تعتبر لعبة Star Wars Battlefront 2 واحدة من أبرز العناوين التي يُضرب بها المثل في سوء نموذج الألعاب الخدماتية (GaaS) بسبب حالتها المذرية وقت الإصدار. ولأن العقل الجمعي مُندفع، ولا يهتم لما يحدث بعد الكارثة، لم يلحظ الكثيرون رحلة العودة من بعيد التي قام بها استوديو Dice مع اللعبة، وكيف أصبحت بعدها بسنوات قليلة بدءًا من 2019، وحتى الآن.ما أشبه اليوم بالبارحة، فلعبة Battlefield 2042 من الاستوديو نفسه تواجه نفس المشاكل وتعود من بعيد أيضًا لتكون واحدة من أمتع الألعاب الموجودة حاليًا، ولكن تشابه التجربتين يطرح أسئلة كثيرة حول طريقة عمل الاستوديو وسبب إقدامه على إطلاق الألعاب في هذه الحالة، ربما لن تتسع المقالة للإجابة على هذا السؤال بالتحديد ولكننا جاهزون تمامًا للحديث عن Battlefront 2 في 2023. إليكم مراجعة Star Wars Battlefront 2.
أولًا القصة.. حكايا اعتيادية من أحداث الفيلم
تقدم قصة اللعبة الفردية في Star Wars Battlefront II إمكانية استكشاف مواقع مختلفة عبر مجرة Star Wars، بما في ذلك الكواكب المألوفة التي ظهرت في الأفلام، مثل Endor و Naboo و Takodana و Bespin و Jakku، بالإضافة إلى Fondor وPillio وVardos وهي كواكب ثلاثة جديدة تمامًا وأصلية ظهرت فقط في اللعبة.
تبدأ أحداث القصة في وقت قريب من قصة فيلم Return Of The Jedi، وتصور العام الأخير من حدث كبير جرى في عالم ستار ورز وهو Galactic Civil War ، والتي انتهت بمعركة Jakku التي شهدت هزيمة إمبراطورية المجرة. أما الفصل الأخير من عمر اللعبة يحدث بعد 29 عامًا من انتهاء الحرب الأهلية في المجرة، في وقت قريب من فيلم The Force Awakens، وهناك توسعة تحت اسم Resurrection تضيف المزيد للقصة بعد نهايتها، وتضم ثلاثة مستويات إضافية تحدث بالتزامن مع أحداث فيلم The Force Awakens.
القصة تأذخنا للعب بشكل رئيسي بدور شخصية نسائية تدعى Iden Versio (لعبت دورها Janina Gavankar)، وهي قائدة Inferno Squad، وهي مجموعة من نخبة الجنود التابعين للإمبراطورية، لذا هي أول مرة نرى فيها قصة الحرب المجرية (Galactic War) من منظور الأشرار الأساسيين لسلسلة Star Wars.تجربة واعدة أليس كذلك؟ في الحقيقة لم يتم استغلال القصة بشكل مثالي، فبالرغم من تقديمها أحداثًا ملحمية ولحظات أكشن بمؤثرات بصرية ومقاطع سينمائية فائقة الجودة حتى بمقاييس الآن، إلا أنه كان بالغمكان أفضل مما كان. لا يمكنني مقارنة القصة مثلًا بلعبة Jedi Survivor، ولكنها قصة تفي بالغرض وقد جاءت لفعل هذا تمامًا، بعد جزء أول لم يتضمن طرو قصصي من الأساس. لا أعلم لماذا يحب DICE الإقدام على إهمال طور القصة على الرغم من براعته في تقديمها حين يريد تقديمها بشكل مميز. هذه المرة للأسف، ليست ضمن أفضل مراته التي قدم طور قصة في ألعابه، ولكنها ما يمكنك توقعه من لعبة “باتلفيلد بصبعة ستارورز” أكشن ملحمي، رسوم خلابة وبيئات جميلة وأداءات جيدة.
أما كتابيًا، فالأحداث ضعيفة ومتوقعة، وتحولات شخصية Iden غير مبررة بشكل كافي، وتجعلها شخصية سيئة كتابيًا، ولكن لحسن الحظ لن تلعب بها حصرًا طوال أحداث القصة وإنما يمكنك في بعض لحظات القصة اللعب بـLuke و Lando Clarrissian وHan Solo و Leia Organa و Skywalker، و Kilo Ren،وغيرهم من الشخصيات. هي بالطبع مجموعة مثيرة جدًا للإعجاب وكان من الممكن استغلالهم بشكل مثالي يجعل هذه اللعبة واحدة من أفضل الألعاب القصصية على الإطلاق، خصوصًا وأن أحداث القصة ليست قصيرة فهي تمتد 6-8 ساعة كاملين، وهو وقت جيد. أحد التعليقات التي لدي هو أن هؤلاء الشخصيات لم يتم تأديتها من الممثلين الذين لعبوا أدوارهم في الأفلام، وخصوصًا لوك (لعب دوره الممثل مارك هاميل) و هان سولو (لعب دوره الممثل هاريسون فورد) وقد أثر ذلك على تصديقي للقصة واندماجي في اللعبة بشكل كبير. كنت أفضل أن يتم جمع طاقم الممثلين الأصلية كامل، أو سرد قصة جديدة تمامًا مثلما فعلت سلسلة Jedi من المطور Respawn Entertainment.
لحظات القصة تقدم تنوعًا في أسلوب اللعب، لحظات قتال بالسيف الضوئي (Light Saber) ولحظات إطلاق نار بمختلف الأسلحة، ولحظات طيران بمركبات أيقونية، ولحظات أخرى قتال في ساحات معارك ضخمة، وهو الأمر الذي يجعلها تجربة مثالية إذا اعتبرتها مقدمة لما أنت مقدم عليه واستعراض لإمكانيات الاستوديو التقنية وقدرته الهائلة على بناء بيئات أكشن وخرائط ضخمة حية وواقعية بشكل كبير. في 2023، لازلت أنبهر بخرائط اللعبة المختلفة وطور القصة الخاص بها بصريًا على الأقل. وهو الأمر الذي لا يمكن لأي أحد إنكار تميز المطور Dice فيه.
الذكاء الاصطناعي وتصميم البيئات في الطور الفردي هم أكبر العيوب، حيث تتشابه البيئات على الرغم من اختلاف المواقع بشكل كبير، وامتداد القصة على مدار كواكب عدة، ولكن قد يعود ذلك الأمر إلى الاعتماد على البيئات الداخلية بشكل كبير وهنا تصميمها متشابه كثيرًا. في ألعاب ستارورز التي لحقتها (Jedi Fallen Order/Jedi Survivor) تم تصميم البييئات بشكل أكثر تنوعًا وحيوية.
الذكاء الاصطناعي أيضًا مشكلة كبيرة هنا، إذ لا يقدم أي نوع من أنواع التحدي الذي يجعلك قلقًا من المواجهات أو على الأقل مجبر لتغير أسلحتك والبحث عن سلاح أفضل. على الرغم من أن هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها DICE قصة في عالم ستارورز، ولكننا نعرف مستواه من ألعابه الأخرى، والاستنتاج الوحيد الذي يمكننا الوصول إليه هو أنه لم يبذل الجهود الكافية في صقل اللعبة تقنيًا، ولم يهتم لإصلاح الذكاء الاصطناعي بعد الإطلاق.
اللعب الجماعي: أساس صلب تم إصداره بشكل مهترئ، والآن يظهر معدنه القيم
استوديو DICE هو استوديو ذو باع طويل في مجال تطوير ألعاب الأونلاين الجماعية والتنافسية، وهو من أفضل من قاموا بذلك منذ بدأت الألعاب الجماعية في تحقيق رواجًا كبيرًا، فسلسلة باتلفيلد تشهد على ذلك وخصوصًا في أجزاءها الأخيرة التي شهد اسم السلسلة معها نموًا غير مسبوقًا. ستاروارز هو عنوان ضخم لا يمكن أبدًا الاستهانة به، ولربما يكون أكبر اسم في مجال الترفية، خصوصًا في السنوات الأخيرة حيث صدرت أفلام عدة ومسلسلات وألعاب تحت اسمه حققت مليارات الدولارات من الأرباح، ولذلك فإن لعبة جماعية تحت اسم هذا العنوان العملاق، ومن تطوير واحد من أفضل الاستوديوهات المختصة في ذلك تبدو فكرة مثالية على الورق.
بالطبع لم تكن نتيجة كل ذلك مثالية كما كان متوقع عند الإطلاق، ولكن الألعاب الخدماتية تُقيم على مدار سنوات، وليس في سنة الإطلاق فقط. الآن لعبة Star Wars Battlefront 2 هي واحدة من أفضل ألعاب ستارورز على الإطلاق، وأفضل الألعاب الخاصة بالعنوان التي تقدم لعبًا جماعيًا ويعود ذلك إلى كثرة المحتوى وجودته الفائقة. وهو شيء تبرع فيه Battlefront 2 وتتفوق على سابقتها التي حتى مع دعمها لسنوات انتهى بها المطاف لتكون لعبة هزيلة فاقدة للهوية.
يعتبر Supremacy هو أكبر أطوار اللعبة، وهو نسخة Conquest الخاصة بعالم ستارورز حيث تلعب في معركة كبيرة مكونة من 20 لاعب ضد 20 آخرون، بالإضافة إلى 40 شخصية مساعدة من الذكاء الاصطناعي ويكون الهدف السيطرة على 5 مناطق في الخريطة. ميزة هذا الطور أنه مألوف لكل من لعب باتلفيلد، وخرائطه مصممه بشكل احترافي وأعتقد انها من أفضل ما قدمه المطور Dice. قضيت معظم وقتي مع هذا الطور وحظيت بفرصة لترقية شخصياتي بشكل رائع وتجربة جميع الفئات المتاحة. هناك اهتمام زائد بشخصيات وفئات الامبراطورية واهتمام منقوص ببقية الفصائل، ولكن بشكل عام استمتعت بإضافة Jet Trooper وهو جندي مزود بـJetpack يمكنه من الطيران والحركة بحرية أكبر. لم تكن هذه الشخصية موجودة وقت الإصدار وهو الوقت الذي جربت فيه اللعبة لأول مرة ولذلك تعتبر من الإضافات المرحب بها.
نظام التقدم تم تغييره بشكل كبير بحيث لا تؤثر صناديق الـLoot على التقدم ولا تميز اللاعبين لتجعل اللعبة Pay To Win، لكنها لاتزال موجودة ولكن لا يمكن شراءها بأموال حقيقية.اقتصارها على الترقيات البصرية جعل لها قيمة أكبر دون إزعاج جزء من مجتمع اللاعبين. كذلك لاحظت نمو كبير في حجم وكم المحتوى الموجود من أطوار لعب جديدة وتحسينات على الخرائط وخرائط جديدة، وأعجبتني أيضًا خريطة felucia ذات الطبيعية النباتية الخلابة، وأعتقد أنها واحدة من أفضل 5 خرائط صممها المطور DICE على الإطلاق.
أضيف أيضًا مجموعة ضخمة من الأبطال وتم تحسين أشكالهم وتفاصيل وجوههم ليكونوا أكثر تشابهًا مع نظرائم الحقيقين في الأفلام التي تستند عليها اللعبة.اللعبة لا تمتلك فقط طور Supremacy بالطبع، فمحتوى اللعبة ينقسم إلى قسمين، محتوى فردي (بعيدًا عن القصة) ومحتوى جماعي تنافسيو تعاوني. يتضمن الطور التعاوني لعب طور آخر كبير يسمى Galactic Assault حيث يلعب اللاعبون في مهام خطية للقضاء على بعضهم في شكل شبيه بنظام طور Rush من باتلفيلد، وهناك أيضًا أطوار صغيرة للعب مباريات تنافسية او تعاونية قصيرة، مثل Team Deathmatch ولكن أعتقد أنه ليس الطور الذي سيجد الرواج الأكبر بين بقية أطوار اللعبة. هناك أيضًا طور Starfighter Assault لمعارك المركبات، وجدته طورًا ممتعًا ويمتلك تنوع كبير عما نراه في بقية الأطوار. بالطبع هناك أيضًا أطوار شهيرة مثل Hero Vs Villain وهو موجه لعشاق الأفلام الذين يريدون مواجهة الأشرار بشخصيات أبطال الأفلام.
هناك أيضًا أطوار لعب CO-OP تعاونية ضد الذكاء الاصطناعي وهذه الأطوار أعتبرها أطوارًا تدريبية ناجحة وفرصة لاستكشاف ميكانكيات اللعب وترقية الشخصية ولعب مباريات مريحة بعض الشيء للتعود على المعارك وحجمها الكبير. أما Instant Action فهي نفس أطوار اللعب الجماعية ولكنها ضد الذكاء الاصطناعي وتوفر هذه فرصة للعب وترقية الشخصية إذا كنت تلعب في بعض الأوقات التي لا تجد فيها لاعبين آخرين.
تعاني Star Wars Battlefront حاليًا من بعض المشاكل المتعلقة بإيجاد اللاعبين خصوصًا في الأطوار الصغيرة وعلى المنصات المنزلية، ولكن لحسن الحظ طرح اللعبة ضمن اشتراك Xbox Gamepass و PS Plus في فترات زاد من أعداد اللاعبين العائدين إليها، ومنهم أنا!
إذا كنت من لاعبي الحاسب-حيث جربت أنا هذه اللعبة- فلن تعاني من مشكلة نقص اللاعبين، وسيكون هناك جانب إضافي يضيف الكثير إلى تجربتك وهو المودات (Mods). هذه المودات تضيف تفاصيل رسومية وشكلية على اللعبى قد تغنيك عن انتظار الجزء الثالث من اللعبة.
بشكل عام اللعب الجماعي ممتع، وملحمي. هو بالظبط ما يمكنك توقعه من قمة مستوى DICE كمطور خبير، مع بعض الإضافات التي جعلته أفضل وأكثر تناسبًا مع مزاج لاعبي ومحبي عالم ستارورز على مدار الوقت الذي دُعمت فيه اللعبة. بالنسبة لي شخصيًا، هذه واحدة من أفضل ألعاب DICE واعلاهم جودة في حالتها التي هي عليها في 2023.
____
اقرأ أيضًا: قائمة من الأشياء الرائعة والجديدة في طريقها إلى لعبة Starfield
____
التجربة البصرية والسمعية.. متعة للحواس
تعتبر Star Wars Battlefront 2 تجربة مميزة بصريًا ومن أفضل ما قدم المطور DICE حتى في 2023 بعد سنوات من إصدار لعبته التي تلتها، Battlefield 2042، وأعتقد أن السبب يعود إلى الهوية البصرية الأخاذة التي تتمتع بها عوالم ستارورز وكواكبها الجميلة وبيئاتها المختلفة.المؤثرات البصرية والرسوم وتفاصيلها ممتازة وغنية بشكل يجعلني أقول أن اللعبة تعتبر الآن مثالية خصوصًا بعد صقلها تقنيًا وإصلاح نسبة تتعدى الـ90% من المشاكل التقنية.
أما عن الأصوات والتجربة الصوتية، فلا شيء يعلو فوق صوت طلقات اللزر المتطايرة، وحركة السيف الضوئي وهي أصوات شهيرة عرفت بها سلسلة الأفلام، ونجح المطور DICE في تقديمها بشكل مثالي وتوظيفها لخدمة الاندماج في اللعب والأجواء.
في النهاية، إذا كنت من محبي ألعاب Star Wars أو أفلامها، فأنت في المكان الصحيح، Star Wars Battlefront تستحف التجربة بكل ما تحمله الكلمات من معاني وهي لعبة جماعية تعاونية وتنافسية ممتعة ومتنوعة خصوصًا مع مرور السنوات، أصبحت تمتلك أغنى محتوى رأيته في لعبة للمطور DICE من قبل.ووجودها على خدمات الاشتراك يعزز في إماكينة تجربتها دون خسارة الكثير. أنصحك بها ولو لبعض الوقت!