي أجبرت على اللجوء لها، لكن بشكل عام اعتمدت على المركبات في الأغلبية الكاسحة من معاركي مع الأعداء.
مع جانب المعارك وإمكانية التطوير، يأتي جانب جمع الموارد، وهو الأمر الذي لم يكن ممتعًا في اللعبة على غرار معظم ألعاب العالم المفتوح، ولكنه كان ضروريًا، والميزة هنا أنه ليس إجباريًا، لإنه لا شيء أبغض من أن تجبرك اللعبة على شيء لا تتقن تقديمه بشكل ممتع. يصبح وقتها الأمر عبارة عن جلسات عذاب مُكثف!
بشكل عام أبدعت بانداي نامكو في تقديم الشخصيات والعالم بشكل أخاذ، وجعل رحلتك معهم رحلة مميزة لا يمكن أن تُنسى بسهولة، بل أن هذه اللعبة جعلتني متحمس ومستعد لمشاهدة الأنمي الخاص بالشخصيات، وأعتقد أن هذا أكبر نجاح يمكن للشركة أن تحققه.
التجربة السمعية والبصرية
تستخدم لعبة Sandland اتجاهًا فنيًا مشابهًا لألعاب One Piece و Dragon Ball من Bandai Namco (نفس الناشر) وألعاب Dragon Quest والتي تستند جميعها على اتجاه فني معروف في الأنمي، بينما تشترك Dragon Quest و Dragon Ball و Sandland في أن الرجل الذي عمل عليهم جميعًا كان هو الأسطورة Akira Toriyama، لذا ستلاحظ الكثير من التشابهات فيما بينهم في أشكال الشخصيات وتعابير الوجوه.
الاتجاه الفني للعبة يجعل رسومها الكرتونية مميزة وذات طابع خاص. لم أنزعج من أنها لعبة “كرتونية” لأني أحب هذا الاتجاه الفني الغني، ولكن ما أسعدني هو أن الاتجاه الفني هذا لم يمنع المطور من تقديم لقطات جميلة تحبس الأنفاس. الكثبان الرملية ومن تحتها أنهار الرمال المتحركة، والتضاريس الغريبة كلها قدمت تجربة بصرية ممتعة، بجانب مؤثرات القتالات التي تبدأ في الخروج عن السيطرة مع تطوير المركبات. لم أكن أتخيل أن تقدم لعبة مثل هذه كل المؤثرات البصرية التي قدمتها وبهذا المستوى من الإتقان والجمال.
أما التجربة السمعية، فاعذروني، أنا لست كمعظم اللاعبين الذين يفضلون لعب الألعاب اليابانية بأصوات يابانية وترجمة إنجليزية، أنا أسعى دومًا لإيجاد الأصوات الإنجليزية في الألعاب اليابانية ودومًا ما أتمنى أن تكون بالمستوى المطلوب، وهنا فإن طموحي قوبل بما فاقه! الأداء الإنجليزي ممتاز، وسلس ويعطي الشخصيات أداءات تمثيلية تليق بهم وتعلق بالأذهان، والموسيقى كانت ممتازة أيضًا، ولكن يجدر بي ذكر كونها هادئة أكثر من اللازم في بعض الأوقات.
الترجمة العربية غابت عن اللعبة للأسف، ربما لأن الشركةالناشرة لم تتوقع مبيعات كبيرة للعنوان من المنطقة العربية، ولكن في رأيي هذا الأمر لا يبرر أبدًا عدم دعم اللعبة، لأن هناك لغات لدول صغيرة تعدادها أصغر من المنطقة العربية تكون متواجدة دائمًا في جميع الألعاب!
في النهاية، Sandland هي لعبة تُباع بسعر 60$ للنسخة العادية، وشخصيًا أجد أنه سعر مناسب للعبة مقابل القيمة التي تقدمها، ولكني أعرف أيضًا أن البعض سيجده سعرًا مرتفعًا خصوصًا أن اللعبة لا تقدم قيمة إعادة ضخمة، وهناك ألعاب بهذه القيمة المادية تمنح وقت أكثر من اللعب. لكن بقصة عظيمة، وأحداث درامية وادءآت تمثيلية قوية، تنجح Sandland في تقديم عالم المناجا الذي يحمل نفس الاسم بشكل لا غبار عليه، ممزوج بأسلوب لعب وتنقل من أمتع ما رأينا في هذه السنة داخل عالم مفتوح جميل بصريًا وباتجاه فني أخاذ.
