حطمت أرقام قياسية ومشاجرة بين المطورين.. ما قصة Baldur’s Gate 3؟

حققت لعبة Baldur’s Gate نجاحًا كبيرًا من خلال إطلاقها أخيرًا بنسختها النهائية على الحاسب الشخصي في يوم 3 أغسطس الماضي، حيث حصدت 140 ألف مراجعة “إيجابية للغاية” على ستيم، وعدد لاعبين يصل إلى 85 ألف لاعبًا متزامنًا، قبل حتى إطلاقها على منصة PS5، ويعود ذلك النجاح الكبير إلى المستوى الخرافي الذي تقدمه اللعبة على جميع الأصعدة، بدايةً من السرد القصصي مرورًا بالأداء التقني والتفاصيل البيئية والرسومية، إلى جودة عناصر تقمص الأدوار (RPG) شديدة الإتقان والتي وعلى ما يبدو أزعجت بعض المطورين ليخرجوا عن صمتهم ويحاول بعضهم إيصال رسالة واضحة للاعبين مفادها أن لعبة Baldur’s Gate 3 لا يجب أن ترفع من سقف توقعات اللاعبين تجاه ألعاب الـ RPG الأخرى، ولكن لماذا؟

أولًا: لماذا يهاجم المطورون Baldur’s Gate 3؟

بدأ كل هذا بتغريدة على موقع Twitter بواسطة السيد Xalavier Nelson Jr، رئيس استودويهات Strange Scaffold المسؤولة عن ألعاب Space Warlord Organ Trading Simulator  و شبيهة ماكس بين المسماة Elpaso Elswhere وخلال تغريدته المتسلسلة استشهد بالعديد من الأشياء التي تفصل Baldur’s Gate 3 عن معظم ألعاب تقمص الأدوار في السوق: وهي كالآتي باختصار:

  • عملية التطوير الطويلة التي بدأت في عام 2017 (أي أنها استغرقت 6 سنوات)
  • لعبتان سابقتان ، Divinity: Original Sin و Original Sin II ، “قيمة التكنولوجيا والمعرفة التي قدمت أساس غصب وغزير للاستفادة منه” 
  • فترة الوصول المبكر الناجحة التي دامت ثلاث سنوات والتي زودت استوديوهات Larian بتعليقات المجتمع والبحث عن الأخطاء  والتدفق المالي الكافي لإتمام عملية التطوير وتحسينها
  • فريق ضخم يضم أكثر من 400 مطور عبر سبعة مكاتب 
  • ترخيص أحد أكبر عناوين IP الترفيهية (Dungeons & Dragons).

لهذا السبب يشعر Nelson Jr. بالقلق من أن Baldur’s Gate 3 يمكن اعتبارها “معيارًا مرتفعًا” لم يتمكن معظم مطوري ألعاب الـRPG من مجاراته والوصول لمستواه، وإذا تم مقارنة جميع الألعاب من هذا النوع به ستكون صناعة الألعاب في مشكلة من وجهة نظره لأن الكثير من العناوين ستظلم، ببساطة لأن نفس العناصر لا تتوفر في معظم الألعاب الأخرى.

الغريب في الأمر أن هناك عدد كبير من المطورين من استوديوهات كبيرة وعملاقة ممن وافقوه الرأي الذي يحاول وضع Baldur’s Gate في خانة الطفرات التي تأتي مرة كل فترة طويلة، وليس كانتصار للمطور الذي يضع الجودة فوق كل شيء.

من الطبيعي ان يكون نجاح فيلمًا أو لعبةً ما بداية لعهد جديد ورفعًا للمقاييس بشكل ملحوظ إلا أن Baldur’s Gate 3 أثارت رعب المطورين ربما لعلمهم بأنه من المستحيل أن تكون ألعابهم بنفس هذه الجودة، ولكن أوليس الأجدى أن يحاولوا رفع مستوياتهم؟

ماذا قال المطورون الآخرون عن موقف السيد Xalavier Nelson JR؟

مدير تصميم الألعاب في استوديو Insomniac Game السيد Ryan McCabe رد على التغريدات طالبًا من الجميع عدم استخدام أي عنوان واحد وتعميم جودته على بقية الألعاب، واستخدامه كمرجع وحيد لما يجب أن تكون عليه ألعاب محددة من نوع معين، وقال بالنص بأن ذلك السلوك هو سلوك “أحمق”

أحد كبار مصممي استوديو Obsidian المسؤول عن Fallout new Vegas، و Avowed و The Outer Worlds وهو السيد Josh Swayer غرد بأن “الحصول على أساس صلب للبناء عليه، والتمويل اللازم هو أمر ذو قيمة كبيرة، فالأمر ليس حول التقليل من إنجازات أًناس موهوبين للغاية” وإنما حول تسليط الضوء على الظروف الغير طبيعية التي قامت فيها عملية التطوير، والقول بأن هذه العملية ليست من الطبيعي أن حدث في كل مرة”

هناك أيضًا Nic Tringali، أحد مصممي الألعاب من استوديو Lunar Division المعروف بلعبة The Banished Vault، والذي يظن أن اللاعبين يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار عدد الساعات التي تم استثمارها في العمل على المشروع، وبقية العناصر الأخرى قبل الحكم عليها بمعايير لعبة أخرى، وأضاف “الألعاب لا يجب أن تزيد في الحجم أو التعقيد التقني للأبد، هذا الظن صنعه وروجه شركات التقنية”

Baldur's Gate 3 - بالدرز جيت 3

أما James Berg، أحد كبار موظفي البرنامج التقني للوصول (Accessibility) في إكس بوكس كتب بأنه معدل مجهودات التطوير التي تم بذلها في لعبة Baldur’s Gate 3 قد يعادل 3-2 استوديوهات تطوير أخرى في نوعية ألعاب تقمص الأدوار أو الـRPG، ولفت انتباه الكثيرين ما قاله بأن “هذه جنون يضاهي جنون مستويات ألعاب روكستار، فقط بضع استوديوهات تستطيع حتى التفكير في تجربة هذا!”

Baldur's Gate 3 - بالدرز جيت 3

وأما Feliepe Pepe، كاتب CRPG Book Project قد أدلى بدوله هو الآخر، وقارن بين الوضع الذي نشأت وتطورت فيه لعبة BG3، وبين ما فعله استوديو Bioware مع الجزء الثاني من السلسلة. فقد اعتمد على فريق تطويره الماهر جدًا، ومحرك رسومي جديد، وأنتج لنا واحدة من أفضل ألعاب الـRPG في عامين فقط!

وأخيرًا، أحد كبار مصممي لعبة Diablo 4، وهو Chris Basler وافق Nelson JR. في الرأي وقال بأن ليس كل الاستوديوهات تنشأ تحت نفس الظروف، وقارن بين وضع Baldur’s Gate 3 مع Ultima VII، اللعبة المفضلة لدى منشيء استوديو Larian المسؤول عن Baldur’s Gate 3. 

هل يثير رفع معايير الجودة رعب المطورين أم أنهم يتخذون موقف واقعي؟

ربما يكون الخوف من المعايير المرتفعة للغاية نتيجة لحالة الفوضى التي تعيشها صناعة الألعاب من حيث “قصف التقييمات” للألعاب الجديدة وهي مشكلة تواجهها ألعاب كثيرة بعضها لأسباب مستحقة وبعضها لأسباب غير مستحقة. في الفترة الأخيرة رأينا شركات كبيرة بتمويل ملياري تصدر ألعابًا ذات جودة متواضعة بل ومتردية في بعض الأوقات.

بقدر كون عام 2023 عامًا عظيمًا من حيث كم الألعاب ذات الجودة الفائقة التي صدرت فيه، فقد شهد أيضًا هذا العام إحباطات كثيرة وكان أولها مع اصدار Star Wars Jedi Survivor التي لا تزال تخضع للإصلاحات على منصة الحاسب الشخصي. قيمنا اللعبة وحصلت على تقييم 9/10 ولكن أداءها التقني على الحاسب كان كارثيًا، ولا يزال يعاني حتى الآن. ما ذنب لاعبي الحاسب، وما المطلوب منهم حتى يحصلوا على التجربة التي يستحقونها؟

كذلك لعبة The Last of us Part 1 نسخة الحاسب عانت من مشاكل جعلتها غير قابلة للعب تمامًا، وحتى الآن هي ليست النسخة الأفضل لتجربة اللعبة على الرغم من بيعها بالسعر الكامل.

هناك حالة من حالات اللامبالاة التي تسيطر على كبار صناع القرار في صناعة الألعاب وتجعلهم لا يكترثون بمعايير الجودة، والأكثر فججاةً من هذا هي حقيقة أنهم في بعض الأحيان لا يكترثون للحد الأدنى من تلك المعايير. بات من السهل أن تجد لعبة غير مكتملة التطوير تصدر وأن يحتفي بها مطورها وكأنها منتج عظيم، ومن ثم بعد الهجوم عليها يقوم بالاعتذار وإعطاء اللاعبين وعودًا بالإصلاح!

من جانب تعتبر مبادرة Baldur’s Gate 3 في رفع معايير الجودة أمرًا إيجابيًا لأن صناعة الألعاب تحتاج إلى صحوة واستفاقة من حالتها المزرية، فلا يجب أن تكون لعبة بحجم وعمق BG3 ولكن يجب أن يعرف الجميع أن هناك من وصل لهذا المستوى وأنه شيء ممكن بدون معاناة.

أعتقد أن موقف المطورين قد يمتلك نسبةً من الواقعية لأن مقارنة كل الألعاب بواحدة من أفضل ألعاب التاريخ (أيًا كانت اللعبة) قد يكون شيئًا ظالمًا في بعض الجوانب. فإذا قارننا مثلًا لعبة عالم مفتوح من استوديو مستقل بلعبة Gta v أو Red dead Redemption 2 فوقتها المقارنة غير عادلة بالمرة نظرًا لحجم الموارد التي تمتلكها شركة Rockstar games مقارنة بحجم الموارد والعمالة التي تمتلكها الاستوديوهات المستقلة، أما إذا قارننا عنوانين كبيرين ببعضهما، مثل نسخة الحاسب من Star Wars Jedi Survivor و Resident Evil 4، فإنها مقارنة صالحة وستظهر مدى تقاعس استوديو Respawn عن أداء عمله في ضبط وصقل اللعبة تقنيًا على الحاسب، وهو ما يستحق منا وقفة.

Baldur's Gate 3

في النهاية، قد لا نعرف ذلك ولكن يبدو أن Baldur’s Gate 3 تُبدي لنا خدمة العمر في تسليط الضوء على مأساة صناعة الألعاب الحالية وحالة بعض الشركات التي تحتاج إلى التركيز أكثر على رضاء اللاعبين وليس على المصلحة الشخصية، فصناعة الألعاب في نهاية المطاف هي صناعة قائمة على شراء الجماهير لعناوينك وإذا لم يكن هؤلاء راضون عن منتجك فقد يقاطعونك، ويضغطون عليك لتحسن من طريقة عملك، وبشكل عام قد نجح ذلك مع الكثيرين في الماضي، ولكن هذا لن يأتي سوى بوعي المستهلك بأنه يتم تغييبه لقبول ما هو أقل مما يستحق.

 عِش معنا متعة اللعب على أصولها.. لمزيد من المقالات الرائعة تابعو قناتنا على واتساب.

وسوم

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x