معارك روبوتات الميك ليس لجميع اللاعبين ولجميع الأذواق، ولكن عندما يقدمها مطور مخضرم وشعوف مثل FromSoftware، فعلى جميع الأنظار أن تشح بعيدًا عن أي لعبة أخرى، وتحدق جيدًا في هذا المشروع الجديد الذي أعاد سلسلة محبوبة بعد طول انتظار. لماذا؟ سنخبرك عن كل الأسباب في مراجعة Armored Core 6 من عرب جيمرز!
ماذا يحدث في هذه القصة؟
أتذكر أنني مررت بالعديد من ألعاب مماثلة من حيث المبدأ وآليات اللعب، لكن هذه اللعبة الوحيدة التي تمكنت من جذب انتباهي نحو القصة وأحداثها.
كيف لا، وهذا مشروع جديد من مطور ألعاب سولز الشهيرة ومؤخرًا Elden Ring الغنية عن التعريف، فقد أضاف وصفته السحرية الخاصة في طريقة سرد القصص بطريقة بطيئة ومرئية تجعلك تنظر دائمًا من حولك لما يوجد في هذا العالم من أشياء للتعرف عليها.
منذ اللحظة الأولى بدأت بإمعان النظر من حولي لأرى ليس فقط جمال المناطق التي صنعها المطور بل أيضًا لاستشعر ما فيها من تشكيل فني يعبر عن أكثر من مجرد جمال مجرد، بل في هذه المعالم قصة بشرية اندثرت ولم تتمكن من العودة إلى كمخلوقات معدلة تعيش عبر آلات ضخمة تعرف بالإنكليزية “ميك – Mech” .
وفي استمرار لشغف المطور بسرد القصص عبر بطل لا اسم له ولا هوية، فإن بطل هذه القصة هو مجند لمرتزقة قد تم إرساله إلى كوكب للتحقيق بأمر الطاقة الكامنة والغامضة التي تسكن فيه، وثم بعد ذلك تبدأ الكثير من الأحداث تنكشف واحدة تلو الأخرى وعليك اتخاد قرارات حاسمة سوف تغير من المهام التالية التي تحصل عليها، وبالطبع سوف تغير من نهاية القصة أيضًا.
يوجد ثلاث نهايات بالمجمل وعدة مهمات متنوعة، وهذا وإن ابتعدنا عن القصة بحد ذاتها لتجنب الحرق، فإنه يدل على جودة كبيرة مقابل السعر الذي ستدفعه بحيث سوف ترغب بإعادة لعب المهام الأخرى للحصول على نهايات مختلفة.
سرد القصة ليس صامتًا بالكامل بل يعتمد أيضًا على حوار بين شخصيات رئيسية، واعترف أنه حوار ممل في كثير من الأحيان (جيد فقط عند المعارك…) ويفتقد إلى اختيارات قوية للأذن.. ربما هذه ضريبة يدفعها مطور سولز بسبب اعتماده الكبير على الصمت في كثير من ألعابه!
عمومًا، المعالم التي سوف تزورها في عالم اللعبة متنوعة بشكل جميل، لديك المباني الضخمة والصحراء والثلوج وغيره القليل من المناطق الأخرى. ليست أفضل لعبة في الحقيقة من حيث تنوع بيئاتها ومعالم عالمها، لكنها تأتيك بما يكفي لإرضاء وعدم إشعارك بالملل.
من اعتاد على شيء، لن يغيره قوم من البشر!
من الصعب حقًا أن تقنع زميلك الذي ينام باكرًا أن يسهر معك طول الليالي في مباريات كود طويلة ومنافسات فيفا ملحمية، وسوف يكون من الأصعب حتى أن تقنع من ابتكار نمط كامل من الألعاب بنفسه، أن يغير من عادته ويصنع لعبة سهلة المنال والتختيم!
نعم هذه معارك روبوتات صعبة وتعاقبك، لكن ضعني أوضح لك من البداية: هذه ليست دارك سولز، لا من قريب ولا من بعيد، بل تجربة مختلفة.. وأكاد أتجرأ بالقول أنها أسهل من ألعاب المطور الأخرى.
يمكن القول بكل سهولة أن الصراع المباشر الذي كنت تحلم به بين روبوت ضخم وآخر، سوف تحصل عليه هنا بكامل عظمته!
وذلك بسبب تقديمها للكثير من الأشياء التي لا تقدمها ألعاب المطور الشهيرة، لديك تدريب كامل وإمكانية اختبار الروبوت قبل تنزيله إلى المهام، وإمكانية العودة إلى نقطة حفظ عند الخسارة واسترجاع كل الذخيرة وأدوات العلاج وإمكانية بيع ما اشتريته بنفس السعر تمامًا، وإذا خسرت كثيرًا أمام زعيم من الزعماء سوف يظهر شريط فيديو قصير فيه تلميحات حول طريقة التفوق عليه! تخيل FromSoftware فعل ذلك! هنالك أحد ما في الاستديو لا يستطيع النوم بعد الآن بكل تأكيد!
ليس هذا فحسب بل تستطيع عند الخسارة أن تعيد تشكيل الروبوت الخاص بك بالكامل مما لديك من عتاد في قاعدتك، وهذا يعني أنك تستطيع العبث بعتاد وقدرات بطلك بالكامل حتى تجد الطريقة المناسبة للتغلب على العدو. ضع في الحسبان فقط أن الجانب السيء الوحيد هو أنك ستعاني من مشكلة كبيرة إذا أردت الاحتفاظ بأسلوب ونمط وعتاد معين خاص بك لكامل اللعبة.. قد يبدو هذا مستحيلاً أو صعبة للغاية.
أتمنى أن تجذب تلك الكلمات الأخيرة انتباهكم لأنني سأتوقف عن مقارنة اللعبة بعناوين الاستديو الأخرى وسأركز على جوهر المتعة في هذه التجربة. على الرغم من صعوبتها الشديدة إلى أنها عادلة وتطلب منك اختيار العتاد المناسب لجعل الزعيم العنيد يبكي خوفًا، ولا تريد منك أن تتحرك ببطء وبكسل مهما كانت المعركة تبدو سهلة، فالأخطاء الهزيلة غير مقبولة لدى هذا الاستديو.. وحقًا لا ألومه.. فهو المطور الوحيد الذي دائمًا ما يجعلني أكره الساعات التي أضعتها وأنا أحاول الفوز على زعيم مزعج لكن بنفس الوقت.. لا أستطيع حمل أي حقد أو كراهية تجاه اللعبة أو مطورها.. بل العكس تمامًا.. كيف يفعل ذلك يا رجل؟!
طريقة القتال وتجنب الضربات والصد والقفز، جميعها متقنة بأفضل شكل تتصوره، وتغيير عتاد وجسد الروبوت الخاص بك لا يعني دائمًا اختلاف في الإمكانيات ونوع الهجمات بل أحيانًا يمنحك استراتيجيات ومهارات جديدة بالكامل، مثل التحرك بسرعة كبيرة أو ببطء شديد أو التمكن من التحليق في الهواء وكأنك طيارة لفترة من الزمن. يمكن القول بكل سهولة أن الصراع المباشر الذي كنت تحلم به بين روبوت ضخم وآخر، سوف تحصل عليه هنا بكامل عظمته!
تتميز اللعبة بتنوع في محتواها، فلديك بالإضافة إلى المهام المتنوعة (والقابلة لإعادة اللعب بالكامل متى ما أردت)، مباريات 1 ضد 1 مع روبوتات أخرى في طور لعب Arena، وفي هذا الطور سوف تبدأ مع أضعف الروبوتات إلى أفضلها في التاريخ، وستحصل على الكثير من المكافآت القيمة لتطوير شخصيتك، مما يجعلها ليست فقط ممتعة بل مهمة ومفيدة أيضًا. هذا كله دون الأخذ بعين الاعتبار الزعماء الكثيرين والممتعين للغاية! (وشديدي الصعوبة أيضًا!)
أخيرًا، يوجد تجربة جماعية بسيطة في اللعبة، وهي معارك مجموعة من اللاعبين ضد مجموعة أخرى أو لاعب ضد لاعب، ومع أنها كانت تجربة ممتعة إلا أنني كنت أتمنى رؤية مهام تعاونية وإمكانية طلب المساعدة من اللاعبين في صراع الزعماء مثلما نفعل في ألعاب سولز.
من الرائع أنك تستطيع تخصيص الروبوت بخيارات تخصيص كثيرة وتفسح مجالاً كافيًا للوصول إلى شيء مميز خاص بك أنت لوحدك، والرائع أكثر أنك تستطيع رؤية هذا الشكل المميز في جميع المشاهد السينمائية وفي المباريات الجماعية.
التجربة ليست مثالية للأسف وأكبر مشاكلها هي حركة الكاميرا البطيئة التي تجعلك فكرة “أنت لا تراني فسوف أباغتك” إلا حقيقة” كفى ازعاجًا”، ولن تلاحظها كمشكلة كبيرة في جميع المعارك ولكن في مسميات محددة منها سوف تكون مزعجة للغاية، مثل المواجهة مع زعيم ضخم (لنتجنب ذكر اسمه) سوف تزعجك الكاميرا في طريقة المناورة والوصول إلى نقاط ضعفه. لحسن الحظ يمكنك تعديل مرونة تحريك الكاميرا في الإعدادات، وشخصيًا قمت بتختيم اللعبة عند أعلى مستوى مرونة، وما زلت أعتقد أنه يحتاج إلى صقل أفضل.
يأخذنا هذا أيضًا إلى مشكلة تحديد وتتبع الخصم تلقائيًا، ميزة شهيرة في ألعاب المطور وغيرها من الألعاب، لكنها هنا غير مفيدة كثيرًا لأن المطور يريد أن يخدم فكرة المواجهة المباشرة بين الروبوتات الضخمة ويعتقد أن سرعة الروبوت وقدرته على الخروج من مجال رؤيته من أهم نقاط المتعة الواقعية في هذه المعارك، لذلك لم يجعل المطور هذه الميزة أو الآلية مفيدة، ومع أنني أتفهم السبب بالكامل وأتفق معه إلا أنها في بعض الحالات تظهر بشكل سيئ بدون خدمة هذا السبب، فإن ذكرنا الزعيم “Smart Cleaner” سوف أخبركم باختصار أن لديه نقطة ضعف في منتصفه ولكن تستطيع أيضًا تحديد هجومك على مكان رأسه، المشكلة أنك لو نقرت على زر التحديد سوف ينتقل تلقائيًا بين الاثنين أثناء مناورتك لهجماته وتصبح المعركة أصبح مما يجب أن تكون عليه.
عتبي أيضًا يقع على واجهة المستخدم، لكي يجعلك المطور تنغمس دائمًا في فكرة أنك داخل روبوت، جعل واجهة المستخدم متوافقة ومتماشية مع هذه الفكرة، ولكن النتيجة لم تكن مرضية بل مزعجة وليس من السهل إلقاء نظرة سريعة على ما تبقى من صحة الخصم، وأحيانًا تؤثر واجهة المستخدم على إمكانية الرؤية السليمة لهجمات الخصم وحركته.
أخيرًا كنقطة أخيرة اعتبرها على الهامش وتذكر أنها من محب للمطور وألعابه: عدم وجود مستوى لعب أسهل يشعرني أحيانًا أن هذه اللعبة الرائعة سوف تفقد جمهور من اللاعبين الذين يكرهون الصعوبة الكبيرة في الألعاب، وهذا يعني أنهم سوف يفوتون على أنفسهم تجربة مصنوعة بعناية وممتعة للغاية.. لذلك.. أشعر أنه كان من الجيد إضافة مستوى أسهل.. على الأقل عندما تخسر أمام الزعيم كثيرًا على سبيل المثال…
هل نسي أحد أننا في جيل جديد من الإمكانيات؟
لا أعلم لماذا، ولكن هذه اللعبة تبدو مناسبة لجيل بلايستيشن 4 و Xbox One وليس الجيل الحالي من الأجهزة والإمكانيات التي تتمتع بها.
رسومات اللعبة ليست سيئة بل التحديث في المعالم ممتع وهنالك تفاصيل جميلة، لكن الدقة الرسومية ليست ما تتوقعه وتفتقد إلى القدر الكافي من الواقعية والمؤثرات الرسومية المذهلة التي نراها في الألعاب الضخمة هذه الأيام.
لنضع الأمر بصورة أبسط، إن كانت الرسومات هي الهدف الأسمى لك عند شراء لعبة، فعليك التفكير مرتين قبل دفع مبلغ مالي كامل، ولكن إن كنت تستطيع التجاهل قليلاً، فهنالك الكثير من المتعة (والعذاب!) بانتظارك.
الأداء سلس للغاية ولم تظهر أي مشكلة تقنية من أي نوع، أما تصميم المؤثرات الصوتية فهو رائع ويطرق مسامعك عندما يقوم بطلك أو أي شخصية أخرى بأي حركة. الأنغام الموسيقية جيدة، ليست أسطورية ولكنها متماشية مع تيار العواطف في أحداث القصة.
