اشتهرت سلسلة Outlast بأنها تجربة رعب خطية هدفك الرئيسي فيها هو الهروب والاختباء للبقاء على قيد الحياة، وهذا ما حصلنا عليه في أول جزئين. بعدها اختفى فريق Red Barrels عن الساحة لمدة ست سنوات كاملة للعمل على تجربة جديدة كليًا في عالم Outlast، والنتيجة كانت أول لعبة أونلاين تعاونية في السلسلة بكمية ضخمة من الميكانيكيات الجديدة التي جعلت أسلوب لعبها من الأفضل في تاريخ ألعاب الرعب عمومًا. إليكم مراجعتنا للعبة الرعب التعاونية The Outlast Trials.
قصة مُظلمة تأخذنا لعصر الحرب الباردة
بدأ سباق التسلح العالمي في النمو ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهنا قررت الولايات المتحدة الأمريكية ألا تستغل قدراتها فقط في صُنع أسلحة فعلية قوية ومُدمرة، بل قررت أيضًا السيطرة على عقول البشر وعمل غسيل مخ لمجموعة من الأشخاص الذين يتحولون بعد ذلك لعملاء يخدمونهم في مختلف العمليات السرية والحروب حتى يستطيعوا القضاء على الإتحاد السوفيتي من الداخل.
شركة Murkoff (العدو الرئيسي في عالم Outlast) كانت تابعة لوكالة الاستخبارات الأمريكية، وفي الخمسينات والستينات من القرن الماضي قررت بناء منشآت ضخمة في مناطق نائية واستغلت مجموعة من المُشردين الذين لا يمتلكون أي مأوى في جذبهم لهذه المناطق للقيام بمجموعة من التجارب القذرة عليهم ومحاولة غسيل مخهم ليقوموا بعد ذلك بخدمة الوطن في مختلف العمليات العسكرية.
أنت أحد هؤلاء المُشردين الذين دخلوا إلى منشآت Murkoff، ويجب عليك القيام بمجموعة من الاختبارات التي حرفيًا ستُدمر عقلك سواء بسبب رؤيتك للعنف والدماء والأشلاء في كل مكان، أو تعرضك لمجموعة من الغازات السامة واستنشاقها الذي يؤدي إلى غياب عقلك والاستماع لأوامر الشركة حتى النهاية.
إنها قصة مُظلمة تعكس الواقع الذي عاشه بعض الأشخاص خلال القرن الماضي أثناء فترة الحرب الباردة والذين مات معظمهم بعد ذلك بالطبع نتيجة إصابتهم بالجنون وغياب عقلهم بسبب ما رأوه في تلك التجارب. اللعبة تُركز على هذه الأحداث المأساوية وتعطينا نظرة على عالم Outlast ما قبل أحداث الجزئين الأول والثاني.
أسلوب لعب The Outlast Trials هو الأفضل في السلسلة
الجزئين الأول والثاني من Outlast قدما لنا نفس أسلوب اللعب، فقد اعتمدت اللعبة بشكل رئيسي على الركض والاختباء من الأعداء، واستخدام الإضاءة الليلية الخاصة بالكاميرا لمعرفة أين تسير في البيئات، بالإضافة إلى حل مجموعة من الألغاز للتقدم في العالم. أسلوب اللعب كان ممتع أول مرتين، لكن إذا كان قد تم تكراره مرة ثالثة فكنا سنشعر بالملل والرتابة.
وهنا جاءت The Outlast Trials لتُغير من أسلوب اللعب تمامًا وتُقدم مجموعة من الأفكار الجديدة والرائعة. تم الحفاظ بالطبع على الإضاءة الليلية ولكن هذه المرة عن طريق نظارات الرؤية الليلية وليست الكاميرا (فلم تتواجد مثل تلك الكاميرات أثناء فترة الحرب الباردة)، ولا يزال يجب عليك البحث عن البطاريات.
_____
اقرأ أيضًا: ملحمة الرعب Outlast: تحفة فنية لن تتكرر
_____
لكن الأهم هو إضافة كمية ضخمة من الميكانيكيات على الحركة، فيمكنك الآن حمل أكثر من عنصر في يدك للدفاع عن نفسك ضد الأعداء مثل إلقاء طوبة أو زجاجة مثلاً. ويمكنك أيضًا استخدام البيئات للفت انتباه الأعداء لمكان مُعين لتستطيع أنت الهرب. ضفّ على ذلك وجود 5 عناصر رئيسية يمكنك الاختيار منهم والذين يفيدوك على مدار رحلتك في مختلف مهام اللعبة، مثل أداة زيادة الصحة وأداة الرؤية ما وراء الحائط وغيرهما.
كل هذه الأمور تجتمع مع شجرة مهارات كبيرة يمكنك ترقيتها بما يتناسب مع أسلوب لعبك سواء كنت تريد اللعب بهدوء وتخفي وتسلل، أو تريد الدخول وانهاء الألغاز وحلها سريعًا ومواجهة الأعداء. بالحديث عن الألغاز، فقد تحسنت بشكل ضخم عن الأجزاء السابقة، بالكثير من الأفكار المُبتكرة والمميزة على السلسلة وألعاب الرعب عمومًا ككل.
لكن لعل أهم التغييرات يأتي في أن اللعبة لم تُصبح خطية بعد الآن، بل هناك مجموعة من المهام الرئيسية (كل مهمة تقع في مرحلة مختلفة) التي يجب عليك انهاؤها، بالإضافة لبعض المهام الجانبية. كل مهمة تنتهي منها تُعطيك مثل الكوينز والتي يجب عليك تجميعها حتى تستطيع الدخول لآخر مهمة وإنهاء اللعبة تمامًا.
لا تريد أن تعيش تجربة الرعب وحيدًا؟ حسنًا هنا تأتي أهم ميزة في The Outlast Trials حيث أن كل مهام اللعبة الأساسية والجانبية يمكنك الاستمتاع بها مع 3 آخرين من أصدقائك، وتلك هي أكثر لعبة رعب تعاونية استمتعت بها في حياتي أكثر من Lethal Company و Dead by Daylight وغيرهما. التجربة التعاونية هنا خرافية بكل ما تعنيه الكلمة حيث يمكنك التعاون مع أحد أصدقاء في حل الألغاز أو فتح الأبواب والتناوب على استخدام المعدات المختلفة حتى لا يستطيع أي عدو الوقوف أمامكم.
الشيء الرائع هو أن The Outlast Trials تحصل على محتوى باستمرار، وكل 3 شهور يتم إضافة خريطة جديدة أو تحديات وأعداء وأفكار مختلفة على اللعبة. لكن لعل الشيء السلبي الوحيد هو أن بعض المهام تتشابه في الكثير من المواقف أو الألغاز ومن الممكن أن يشعر بعض اللاعبين بالملل أحيانًا.
تجربة تقنية لا غُبار عليها
من الناحية الرسومية، ففريق Red Barrels نقل عمله على محرك Unreal Engine 4 بدلاً من 3 مع لعبة The Outlast Trials لذلك نجد أن الرسومات قفذت بشكل رهيب بين الجزء الثاني و Trials. الفرق يتضح في كل شيء تقريبًا من الإضاءة للظلال للانعكاسات لكمية التفاصيل الضخمة التي أضافها الاستوديو في كل خريطة. ضفّ على ذلك أن اللعبة أصبحت تدعم تقنية تتبع الأشعة للانعكاسات مما يعطي اللعبة طابع سينمائي أفضل رغم أن الانعكاسات المتواجدة في اللعبة ليست كثيرة. عمومًا التجربة البصرية لـ The Outlast Trials رائعة وواقعية بالذات عندما تجد نفسك في ظلام دامس ولا ترى شيء إلا عبر الإضاءة الليلية.
نفس الأمر ينطبق على التصميم الصوتي، فقد تمكن الاستوديو من تقديم صوتيات ثلاثية الأبعاد رهيبة في اللعبة تعكس طابع الرعب في كل خطوة. اللعبة تضم أيضًا تصميم صوت خطوات من أفضل ما رأيت في ألعاب الرعب، حيث أنه دقيق للغاية ويجعلك تترقب مكان العدو وتختبئ قبل أن يصل لك. الموسيقى التصويرية أيضًا أسطورية ورغم أنهم جاءوا بملحن مختلف هذه المرة على عكس أول جزئين، إلا أنه نقل طابع اللعبة في الموسيقى بشكل مميز.
الأداء التقني ككل كان أسطوريًا، فقد تمكنت من تجربة اللعبة على بطاقة RTX 3050 ومعالج Core i5-10400F على إعدادات مرتفعة ودقة 1080p، وحصلت في المقابل على 120 إطار في الثانية معظم الوقت في مختلف مراحل ومهام اللعبة. اللعبة تعتبر من أفضل الألعاب التقنية المصقولة على محرك Unreal Engine 4!
الخلاصة
لعبة The Outlast Trials هي التطور المنطقي لسلسلة Outlast بالذات من ناحية أسلوب اللعب. بكل المحتوى الذي تُقدمه اللعبة والتحسينات على الرسوميات وتصميم المراحل ودعم التجربة التعاونية مع الأصدقاء، فلا يمكننا إلا ترشيح Outlast Trials لكل من يبحثون عن تجربة رعب مميزة يقضون في الكثير والكثير من الساعات. الآن أنظارنا تتجه إلى Outlast 3 بينما نستمتع بالمحتوى المستمر في The Outlast Trials، ولا يسعنا الانتظار لنرى ما سيُقدمه فريق Red Barrels مُستقبلاً!