يزداد في الفترة الأخيرة التركيز على دور الذكاء الاصطناعي في مرحلته الجديدة التي بدأت مع برنامج ChatGPT، حيث ظهرت استخدامات لا حصر لها لذلك البرنامج وغيره من البرامج التي تستخدم في تصميم الصور مثل Midjourney والتي بات يشكل تهديدًا كبيرًا على المصممين والرسامين حول العالم، ولكن يا ترى، هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديدًا في يوم من الأيام على مصممي الألعاب أو مطوريها؟ يبدو أن هذا اليوم قد جاء بالفعل، لأن اليوتيوبر candlesan قد نجح في تصميم لعبة فيديو كاملة بدون الدخول في جانب “البرمجة” تمامًا وترك هذه المهمة لـChatGPT، فما القصة؟
هيا بنا لنتعرف على التفاصيل، والتبعات المحتملة لما سيحدث في مشهد تطوير الألعاب خلال المستقبل القريب والبعيد.
أولًا: كيف تمكن الذكاء الاصطناعي من برمجة أول لعبة بشكل كامل؟
أراد Candlesan صناعة لعبة شبيهة بـ Flappy bird المعروفة، وهي لعبة Side Scrollers بسيطة جدًا تقوم على فكرة اجتياز العقبات والحصول على Score في نهاية كل مرحلة. قام candlesan بكتابة وصف لكل شيء يريده في اللعبة، مستعينًا ببرنامج Midjourney في رسم البيئات والشخصية الرئيسية (الطائر) وكان دور ChatGPT هو كتابة الأكواد (الأوامر والرموز البرمجية) التي تجعل الوصف قابل للتنفيذ في اللعبة نفسها.
المثير للاهتمام هو أن ChatGPT يرتكب الأخطاء التي سرعان ما يشير إليها Candlesan فيقوم ChatGPT بالاعتراف بها، ثم الاعتذار وإصلاح تلك المشاكل بشكل يشبه وجود مطور ثاني في عملية تطوير اللعبة، وكأن فريق تطوير اللعبة يتكون من شخصين وفي الحقيقة كانت عملية إخراج اللعبة بالشكل الذي ظهرت عليه في الفيديو أمرًا مبهرًا لعدة أسباب، أولها أن العنصر البشري لم يشارك في جانب البرمجة على الإطلاق وإنما أخذ يصف الأمور التي يريدها في لعبته للذكاء الاصطناعي، وهو ما وفر عليه جهد البرمجة، ولكن هل يمكن أن يساعد ذلك شخص لا يمتلك خلفية قوية عن البرمجة؟ كان هذا السؤال الذي طرحه اليوتيوبر في نهاية الفيديو وأجاب بأننا لم نصل بعد إلى هذه المرحلة، لكننا قريبون للغاية.
الأخطاء التي ارتكبها ChatGPT في برمجة اللعبة كانت تتعلق كلها بأوامر افترض العنصر البشري بأنها واضحة بينما لم تكن هي كذلك بالفعل، حيث احتاج ChatGPT إلى أن يشير إليها اليوتيوبر لكي يتداركها.
يمكنك مشاهدة عملية تصميم اللعبة كلها من خلال الفيديو أدناه:
أحد الأمثلة على الأخطاء التي ارتكبها ChatGPT هي جعل الطائر يدور بدرجة 360 أثناء القفز، أو جعل اللعبة تستقبل أوامر اللاعب حتى بعد خسارته وظهور كلمة Game Over وبدء اللعبة مباشرة بعد التحميل دون ضغط اللاعب لتبدأ وأمور من هذا القبيل. بالطبع هذه الأخطاء واردة حتى مع المطور البشري ولكنها جاءت لتنسف تصور أن الذكاء الاصطناعي لا يخطئ والذي يتبناه البعض في نظرتهم لـ “شات جي بي تي”.
ماذا يعني هذا لمستقبل صناعة الألعاب؟
أكره أن أكون الشخص الذي يتكهن ويتوقع أشياء في المستقبل البعيد، ولكن هذه المرحلة التي وصلنا إليها من تقدم للذكاء الاصطناعي تحتاج منا إلى إبداع لاكتشاف طرق جديدة للاستفادة من تلك الاختراعات الجديدة.
اعتقد بأن اللعبة التي تم تصميمها وعلى الرغم من كونها لعبة بسيطة للغاية إلا أنها دليل قاطع على أهمية الذكاء الاصطناعي في تطوير الألعاب –تحدثنا عن ذلك في مقالة منفصلة– خصوصًا في الفترة المقبلة والتي تفتح المجال أمام المطورين الذين يمتلكون أفكارًا لا يستطيعون تنفيذها بأنفسهم، أو شريحة جديدة من المطورين الذي لا يعرفون الكثير عن البرمجة ولكن لديهم معرفة بكيفية استغلال الذكاء الاصطناعي لتصميم ألعابهم.
ربما يعني هذا أيضًا أن هناك بعض الوظائف القديمة التي سيقضي عليها الذكاء الاصطناعي ومن ضمنها الوظائف الخاصة بالبرمجة، وهناك بلا شك وظائف جديدة سيخلقها وجود مثل هذه الأدوات وهي الوظائف التي من شأنها وضعك في منصب المختص بمراقبة أخطاء الذكاء الاصطناعي أو حتى توجيهه والتعامل معه.
كما ذكرت أعلاه، بدا الأمر بين ChatGPT واليوتيوبر Candlesan وكأنه نقاش بين مطورين اثنين وليس مطور يقوم باستخدام أداة تصميم مثل الفوتوشوب مثلًا أو 3D Max.. وهو ما يعني أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تصميم الألعاب قد لا يعني الاستغناء عن المطورين بشكل نهائي، وقد يعني أن بعض نفقات عملية التطوير قد يتم توفيرها وإعادة توجيهها فقط لمصادر أكثر أهمية، كما أن عملية التطوير نفسها سيتم تسريعها بفضل عدم استغراق الكثير من الوقت في أمور البرمجة ولكن هل من الممكن أن يتم الوصول إلى طرق تقلل من أخطاء الذكاء الاصطناعي، أو حتى الاعتماد عليه لإصلاح مشاك الألعاب.
هل يمتد استخدام الذكاء الاصطناعي إلى إصلاح العيوب التقنية؟
أصبح إصدار الألعاب وهي تعاني من مشاكل تقنية ملحوظة، بعضها يفسد تجربة اللعبة ولكن السؤال الحقيقي الذي قد يستفيد من الإجابة عليه المطورين واللاعبين على حد سواء، هل يمكن أن نرى تطورًا في الذكاء الاصطناعي يساعدنا على التخلص من العيوب التقنية بشكل نهائي، خصوصًا مشاكل الـ Optimization وتساقط الإطارات.
هناك تقنيات مثل DLSS 3.0 تساعدنا على رفع أداء الألعاب عن طريق زيادة معدل الإطارات بأشكال جنونية لم تكن ممكنة في السابق، ولكن هل نرى تقنيات تعالج المشاكل التقنية بدلًا من عمل المطورين لأعوام ما بعد الإصدار الخاص بلعبتهم لإصلاح تلك المشاكل وإطلاق التحديث تلو الآخر؟ هذه الأمور تبدو ممكنة الآن مع التعرف أكثر فأكثر على طرق جديدة لاستغلال الذكاء الاصطناعي في قضاء المهام “المملة” والروتينية بسرعة ودقة فائقتين.
لكن على الأقل في المرحلة الحالية، يحتاج إصلاح المشاكل التقنية الكبيرة توجيهًا بشريًا للذكاء الاصطناعي وهو ما يضمن لنا استمرار عمليات تطوير الألعاب بالشكل المتعارف عليه على الأقل للسنوات القليلة القادمة.
في النهاية، يعتبر الفيديو الذي قدمه اليوتيوبر candlesan الذي لا يتعدى عدد المشتركين لديه الـ 50 ألف مشترك واحد من أهم الفيديوهات في الفترة الأخيرة، لأنه يثبت لنا بأن الذكاء الاصطناعي لديه استخدامات غاية في الأهمية تتداخل بشكل مباشر مع عمل مطوري الألعاب إما لاستبداله بشكل كامل أو لتحسين نتائجه ورفع مستوى الكفاءة الخاصة بالمبرمجين.
إنه حقًا لإنجاز رائع ومخيف في الوقت نفسه لأننا لم نعد نعلم أين قد يتوقف الذكاء الاصطناعي، ففي كل يوم يخرج لنا أحدهم باستخدام ثوري جديد يمكنه أن يهدد وظائف الملايين.
أخبرنا أنت بالتعليقات، هل تتوقع أن يطور الذكاء الاصطناعي ألعاب AAA كاملة في يوم ما؟
