مراجعة Atlas Fallen

نجحت لعبة Atlas Fallen في جذبي كثيرًا من خلال حملتها الدعائية بسبب أسلوب التنقل المميز على الرمال، وكونها لعبة RPG في ظل شح هذا النوع من الألعاب بشكل كبير في السوق، ومع اقتراب صدور لعبة Starfield، كان لابد لي أن أجد تجربة تبقيني مشغولًا حتى تصدر الوجبة الأساسية لعشاق ألعاب الـRPG في 2023، وقد زاد حماسي عندما عرفت أن الاستوديو الذي يقف خلف اللعبة هو استوديو Deck 13 الذي قدم لنا جزئي The Surge و Lords of the fallen، وهي ألعاب مميزة بالرغم من بعض العيوب الواضحة، ولكن يا ترى فكيف كانت تجربة Atlas Fallen ؟وهل قدمت ما يدعو لرؤية جزء جديد منها في المستقبل؟ إليكم مراجعة وتقييم لعبة Atlas Fallen.

هل هي لعبة RPG في الأساس..؟

من خلال متابعة مكثفة للحملة الدعائية للعبة منذ الإعلان عنها لأول مرة، ووضع حقيقة تأجيل اللعبة من شهر مايو الماضي إلى أغسطس بسبب وضع اللعبة التقني لم يسعنى إلا الشعور بالتفاؤل نحو ذلك المشروع حتى وإن لم يكن مشروع ذو ميزانية فلكية وقيمة إنتاجية ضخمة، فأنا لست مؤمنًا بأن قيمة الألعاب تقاس بمستواها السينمائي أو قيمتها الإنتاجية، نعم.. هي عوامل مساعدة ولكنها لا تحدد ما إذا كانت اللعبة تستحق الشراء أم لا، فأنا من محبي ألعاب الـrpg حتى تلك التي عمل عليها استوديوهات مستقلة مثل Vampyr من تطوير Dontnod، و Greedfall من تطوير استوديو Spiders، وهي ألعاب متوسطة قدمت أفكارًا مميزة وعوالم افتراضية مبنية بعناية وأسلوب لعب عميق وممتع بما فيه الكفاية.

للأسف، لا يمكننا قول الشيء نفسه حول Atlas Fallen فقد لاحظت معاناة اللعبة من أزمة هوية واضحة تجعلها غير قادرة على تقديم عناصر RPG صريحة بالعمق الكافي، وفي نفس الوقت غير قادرة على الالتزام بتقديم لعبة أكشن/مغامرة محدودة وهنا ظهرت أزمة هوية حقيقية عانت معها اللعبة من التذبذب في المستوى. 

قصة اللعبة

تدور قصة اللعبة في عالم “أطلس” حيث يعبد الناس إله للشمس يُدعى Thelos، ويتبعون ملكةً شريرة تقوم باستعبادهم باسم Thelos وتسخرهم لخدمته بطرق مختلفة. في هذا العالم يوجد مجموعة من البشر يتم الإشارة إليهم باسم “Unnamed” وهم مجموعة من اختصاصها التنقيب عن مصدر طاقة وقوة إله الشمس ذلك وهو ما يدعى “Essence” ومن غير المعروف -على الأقل في بداية اللعبة- الغرض من جمعه سوى أنه يمثل مصدر قوة لـThelos.

تلعب أنت دور إحدى شخصيات الـUnnamed والذي تقوده الظروف لإيجاد سلاح (Gauntlet) سيحمل قوى سحرية وكيان شخصية مجهولة تدعى Nyaal، وبفضل القدرات التي تضيفها لك تلك الأداة الجديدة، تبدأ في أخذ إصلاح ذلك العالم ومواجهة شروره على عاتقك، ولكن هناك الكثير من العراقيل في الطريق.

دعنا نقسم جانب القصة إلى شقين، الشق الأول هو بناء العالم من كتابة ما بين السطور، والتفاصيل الأساسية، فالقصة ليست مستوحاه من أي عمل آخر، وهي قصة أصلية 100% وعلينا الاعتراف أن التفاصيل التي قام كُتاب القصة بتأليفها كانت تفاصيلًا رائعة وجذابة جعلتني أستثمر من الوقت بعضه لكي اقرأ عنها (من خلال الملفات القابلة للجمع في اللعبة) ولكن على جانب كتابة الأحداث والحوارات وطريقة تقديم الأحداث (السرد) فإن هذا الجانب يعتبر أحد أضعف جوانب اللعبة ولا يعود السبب في ذلك لضعف الإمكانيات فقط، فالأحداث لا تمتلك الكثير من التفاصيل وكان واضحًا أن القصة عانت من الكسل في الكتابة وإثراء الأحداث بالتفاصيل، كما أن أسلوب عرض التفاصيل المهمة أفقدها أهميتها وجعلني لا أشعر بالحماس تجاه ما يحدث أمامي على الشاشة. خصوصًا عندما تكون التفاصيل المهمة بينها 5 مهمات هدفها الرئيسي هو إطالة عمر اللعبة وحشو المحتوى.

قد يظن البعض أن ألعاب الأربيجي مثل Fallout مثلًا لا تقدم أسلوب سرد سينمائي وقد تضيع الأحداث أو الجمل الحوارية المهمة بين السطور إذا كان اللاعب غير منتبه، ولكن ما أقصده مع Atlas fallen ليس أنني كنت أنتظر سردًا سينمائيًا ولم أحصل عليه وإنما هو أن اللعبة اختارت أن تقدم مساوئ ألعاب الـRPG دون الحصول على كفتها التي تجعلها ناجحة، مثل جانب الخيارات المؤثرة أو التنوع في تكوين شخصيتك (المزيد حول ذلك في فقرة أسلوب اللعب).

تمتلك Atlas Fallen بعض المقاطع السينمائية ولكن طريقة سرد الأحداث الأهم تكون عن طريق لوحات رسومية متحركة وقد كانت طريقة مقبولة في السرد بالنسبة لي ولا أملك اعتراضات عليها.

أسلوب اللعب: خطوة للأمام وخطوتين للخلف

على جانب أسلوب اللعب، كنت مستمتعًا في معظم أوقات لعبي إلا أن الساعات الأخيرة كانت كابوسًا بالنسبة ليه تراكمت فيها كل العيوب لتظهر أمامي الصورة القبيحة الحقيقية لمشاكل التصميم في اللعبة، والتي كان من الممكن تجاهل بعضها إلى أن وصلت لآخر ساعتين في عمر اللعبة.

استغرقت Atlas Fallen معي 11 ساعة لإنهائها مع إتمام كل المهمات الجانبية المتاحة عدى مهمة واحدة كانت تتطلب جمع 10 أشياء، لا أهمية لها في القصة وأعتقد أن الهدف منها هو إطالة عمر اللعبة. خلال ساعات اللعبة الأولى تقوم اللعبة بدفع تفاصيل القصة المهمة أمامك، ورفع مستوى حماسك ثم تطلب منك تجميع قطع القفاز السحري المكسور لزيادة قوته. طلبت مني اللعبة فعل ذلك 3 مرات (3 قطع في كل مرة) أي أنني قضيت وقتًا طويلًا لإيجاد 9 قطع من القفاز المكسور لتطويره والاستمرار في القصة. عملية البحث لم تكن مملة لكنها لم تكن مبتكرة أيضًا وعانت من تطبيق نفس الطريقة مرارًا وتكرارًا. أتساءل لماذا لم يتم تحديث نوعية الألغاز أو الأعداء التي كان علي اجتيازها لكي أجد تلك القطع؟ لا أعرف السبب.

مراجعة Atlas Fallen

أسلوب اللعب ينقسم إلى القتال، الاستكشاف، والألغاز البيئية وتطوير الشخصية. وكل المهمات سواءً كانت مهمات جانبية أو أساسية تتمحور حول هذه العناصر الأربعة. المهمات الجانبية نفسها تنقسم إلى مهمات جانبية عادية، والتي تقوم فيها بإتمام خدمة لأحد الشخصيات، ومهمات Errand التي يُطلب منك فيها مساعدة أحدهم في شيء شخصي سواء إيجاد شخص، أو إيصال شيء أو إيجاد أغراض ضائعة وكأن شخصيات العالم لم يعرفوا كيف يقضون مصالحهم قبل مجيئك للحياة! المهمات نفسها لم تكن مملة بقدر كونها تتبع تصميم قديم عفى عليه الزمن. أنا لست مستاءً لأنني شعرت بالملل بقدر كوني مستاءً من إضاعة فرصة توظيف آليات اللعب المصممة باحترافية في مهمات أكثر إبداعًا.

مراجعة Atlas Fallen

آليات القتال والتنقل تعتبر هي أفضل عناصر اللعبة من حيث التصميم والتطور مع الوقت، مشكلتي مع القتال هو أن الأعداء غير متنوعين ومعارك الزعماء تعاني من غباء تصميمي غير مبرر، فاللعبة تحاول زيادة الشعور بالخطر والصعوبة لديك في معارك الزعماء عن طريق رمي مجموعات ضخمة من الأعداء الفرعيين أمامك وسط معركتك مع الزعيم. لماذا لم يتم تصميم الزعيم نفسه بحيث يتبع أسلوب قتال فريد من نوعه وتكون صعوبته في أسلوب قتاله هو نفسه وليس الأعداء الذين حوله؟ لا أعرف إجابة عن هذا السؤال أيضًا.

أما القتال بحد ذاته، قد كان ممتعًا وقدمت اللعبة أسلوبًا متماسكًا للحركات وربطها ببعض وشجرة مهارات مميزة وقدرات رائعة باستخدام الأسلحة الثلاثة الموجودة في اللعبة. كل الأسلحة مصنوعة من الرمال بفضل القفاز السحري، وهي فأس وسلسلة حديدة برأس محراب وقبضة رملية ضخمة.

يمكنك تخصيص الأسلحة من خلال Presets مختلفة (3 تحديدًا) والنقل بينهم لكن من المضحك أن التغيير بينهم غير مسموح داخل المعارك، ويجب عليك أن تحدد الأسلحة والقدرات التي تريد دخول المعركة بها والتغيير إليها قبل الدخول في معركة.

أما عن العالم المفتوح، فعلى الرغم من جماله البصري إلا أنه لم يكن متنوعًا على الإطلاق.. مساحات واسعة من الرمال أو الغابات.. فقط، ولكن بفضل نظام التنقل الممتع لم استخدم السفر السريع كثيرًا، ولكن في الوقت نفسه تمنيت لو أن العالم قد تم استغلاله بشكل أفضل أو حتى وضع أمامكن أكثر تكون قابلة للاستكشاف وجمع الموارد.

مراجعة Atlas Fallen

بعض المهمات الجانبية تعطيك جوائز قيمة جدًا من قدرات فارقة ونادرة وبعضها لا يعطيك أي شيء ذو قيمة وهو ما وجدته أمرًا محبطًا في نظام مهمات جانبية متواضع في أساسه. بعض الألعاب تقدم مهمات جانبية مكررة لكن مع جوائزها القيمة تكون في نهاية المعادلة إتمام هذه المهمات صفقة مربحة، أما هنا فأنت أمام مهمات جانبية هدفها إهدار وقتك فقط.

تجربة اللعب التعاوني

يسمح للاعبين في Atlas Fallen خوض التجربة كاملةً مع لاعب آخر بشكل ثنائي مصمم بشكل يراعي عيوب التجربة، ويجعلها أفضل من خلال اللعب التعاوني.

نعم المعارك أكثر متعة بكثير مع فرد آخر، وأفضل ما في اللعبة هو أن التقدم في القصة يحدث عن اللاعبين، ويمكنك استكمال القصة لاحقًا وحدك، وكل ما قمت به أثناء لعبك مع صديقك لن تفقده على عكس ألعاب أخرى كانت تتخذ من اللعب الأساسي ركيزةً من ركائزها مثل Gotham Knights، ولكن Atlas Fallen تنجح في جعل اللاعب الآخر يشعر وأنه يخوض تجربة مُرحبة به وباللعب تعاونيًا مع صديق له.

الأداء التقني والتجربة السمعية والبصرية

عانت تجربتي من بعض مظاهر مشاكل الأداء، جربت اللعبة على PS5 و على حاسب شخصي بمواصفات متوسطة. لم ألحظ تساقط إطارات من شأنه إفساد التجربة، ولكني عانيت من تباين معدل الإطارات بشكل واضح أزعجني بشكل شخصي.

بالإضافة لتساقط الإطارات، هناك مشاكل في الصوت تجعله يختفي بدون مبرر في بعض الجمل الحوارية بلا مبرر. فيما عدا ذلك لم أصادف مشاكل تقنية تذكر وأعتقد أن التجربة البصرية كانت رائعة وفي بعض لحظاتها ممتازة، فيما عدى تصميم الشخصيات وتعابير ووجوهم الذي كان سيئًا، والتجربة السمعية كانت جيدة ولكنها لم تقدم أي شيء يمكنني الثناء عليه.

مراجعة Atlas Fallen

في النهاية، ذكرتني لعبة Atlas Fallen بلعبة أخرى صدرت في بداية العام وهي Forspoken، كلاهما قدم بناء عالم ممتاز، وقصة واعدة تم إهدارهما من خلال الكسل في كتابة الأحداث والحوارات، وتصميم المهمات القديم مع فقر إبداعي شديد يجعل اللعبة جيدة لكن من الصعب اقتراحها على أي أحد. 

لعبة Atlas Fallen هي مثال للألعاب التي تصلح للخدمات مثل Xbox Gamepass أو PS PLus لأنها تمتلك جوانب مميزة وممتعة لكنها قطعًا لا تبرر دفعك لـ60$ لخوض التجربة. أعتقد أنها لعبة يمكن البناء عليها لأجزاء قادمة، لكن هل ينجو الجزء الأول أصلًا مع ما يقدمه من عيوب؟

ننصح بشرائها لـ

  • لكل من يمكنه أن يتقبل عيوب اللعبة مقابل المتعة الموجودة بها
  • لكل محبي ألعاب الخيال والفانتازيا
  • لكل من يسطيع الاستمتاع بأسلوب التجول والمعارك وعدم التركيز على شيء آخر

لا ننصح بشرائها لـ

  • لكل من لا يريد تضيع وقته في لعبة تعاني من التكرار
  • لكل من يشعر بالملل سريعًا 
  • لكل من يكره أي لعبة متوسطة، أو يريد لعبة ممتازة بدون عيوب
متواضعة
0

الإيجابيات

  • رسوم خلابة وبيئات جميلة بصريًا
  • أسلوب معارك ممتع ومتوازن
  • لعب تعاوني جيد
  • بناء العالم وقصته الخلفية رائعين
  • أسلوب تنقل سلس

السلبيات

  • أسلوب سرد ممل
  • أحداث قصيرة وكسل في كتابة إلتواءات الحبكة
  • أسلوب صعوبة غير متوازن بالمرة
  • عالم مفتوح خالي من النشاطات ذات القيمة
  • جميع المهمات الأساسية والجانبية مكررة بشكل مضجر
  • معارك زعماء سيئة تعتمد على زيادة الصعوبة بشكل غير منطقي

 عِش معنا متعة اللعب على أصولها.. لمزيد من المقالات الرائعة تابعو قناتنا على واتساب.

وسوم

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x