قطاع الألعاب الإلكترونية في السعودية.. استثمارات ضخمة وطموح سقفه السماء!

قطاع الألعاب الإلكترونية في السعودية.. استثمارات ضخمة وطموح سقفه السماء!

استطاعت السعودية تحقيق نقلة نوعية في شتى المجالات خلال سنوات قليلة، حيث أطلقت مجموعة كبيرة من المشاريع الضخمة التي تدعم رؤية المملكة لعام 2030، والتي تستهدف تنويع اقتصادها بعيداً عن قطاع النفط والبتروكيماويات الذي ظل لعقود طويلة الرافد الأول والوحيد للاقتصاد السعودي، ولعلّ قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية أحد أبرز القطاعات الواعدة التي تستهدفها المملكة لعدة أسباب، أهمها الانتشار الهائل للألعاب الرقمية خاصة بين فئة الشباب، إضافة إلى الإيرادات والأرباح الضخمة التي يحققها القطاع بوتيرة متسارعة، وعليه، أطلقت السعودية استراتيجية متكاملة للألعاب الإلكترونية تهدف إلى جعل المملكة مركزاً عالمياً في هذا القطاع. نسلط الضوء في هذا المقال على هذه الاستراتيجية ومحاورها وأبرز أهدافها.

لماذا الاستثمار في قطاع الألعاب الإلكترونية؟

قبل الخوض في الحديث عن الاستراتيجية الوطنية للألعاب الإلكترونية التي أعلنت عنها المملكة العربية السعودية، لا بد من الإجابة عن سؤال مهم؛ لماذا ضخ كل هذه الاستثمارات الضخمة في قطاع الألعاب الرقمية؟

قد يراها البعض وسيلة للترفيه، وقد يعتبرها آخرون مضيعة للوقت، إلا أن لغة الأرقام تشير إلى أن الألعاب والرياضات الإلكترونية أصبحت من القطاعات الواعدة التي تتهافت الشركات الكبرى على ضخ استثمارات كبيرة فيها، ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل، إذ يعد هذا القطاع أحد القطاعات الأسرع نمواً في العالم عموماً ومنطقة الشرق الأوسط والخليج العربي بشكل خاص، حيث ارتفع عدد الساعات التي يقضيها المستخدمون في اللعب بنحو 24% على أساس سنوي، كما بلغت إيرادات القطاع حدّاً قياسياً من المتوقع أن يتضاعف خلال السنوات القادمة.

لتوضيح الصورة أكثر، فقد تجاوز عدد مستخدمي الألعاب والرياضات الإلكترونية حول العالم حاجز 3.3 مليار شخص، في حين تقدر القيمة السوقية لهذا القطاع بنحو 268 مليار دولار، لتتفوق بذلك على صناعتي السينما في هوليوود والموسيقى مجتمعتين! على صعيد الأثر الاقتصادي المباشر، تسهم الاستثمارات في صناعة الألعاب الإلكترونية برفع حجم الإيرادات وتوفير عدد كبير من فرص العمل بدخل مرتفع، أما تأثيراتها الاقتصادية غير المباشرة، فتتمثل بدعم الابتكار والإبداع وتطوير تقنيات جديدة، فضلاً عن تحسين البنية التحتية الرقمية وتحفيز مجموعة من القطاعات الأخرى مثل صناعة المحتوى وقطاع الإعلام الرقمي.

أهداف الاستراتيجية الوطنية للألعاب الإلكترونية

السعودية

تسعى السعودية من خلال الاستراتيجية الوطنية للألعاب الإلكترونية إلى تحقيق جملة من الأهداف التي تؤثر بشكل مباشر على المواطنين والقطاع الخاص وعشاق ومحترفي الرياضات والألعاب الإلكترونية في مختلف أنحاء العالم على حد سواء، ولعلّ أبرز ما تستهدف المملكة تحقيقه يتمثل بما يلي:

  • تحسين تجربة اللاعبين ونقلها إلى مستوى احترافي
  • توفير فرص ترفيهية جديدة ونوعية
  • مساهمة قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50 مليار ريال (نحو 13.3 مليار دولار) بشكل مباشر وغير مباشر
  • استحداث أكثر من 39 ألف فرصة عمل جديدة، مباشرة وغير مباشرة بحلول عام 2030
  • توفير بيئة متكاملة لتأسيس وتطوير الكفاءات والشركات الواعدة داخل المملكة
  • الوصول إلى الريادة العالمية في قطاع الألعاب الرقمية وتعزيز مكانة السعودية على الساحة الدولية
  • إنتاج أكثر من 30 لعبة في استوديوهات المملكة قادرة على أن تنافس على الصعيد العالمي
  • وضع السعودية ضمن الدول الثلاث الأولى في العالم من حيث عدد اللاعبين المحترفين للرياضات الإلكترونية

محاور استراتيجية السعودية لقطاع الألعاب الإلكترونية

وضعت السعودة استراتيجية طموحة لقطاع الألعاب الرقمية، حيث تعتزم تنفيذها من خلال 86 مبادرة تغطي جميع جوانبها، حيث ستقوم 20 جهة حكومية وخاصة بإطلاقها وإدارتها، وتشتمل هذه المبادرات على إطلاق حاضنات أعمال واستضافة فعاليات كبرى للألعاب والرياضات الإلكترونية، إضافة إلى تأسيس أكاديميات تعليمية وتطوير اللوائح التنظيمية المحفزة التي تضمن مواكبة وتيرة النمو المتسارعة في هذا القطاع. تتوزع المبادرات ضمن 8 محاور تتمثل بما يلي:

تطوير التقنية والأجهزة

يشمل المحور الأول من الاستراتيجية الوطنية للألعاب الإلكترونية، تحقيق قفزات تقنية نوعية في مجال الألعاب والرياضات الرقمية، حيث سيتم التركيز على ما يلي:

  • الاستثمار في قطاع الألعاب السحابية
  • دخول قطاع الألعاب الرياضية التحركية
  • تمكين الابتكارات المستقبلية المعنية بالألعاب

إنتاج الألعاب

تهدف المملكة إلى خلق بيئة تنافسية ومتكاملة لصناع ومنتجي الألعاب الإلكترونية، وسيتم التركيز على تحقيق الأهداف التالية في هذا المحور:

  • جذب وتوطين مطورو الألعاب العالميين وشركات النشر العالمية
  • تطوير منظومة الشركات الناشئة المنتجة لألعاب الهواتف الذكية والملكية الفكرية في السوق المحلي
  • تعزيز إنتاج الألعاب التي تروج للثقافة العربية عموماً والتقاليد السعودية بشكل خاص

الرياضات الإلكترونية

في هذا المحور، تعمل السعودية على استضافة أكبر المنافسات العالمية في مجال الألعاب الإلكترونية، إلى أن تصبح وجهة عالمية لمحبي الرياضات الرقمية، وسيتم التركيز على تحقيق الأهداف التالية وصولاً لهذه الغاية:

  • تنظيم أكبر الفعاليات العالمية في قطاع الألعاب والرياضات الرقمية
  • ابتكار وتنظيم وتصدير الملكية الفكرية لفعاليات الرياضات الإلكترونية
  • تطوير منظومة جديدة لتمهيد الطريق أمام الكفاءات المحلية للوصول إلى العالمية
  • تعظيم دور السعودية في أنشطة الاتحادات الدولية للرياضات الإلكترونية

الخدمات الإضافية

نصل في قائمة محاور استراتيجية السعودية لقطاع الألعاب الإلكترونية، إلى محور الخدمات الإضافية التي تسعى المملكة من خلاله إلى تطوير طريقة مبتكرة وجذابة لاستهلاك الألعاب، بحيث تكون مليئة بالموضوعات الإقليمية والقصص الوطنية للسعوديين والزوار العالميين، وسيتم التركيز في هذا المحور على ما يلي:

  • ربط مجتمع الألعاب المحلي والدولي عبر الفعاليات والمواقع
  • جعل السعودية مركزاً للبث في العالم العربي
  • تطوير وامتلاك الملكية الفكرية للألعاب ونشرها في جميع مجالات الثقافة المحلية

البنية التحتية

تقوم المملكة العربية السعودية بتهيئة وتمكين البنية التحتية للألعاب والرياضات الإلكترونية، وذلك من خلال توفير ما يلي:

  • توفير اتصالات وخوادم إقليمية
  • تقليل مستويات زمن الاستجابة
  • بناء ملاعب ومقاهي ومواقع مبتكرة للرياضات الإلكترونية
  • توفير مرافق للإنتاج لشركات الألعاب والرياضات الرقمية

اللوائح التنظيمية

لم تغفل السعودية عن وضع لوائح تنظيمية تحكم صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث تسعى لتحقيق النقاط التالية:

  • توفير إطار تنظيمي تمكيني للألعاب والرياضات الإلكترونية
  • تسهيل توطين الجهات ذات العلاقة بالألعاب والرياضات الإلكترونية ونقل الكفاءات
  • توضيح الأدوار والمسؤوليات وتنسيق أعمال الجهات المختلفة

التعليم واستقطاب المواهب

تستهدف استراتيجية السعودية بشكل أساسي صناع ومحترفي الألعاب الإلكترونية، وتسعى المملكة لاستقطابهم من خلال التركيز على ما يلي:

  • توفير مناهج أكاديمية عملية ذات صلة بالألعاب
  • الشراكة مع مؤسسات الألعاب العالمية
  • دعم أكاديميات الرياضات الإلكترونية
  • بناء مراكز التميز البحثية

التمويل والدعم المالي

المحور الأخير ضمن محاور الاستراتيجية الوطنية للألعاب الإلكترونية، توفير التمويل والدعم المالي لتحقيق رؤية المملكة الشاملة لهذا القطاع الواعد، وذلك عبر الالتزام بما يلي:

  • تقديم حوافز لاستقطاب الشركات العالمية وخلق شركات محلية منافسة
  • تقديم الدعم المالي لمنظومة الألعاب والرياضات الإلكترونية

كيف يساهم قطاع الألعاب الإلكترونية في رؤية السعودية 2030؟

السعودية

كما ذكرنا آنفاً، يعد قطاع الألعاب الإلكترونية أحد القطاعات الواعدة الأسرع نمواً في العالم، وضمن رؤية السعودية الطموحة للتحول الرقمي والارتقاء بصناعة التكنولوجيا وجذب الكفاءات، فقد أطلقت استراتيجية قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية التي تعد استثماراً متكاملاً سيساهم بأكثر من 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول عام 2030، كما سيخلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، فضلاً عن تعزيز مكانة المملكة على الساحة الدولية وجعلها مركزاً عالمياً لجذب الاستثمارات في مجالات المستقبل.

نصل إلى نهاية مقالنا الذي تناولنا خلاله أبرز تفاصيل الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، حيث تطرقنا إلى أهدافها ومحاورها التي تسعى من السعودية من خلالها لتصبح مركزاً عالمياً في صناعة وإنتاج الألعاب الرقمية، إضافة إلى دور هذا القطاع الواعد ومساهمته في تحقيق رؤية المملكة لعام 2030. في حال كان لديك أي استفسار، فلا تتردد بالتواصل معنا وسنكون سعداء بالرد عليك.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x