مراجعة Senua’s Saga: Hellblade II

حصلنا في الأيام الماضية على فرصة لتجربة لعبة Hellblade II المنتظرة، والتي تقدم تجربة تبني بها على جزئها الأول الذي فاجئنا جميعًا في 2017، إذ يصب استوديو Ninja Thoery كامل طاقته وخبرته في هذا العنوان لكي يرضي عشاق إكس بوكس، ومتابعي الاستوديو الذي عمل على بعضًا من الألعاب الرائعة في الماضي، فهل تستحق اللعبة التجربة؟ إليكم مراجعة Senua’s Saga: Hellblade II

قصة اللعبة بدون حرق

تدور قصة اللعبة حول Senua، وهي شخصية من قبيلة Orkney التي تقع في سكتلندا، في القرن الثامن الميلادي، حيث ينتشر القتل والعنف، وتتعرض قبيلة Senua إلى القتل على يد مجموعة من مقاتلي الـVikings، وهو ما يترتب عليه انطلاق سنوا في رحلة انتقام هدفها الأخذ بالثأر ممن أذوها ويؤذون الآخرين بالعنف والقتل والتدمير، كل ذلك بالتزامن مع معانتها من مرض نفسي وهو الذهان، والذي يجعلها ترى وتسمع أشياء غير حقيقية من هلاوس وأصوات لأفكارها وأصوات لأناس لم يعودوا موجودين معها.

القصة بشكل عام قدمت أفكار ناضجة وقوية، والتمثيل هو أفضل ما فيها لأن أقل الأفكار تعقيدًا يتم توصيلها للاعب بشكل درامي إبداعي يتسم بقدر كبير جدًا من الإقناع والسينمائية. هي لعبة سينمائية من الطراز الأول تنجح في جذبك بشكل كبير لما يحدث أمامك بالرغم من تركها الكثير من العناصر لتفسيرك الشخصي، كما أن القصة تأخذنا إلى مناطق عدة عبر 6 فصول كاملة، وهو ما يجعل تنوع البيئات على الصعيد البصري شيء ممتع ومع نهاية القصة يكون الشعور العام أن هذه الرحلة الملحمية كانت أمرًا جللًا يستحق أن تخوضه.

قصة اللعبة هذه المرة تقدم شخصيات جانبية وفيرة (لن أحرقها عليكم) ولكل منهم دوافعه و هدفه في الرحلة، منهم من كان شريرًا ورأى طريق الحق هو مخرجه من الظلامية التي تسود عالم اللعبة، ومنهم القوي الذي يشعر بالإنهزام، ويستمد أمله من بطل اللعبة، وغيرهم من الشخصيات الممتازة. اللعبة تصدر شعورًا بأن عالمها قد أو قد لا يكون حقيقيًا، وأن الرحلة قد تكون شيء من وحي خيال البطلة، ولكن في النهاية فإن الرسالة واضحة وهي واحدة من أقوى رسائل قصص الألعاب التي جربتها منذ فترة طويلة.

أسلوب اللعب: أقرب إلى فيلم تفاعلي 

تقع معظم مشاكل لعبة Hellblade 2 وسيلاحظ هذا الأمر أكثر كل من لم يعجبهم الجزء الأول، أو شعروا بأنه “كان بالإمكان أكثر مما كان” بخصوص تنوع آليات اللعب، حيث تقدم Senua’s Saga: Hellblade II تكاد تكون متطابقة مع الجزء الأول، فمعظم أوقات اللعب ستقضيها في السر على قدمك، والتجول في البيئات التي لا تمتلك الكثير من الاستكشاف، أو حل الألغاز، أو القتال، والقتال هو نسخة مطورة قليلًا مما كان عليه في الجزء الأول بحيث أصبح أكثر سينمائية، وعنف ودموية، ولكن على صعيد أسلوب اللعب هو لم يتغير كثيرًا، وربما هذه هي اكبر مشاكل لعبة Senua’s Saga: Hellblade II، أنها لا تحاول تحسين أسلوب اللعب سوى على صعيد السينمائية وفيما يخدم جانب السرد والقصة، وفي بعض أركانها، تناست أنها “لعبة فيديو”

القتال باللعبة يضعك في مواقف واحد ضد واحد فقط، ومن خلالها تستطيع إما الصد او التفادي أو توجيه الضربات، من خلال الضغط على أزرار محددة، وهي عملية دقيقة ولكن بسبب أن القتال واحد على واحد فقط، لم أشعر بالتحدي إلا في قليل من اللحظات، ولم تضعني اللعبة تحت ضغط كبير سوى عن طريق تلاحق القتالات بوتيرة سريعة، وتنوع الأعداء الذي كان جيدًا، فهناك أعداء يستطيعون إلقاء الأشياء، أو إطلاق نار من أفواههم، أو استخدام الدروع، أو حتى هؤلاء ذوي القوة الجسدية التي تمكنهم من القيام بالحركات المتتالية التي لا يمكن صدها، على الجانب الآخر شهدت أسلحة سنوا فقرًا في التصميم، فعلى مدار الـ8 ساعات لعب، لم نحصل سوى على السيف فقط كأداة قتالية.

اللعبة تبنت اتجاهًا سينمائيًا بالكامل، وبالتالي ألغت أي HUD أو علامات تظهر على الشاشة وعوضًا عن ذلك عليك أن تستشعر من خلال ما يحدث أمامك توقيتات الضغط على الأزرار، وهو أمر وجدته إيجابيًا لأن اللعبة تغمرك بذلك أكثرك في أجوائها السينمائية. أما عن بقية عناصر اللعب، فلم يعجبني تقديم اللعبة للمزيد من السير على الأقدام، برتم بطيء بدى لي وكأنه بهدف الحفاظ على معدل الإطارات الخاص باللعبة، لأن التفاصيل حولك في البيئة كبيرة قد تكون ثقيلة، وهو شيء يجعلني اتساءل، هل خرجت اللعبة بهذا الشكل التقني بسبب منصة Xbox Series S؟ المزيد حول ذلك في فقرة الرسوم والصوتيات.

السير على الأقدام، مع قلة الاستكشاف، وتكرار القتال جعلوا من تجربة اللعبة تجربة متكررة، حتى وإن كانت القصة رائعة، والتمثيل ممتاز والعالم جميل بصريًا، والشعور بالتكرار في تجربة تمتد 8 ساعات فقط هو أمر محبط، ولكنه ليس بالضرورة مدمر للشعور بالمتعة بشكل كامل.

الجانب الأكثر إيجابية في أسلوب اللعب كان عكس المتوقع، هو الألغاز، والتي تم تقديم المزيد منها مقارنةً بالجزء الأول، ولكن بشكل ذكي بحيث كانت ألغازًا بيئية تبحث فيها عن أقصر الطرق للعبور واجتياز العقبات، من خلال التأثير على البيئة من حولك، وهو شيء ذكرني بما رأيته في لعبة Alan Wake 2.الألغاز قدمت بتوزيعة عادلة، وأسلوب ممتع وناضج، وتحدتني لكي أفكر كثيرًا وسريعًا أيضًا في حلها، وهو أمر وصلت معه التجربة بالنسبة لي إلى قمة متعتها.

تمتلك اللعبة القليل من الاستكشاف، حيث يمكنك جمع بعض التسجيلات الصوتية لأحد الشخصيات الغامضة في اللعبة، والتي تعطيك نظرة أعمق على شخصية سنوا، والحقبة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، وتجعلك تتساءل عن كون ما تعيشه هو قصة حقيقية أو خيال، وفي المجمل كان جمعها أمر ممتع قليلًا لأنها مخبأة بعناية.

الرسوم والصوتيات

رسوم اللعبة من أجمل ما تم تقديمه في صناعة الألعاب، ولكن لا يسعني سوى أن أقول بأني شعرت أن لعبة Hellblade 2 هي لعبة مكبلة ومقيدة خصوصًا في الجانب التقني التي قدمته بامتياز، فعلى الرغم من تميزها على صعيد التحريك، وتعبيرات الوجوه، بشكل قد يتفوق على أفضل لعبة قدمت هذه الجوانب في الفترة الأخيرة -Alan Wake 2- إلا أنها ضحت بالكثير من الأشياء لأجل هذا. أول شيء معدل الإطارات، وسرعة حركة الشخصية، ثم أبعاد الشاشة التي قُدمت بأبعاد متزنة 2.39:1، لتخلق تجربة سينمائية من خلال وجود شريطين أسودين أسفل وأعلى الكادر التي تظهر فيه اللعبة، ولكن هذا الأمر في رأيي أضر بالتجربة، تمامًا كما أضر بتجارب أخرى كانت لولا ذلك ستكون رائعة، ومن ضمنها The Order 1886.

لعبة Hellblade 2 أعطتني تجربة برتم بطيء، وحركة شخصية رئيسية بطيئة وخالية من الحرية، حيث أمكنني السير في مسارات محددة فقط، مع وجود العديد من الجدران غير المرئية التي تجبرك على البقاء في محيط محدد. هذا الأمر جعلني أشعر بأن اللعبة صممت هكذا نتيجة لمحدودية منصة Xbox Series S، ولكن أعود لأذكر نفسي وأذكركم بأن لعبة Alan Wake 2 مثلًا، صدرت على المنصة نفسها ولم تعاني من مشاكل.

هذا بالإضافة إلى أن فكرة حصر القتال في وضعيات الواحد ضد واحد أمر مزعج، وحد من إمكانية تطور القتال مع مرور الوقت وجعل منه تجربة متكررة بشكل زائد.بشكل عام، التجربة السينمائية في Hellblade 2 رائعة وقد تكون من بين الأفضل، ولكن كتجربة تقنية شاملة، هناك ألعاب قدمت ما هو أفضل بطموح تقني أعلى، ولذلك لا استطيع الثناء على Hellblade 2 بالذات كونها قضت فترة تمتد إلى 8 سنوات قيد التطوير.

أما عن جانب الرسوم، فكل شيء هنا جميل جدًا. أعجبني بشكل خاص تعابير الوجوه للشخصيات. شعرت أن كل عضلات وجوههم تتحرك بشكل يبرز مشاعرهم. هناك شخصية قالت جملة ما بشكل ساخر في إحدى المرات، وبمجرد النظر لحركات شفاهها وعضلاتها المحيطة بالفم والعيون أعطتني شعورًا أقوى بالسخرية، وهو أمر لم أتخيل أن أره بهذه الدقة في لعبة من قبل، وربما لم أره سوى في Alan Wake 2 وتتفوق Hellblade 2 فيه بفارق بسيط. من الصعب وصف كل التفاصيل التي تتواجد في اللعبة، ولكن بشكل عام تفاصيل البيئات والأسطح، والأجواء هم أفضل الجوانب في اللعبة بعد القصة، فلعبة Hellblade 2 من أكثر العناوين التي ركزت على الأجواء في تاريخ صناعة الألعاب، ومن ضمنها أجواء الريبة والقلق والتي كانت قوية لدرجات لا توصف.

الأصوات أيضًا لعبت دورًا محوريًا، سواء من خلال أصوات الشخصيات وأداءتهم التمثيلية، أو من خلال أصوات البيئات أو الأصوات التي تسمعها سنوا باستمرار داخل عقلها، والتي تطلق عليها اللعبة اسم Furies. هذه الأصوات كانت عبقرية، حيث استغلت اللعبة الصوت المحيطي وثلاثي الأبعاد لتجعل الأصوات تبدو وكأنها حولك في كل مرة تتحدث فيها، لدرجة جعلتني ألتفت حولي في بعض الأحيان نتيجة لشعوري المستمر أني مراقب وأن هناك من هم حولي. عشت حالة الذهان الذي مرضت بيه سنوا وأنا ألعب اللعبة، وبقدر كون هذا الأمر رائع وواقعي، إلا أنه قدم بنسبة كبيرة في الجزء الأول، وليس تجديدًا يُحسب بأكمله للجزء الجديد، لذا لن استطيع ضمه للتقيم النهائي لهذه اللعبة بشكل كامل.

اللعبة قدمت أيضًا موسيقى درامية رائعة، هادئة في أوقات وملحمية في أوقات. حركت معها مشاعري بشكل قوي، وجعلتني أشعر بأهمية الرحلة التي تكافح خلالها سنوا أصواتها الدماغية لكي تصل إلى هدفها. أحببت بشكل عام شخصية سنوا أكثر من الجزء الأول، لأنها شخصية أنثوية قوية، ولديها هدف واضح وتحب الخير للجميع، بالرغم من شعورها بالألم، ومعانتها الكبيرة.

الترجمة العربية ودعم الشرق الأوسط

أسعدني أن رأيت دعمًا كبيرًا للمنطقة العربية في الفترة الأخيرة في ألعاب Xbox، ومن ضمنها لعبة Grounded التي جربتها مؤخرًا على جهاز PS5 بترجمة عربية كاملة، ومتقنة، والوضع مستمر مع Hellblade 2 التي تقدم هي الأخرى ترجمة عربية للنصوص والقوائم والحوارات، وفي مجملها فإن الترجمة قد قدمت تجربة ممتازة، ودقة في نقل التعابير والألفاظ جعلت التجربة أسهل لمن لا يفهم الإنجليزية بنسبة 100%.

لكن، يجب أن نذكر أيضًا أن الترجمة بها بعض المشاكل في اتصال الحروف ببعضها، وهو أمر مزعج جدًا لكل من يطمح للاهتمام الكبير من إكس بوكس بالمجتمع العربي للاعبين. Hellblade 2 أيضًا لديها مشكلة الضمائر الدارجة في الألعاب المترجمة للعربية، حيث تجد في بعض الأحيان شخصيات نسائية يتم توجيه الحديث لها وكأنها شخصية ذكورية، والعكس. هذه الأمور بقدر كونها مزعجة، لكنها لا تنقص أبدًا من قام بأعمال ترجمة اللعبة من حقه في الإشادة حيث قام بعمل رائع في ترجمة الألفاظ والمصطلحات الصعبة.

كلمة أخيرة

لو كانت لعبة Hellblade 2 فيلمًا سينمائيًا، لكنت أحببته جدًا بقدر قليل جدًا من الاعتراضات على ما تم تقديمه، ولكن لأنها لعبة فيديو، أو فيلم تفاعلي، فهذا الوصف يضع على كاهلها توقعات محددة لا يجب أن تقل عنها، ومنها أن يكون ذلك التفاعل مع القصة التي تحدث أمامك ممتعًا، ومتنوعًا بالقدر الكافي الذي يجعلك مقتنع باللعبة وكونها “لعبة فيديو” وليست فيلمًا. هذا الوضع لم يكن حاضرًا مع Hellblade 2 في بعض لحظاتها، حيث جعلتني أشعر بأن لا قيمة كبيرة لمدخلاتي على ما يحدث، فأنا لا أفعل شيء سوى السير والقتال بشكل متكرر جدًا في نسبة كبيرة من ساعاتها الثامنية. هذا الأمر جعلني أشعر بالحيرة بسبب مدة التطوير الكبيرة التي قضاها الاستوديو في العمل عليها.

لكن على الجانب الآخر، هي لعبة سينمائية ممتعة، بجودة رسومية فائقة، وطريقة سرد وإخراج وتحريك كاميرا لا يمكنني أن أصف مدى جمالهم، وهي أيضًا متوفرة مجانًا لمشتركي خدمة Xbox Game Pass وهو ما يجعلها تجربة تستحق أن تخوضها، لأن كل ما يفصل بينك وبينها هو مجرد تحميلها فقط.

Hellblade 2 أحبطتني بسبب تكرارها لمعظم أخطاء الجزء الأول، ولأنني توقعت شيء يحسن في كل شيء قدمه الجزء الاول. لكن من خلال حملة الدعاية الشحيحة، كان الأمر واضحًا بأن تخوفات مايكروسوفت حول اللعبة لها أسبابها، أو ربما لأن اللعبة لم يكن لديها الكثير لاستعراضه. الآن أنا أفهم لماذا لم تسوق مايكروسوفت للعبة كثيرًا من خلال مقاطع كثيرة لها، والسبب هو أن اللعبة لن تبدو رائعة في المقاطع، لأن معظم أوقات اللعب تقضيها في لحظات متشابهة.

ننصح بشرائها لـ

  • كل مشتركي Xbox Game Pass
  • كل محبي الجزء الأول
  • لكل من يريد لعبة قصصية قوية
  • لكل من لا يمانع ألعاب الـWalking Simulator
  • لكل من يريد لعبة قوية قصصيًا على Xbox

لا ننصح بشرائها لـ

  • لمن لا يحب الألعاب السينمائية
  • لمن لم يحب الجزء الأول
  • لمن يريد لعبة أكشن ذات وتيرة سريعة
  • لمن سيضطر لدفع سعرها الكامل
جيدة
0

الإيجابيات

  • القصة
  • أسلوب السرد والإخراج
  • شخصية سنوا
  • الشخصيات الجانبية
  • الألغاز
  • أداء تقني لا غبار عليه
  • صوتيات مثالية
  • تجربة بصرية قوية وخصوصًا تعبيرات الوجوه

السلبيات

  • أسلوب لعب مكرر
  • معارك محدودة
  • حركة الشخصية بطيئة
  • تكرار مشاهد المشي بشكل مبالغ فيه
  • عدم وجود قيمة كبيرة لمدخلات اللاعب على أسلوب اللعب

 عِش معنا متعة اللعب على أصولها.. لمزيد من المقالات الرائعة تابعو قناتنا على واتساب.

وسوم

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x