استوديو Supermassive Games قدّم لنا تحفة فنية قصصية ومُخيفة مع لعبة Until Dawn كحصرية على PS4 في عام 2015، وبعد ذلك بدأ في توسيع فكرته مع سلسلة جديدة تحمل اسمه The Dark Pictures أصدر منها جزء كل عام، وكل جزء كان يحتوي على شخصيات وقصص وأفكار جديدة ومُبتكرة. رغم أن السلسلة لم تُعجب الكثيرين، إلا أنني كنت واحدًا من الذين ينتظرون كل جزء منهم لأرى ما الجديد الذي سيُقدمه الاستوديو. ويبدو أن فريق Behaviour رأى ذلك أيضًا حيث قرروا التعاون مع Supermassive لبناء عنوان رعب قصصي جديد كليًا تقع أحداثه في عالم Dead by Daylight، فهل نجح الاستوديو في ذلك؟ دعونا نكتشف ذلك معًا في مراجعة The Casting of Frank Stone.
قصة The Casting of Frank Stone خالية من الابتكار…
نبدأ مراجعة The Casting of Frank Stone مع الحبكة والقصة. تتحدث قصة اللعبة عن قاتل متسلسل يُدعى Frank Stone أرهب مدينة Cedar Hills لسنواتٍ طويلة، وبعد فترات من حوادث الاختفاء والخطف، يبحث ضابط شرطي عن القاتل في أعماق مصنع للصلب بولاية أوريغون الأمريكية، وتبدأ القصة الفعلية بعدما يجده الشرطي ويقضي عليه، لكن هل تمكن فعلاً من القضاء عليه، أم للقصة أبعاد أخرى خارقة للطبيعة ستُشكل مصير المدينة وسكانها على مدار السنوات التالية؟
من الوهلة الأولى ستجد القصة مميزة وتجذبك، لكن للأسف هذا الانجذاب ينقطع سريعًا حيث بعد المُقدمة القوية للعبة تقضي ما يُقارب الـ 3 ساعات تقريبًا بدون أي رعب. تخيل معي لعبة رعب تقضي أكثر من نصفها بدون أن تتعرض لأي موقف مُرعب ولا أي تفاصيل مهمة حول القصة والشخصيات من الأساس!
أكثر من نصف اللعبة عبارة عن ملل خام لا تقوم فيه بفعل أي شيء إلا التحرك من منطقة لأخرى والتقاط بعض الأشياء من على الأرض بالإضافة لاختيار بعض نطاق الحديث أثناء مختلف الحوارات والنقاشات بين الشخصيات والتي بدورها لا تؤثر بأي شكل على سير القصة بتاتًا بالأخص في بداية اللعبة، وسنتحدث عن الخيارات بشكل أكبر لاحقًا.
كما ذكرت، فإن أكثر من نصف اللعبة عبارة عن لا شيء، 3 ساعات ونصف تقريبًا من الملل والرتابة والحوارات الضعيفة التي لم تجذبني لأي شخصية من الشخصيات. نعم توجد بعض التلميحات لعالم Dead by Daylight والتي تظهر بشكل أكبر في نهاية اللعبة، لكني أعتقد أن اللعبة لم تستطع الربط بين العالمين بالشكل المثالي وتركت الكثير من الأفكار للاعبين حتى يفهموها بأنفسهم.
القصة تتنقل بشكل مستمر بين الماضي والحاضر وفجأة في النهاية تفتح الباب للعوالم المختلفة والموازية، وأظن أن تلك القصة كان الهدف منها هو تعريف اللاعبين على أساس عالم Dead by Daylight بشكل مختلف، لكني أظن أنها كانت تحتاج لأكثر من ذلك حتى تجذب لاعبين آخرين لا يعرفون DBD أو لم يلعبوها مثلاً!
القصة ليست طويلة وتنتهي تقريبًا في 6 ساعات لعب مما يجعلها من أقصر ألعاب الاستوديو جنبًا إلى جنب مع بعض أجزاء The Dark Pictures، وفي المقابل نرى The Quarry و Until Dawn يمتدان لأكثر من 8 ساعات لعب تقريبًا، وشخصيًا لا أجد أن الـ 6 ساعات التي لعبتها تستحق سعر اللعبة (25 دولار في منطقة الشرق الأوسط).
_____
اقرأ أيضًا: أفضل 7 ألعاب رعب اندي ننصح بتجربتها
_____
أسلوب لعب مزعج لأكثر من نصف اللعبة واختيارات بدون تأثير!
هذه لعبة سينمائية مثل كل ألعاب Supermassive Games السابقة، ولذلك بالطبع نتوقع أن يكون أسلوب اللعب عبارة عن سير أغلب الوقت والاختيار بين الحوارات، لكن الأمر هنا مزعج لأبعد الحدود مع عدم وجود ميكانيكيات لعب مُعينة لمدة 4 ساعات تقريبًا من عمر اللعبة!
نعم لمدة ثلثين من اللعبة كل ما عليك فعله هو السير في مختلف المناطق والتحدث مع مجموعة من الشخصيات والتقاط بعض المُلصقات أو الجرائد الملقية على الأرض. لا توجد فكرة لأسلوب اللعب ولا يوجد أي خطر عليك. اللعبة تُقدم شخصية Frank Stone في أول نصف ساعة مع الكثير من الـ QTEs ثم بعد ذلك يختفي هذا الأمر لمدة 4 ساعات، وهم 4 ساعات من الملل والرتابة والازعاج. اللعبة حتى لم تستطع إضافة ميكانيكيات من عالم Dead by Daylight إلا تصليح المولدات الكهربائية بطريقة رخيصة.
بالحديث عن الخيارات والتي هي أحد أهم أعمدة ألعاب Supermassive Games، فالخيارات هنا ليس لها تأثير في نصف اللعبة الأول، مهما اخترت في الحوارات ومهما قمت مع الشخصيات، فالنتيجة النهائية ستكون واحدة حتى تصل إلى آخر فصل من فصول اللعبة، وهنا تختلف الأحداث بناءً على اختياراتك في النهاية.
لا يوجد أي شعور بالخوف أو الرهبة أو القلق أثناء اللعبة من موت أحد الشخصيات، على عكس لعبة Until Dawn مثلاً والتي كنت تُركز فيها 100% من الوقت لأنك على دراية بأن أي شخصية من الممكن أن تفقد حياتها بأي لحظةٍ كانت. اللعبة استطاعت بناء الرعب والقلق طوال الـ 8 ساعات لعب وكل حركة تفعلها كان لها تأثير فعلي على حياة أو موت كل الشخصيات، لكن هنا في The Casting of Frank Stone الموضوع أبسط من ذلك بكثير مع اختيارات كثيرة ليس لها أي نتيجة بغض النظر عن اختيارك!
هل كل شيء متعلق بأسلوب اللعب مزعج؟ لحسن الحظ لا، ففي أواخر اللعبة يتم تقديم مجموعة من الميكانيكات الجديدة وأهمهم هي الكاميرا، حيث تقوم بمحاربة شبح Frank Stone باستخدام الكاميرا، ورغم أن الأمر ليس به أي تهديد على حياة الشخصيات بشكل كبير، إلا أن الفكرة نفسها كانت ممتعة وجديدة، وستكون إضافة رائعة لعالم Dead by Daylight إذا تم تطبيقها في اللعبة الرئيسية مُستقبلاً.
أيضًا آخر ساعة كانت رائعة من حيث بناء القصة والشخصيات واستخدام كافة ميكانيكيات اللعبة لبناء ساعة كاملة من الرعب والإثارة والقلق خاصةً عندما تبدأ في الهروب من Frank Stone وتجد أن كل خطوة تخطوها هنا من الممكن أن تؤدي لموت أو حياة كل الشخصيات التي صادفتها في اللعبة حتى الآن، وكنت أتمنى أن تكون اللعبة كلها بهذا الشكل، لكن للأسف التجربة معظمها كانت مملة ومزعجة في أغلب الأحيان.
اللعبة أيضًا بها فكرة تُدعى Cutting Room Floor، وهي قائمة تدخلها بعد الانتهاء من أحداث القصة لأول مرة، ويمكنك هنا إعادة لعب مجموعة من اللحظات التي عشتها في اللعبة واختيار نتائج مختلفة لترى كيف تسير القصة بشكل آخر خاصةً إذا ماتت أو عاشت شخصيةٍ ما.
رسومات وتقنيات جيدة جدًا لكنها ليست مثالية
أحد نقاط القوة التي تعودنا عليها دائمًا في ألعاب فريق Supermassive Games هي الرسومات المُبهرة، ورغم أنها شهدت حالت تدني واضح خاصةً مع لعبة The Dark Pictures The Devil in Me، إلا أنهم يعودون هنا بقوة ويستغلون محرك Unreal Engine 5 وتقنياته لتقديم بيئات مُبهرة بصريًا!
في معظم اللعبة ستجد الرسومات خلابة مع تفاصيل رائعة سواء للبيئات والشخصيات، وتقنيات التقاط الحركة معظم الوقت أيضًا تكون مأخذوة بشكل جيد مما يجعل أوجه الشخصيات وحركاتهم أقرب كثيرًا إلى الواقع، لكن مثل عادة ألعابهم السابقة، فهم يعانون من حالة من تقلب الجودة. ففي الكثير من الأحيان تجد أن التفاصيل تُصبح أقل أو التقاط الحركة لم يؤخذ بالشكل المثالي للشخصيات مما يجعل حركات الشفاه تبدو وكأنها لعبة خارجة من عام 2010 وليس بها أي منطق.
هذه الحالة من التذبذب يمكن ملاحظتها طوال الـ 6 ساعات لعب، لكن لحسن الحظ فإن أكثرية المشاهد كانت رائعة بصريًا بالأخص كل المشاهد التي تقع بداخل المصنع نفسه (وهذه عبارة عن معظم أحداث اللعبة تقريبًا). لكن في نفس الوقت فاللعبة تستفيد من محرك Unreal Engine 5 وتُقدم تقنيات Lumen في الإضاءة مما يمنح اللعبة طابع سودوي أكثر في بعض المشاهد عندما تستغل تتبع الأشعة بالشكل الصحيح. كل ما يتبقى أمام الاستوديو ليضمن تجربة مثالية بصريًا هو تحسين جانب التقاط الحركة خاصتهم مستقبلاً..
أما من ناحية الجانب الصوتي، فاللعبة نجحت أيضًا في خلق بيئة جيدة صوتيًا بالأخص في التمثيل الصوتي، فرغم أنني لم أُعجب بمعظم شخصيات اللعبة، إلا أن جميعهم أتقنوا التمثيل الصوتي وفي بعض الأحيان تمكنوا من غمري في هذا العالم وشعرت بالخوف من نبرة صوتهم في كثير من المواقف. هذا في حد ذاته تقدم ملحوظ عن بعض أجزاء The Dark Pictures التي شعرت فيها بأن الشخصيات يتحولون إلى صنم أحيانًا، ولكنهم في نفس الوقت لم يستطيعوا الوصول لنفس مستوى Until Dawn و The Quarry!
الموسيقى التصويرية أيضًا كانت رائعة وبها الكثير من التلميحات لعالم Dead by Daylight والألحان التي نسمعها هناك. اللعبة بها مجموعة من مشاهد المطاردة مع Frank Stone, وتلك المشاهد كانت الأفضل من ناحية الموسيقى التصويرية التي كانت تتحول إلى أكشن أحيانًا وهذا يليق مع قيامك بمختلف الاختيارات.
الأداء التقني كان جيد جدًا، فقمت بتجربة اللعبة على حاسوب متوسط بمعالج Intel Core i5 10400F و 32 جيجا بايت من الرامات مع بطاقة رسومية Nvidia GeForce RTX 3050 ووضعتها على دقة 1080p على إعدادات مرتفعة مع تفعيل تقنية DLSS على وضع الجودة، وحصلت في المقابل على 60 إطار في الثانية. الإطارات كانت تتساقط في بعض الوقت، لكن الأمر لم يعوق التجربة خاصةً وأنها لعبة سينمائية بطيئة وأي إطارات تبدأ من 30 وما فوق ستكون مناسبة جدًا للتجربة ككل ولن تشعر بأنك تحتاج لإطارات أكثر.
الخلاصة
كان عندي أمل أن فريق Supermassive Games سيستفيد من خبرته على سلسلة The Dark Pictures ويتعلم من أخطائه أثناء تطوير The Casting of Frank Stone خاصةً مع وجود فريق Behaviour مُطور Dead by Daylight في الصورة.
لكن النتيجة النهائية هي تجربة مُخيبة للآمال بقصة لم يتم تطبيقها بشكل جيد كفاية وأسلوب لعب يفتقر إلى المتعة لأكثر من 70% من عمر اللعبة الذي يمتد لست ساعات فقط. كون سعر اللعبة 25 دولار في منطقتنا يجعلني أنصحكم بألا تقوموا بشرائها حاليًا وانتظروا تخفيض حتى لو كنتم من عشاق ألعاب الرعب السينمائية!
نتمنى أن تساعدكم مراجعة The Casting of Frank Stone في التعرف أكثر على اللعبة ومن ننصح بشرائها.
