مراجعة Starfield

أخيرًا أصبحت Starfield بين أيدينا، لعبة الـ RPG والحركة في الفضاء، العنوان الجديد الأول لاستوديو Bethesda منذ 25 سنة تقريبًا سطّر فيها الاستوديو اسمه بأحرف من ذهب، بوضع معايير جديدة لألعاب الـ RPG والعالم المفتوح، وتطوير عناوين غيّرت الصناعة بأكملها.

انتشرت الضوضاء حول Starfield قبل إصدارها، فالعنوان الجديد لواحد من أشهر وأضخم الاستوديوهات في الصناعة، هو عنوان حصري لأجهزة Xbox، وببساطة سيرسم مستقبل المنصة وثقة مستخدميها طوال هذا الجيل. بلا شك، Starfield هي حصرية Xbox الأهم على الإطلاق.

ولكن دعنا من كل تلك الاعتبارات ولننظر إلى اللعبة نفسها، بعيدًا عن الضجيج المرتفع حول اللعبة بين محب وكاره، وتضارب الأراء المدهش حولها. بعد قرابة 60 ساعة من اللعب، إليكم مراجعة وتقييم Starfield أحدث عناوين Bethesda.

رحلة مثيرة في أعماق الكون للكشف عن أسراره تُحكى على طريقة Bethesda

في مستقبل استعمر فيه البشر الفضاء وبسطوا سيطرتهم على أطرافه، بل وسخّروا الفضاء في حروبهم والصراعات بين الفصائل المختلفة، لا تزال هناك أسرار وغوامض تثبت جهل البشرية بأمور لا يعلمون بوجودها رغم كل ذلك التقدم العلمي.

تبدأ أحداث اللعبة عام 2330، حيث يعمل بطل اللعبة في التنقيب عن المعادن على كوكب بعيد. هناك يجد اللاعب قطعة أثرية فريدة وغريبة، مجرد لمسها يتسبب في تأثيرات خارقة للطبيعة. لذلك، ينضم اللاعب إلى منظمة Constellation المختصة بالبحث في الغوامض واستكشاف أسرار الكون، لمعرفة السر وراء هذه القطعة الأثرية ومحاولة البحث عن مزيد منها.

ينطلق اللاعب رفقة أعضاء Constellation لكشف سر هذه القطع المعدنية التي لا تتوافق مواصفاتها مع أي من المعادن المعروفة للبشر، ولها تأثيرات خارقة للطبيعة. خلال بحث طويل ومطاردة تلك القطع المعدنية على أسطح كواكب مختلفة، تبدأ الأسرار في الكشف عن نفسها، وأخطار لم يسبق للبشرية مواجهتها تعلن وجودها هي الأخرى، أخطار تتعلق بأصل الكون ذاته.

بشكل عام، القصة رائعة ومشوّقة بأحداث متسارعة ومثيرة للاهتمام، وثمة لحظات مفاجئة ولحظات ستصدمك، والحوارات من أفضل ما يكون، صدقًا جودة الحوارات هنا هي من الأفضل في تاريخ ألعاب Bethesda. القصة أيضًا بها عدد من المهمات الخرافية، بل يمكن القول أن هناك مهمات أيقونية ستعلق في ذهنك لمدة طويلة.

 

تمتد القصة إلى 25 – 30 ساعة تقريبًا، بمجموع 18 مهمة رئيسية لإكمال محتوى القصة بشكل كامل. في حين أنها قد تبدو مدة قصيرة، إلا أن القصة دسمة بالأحداث المثيرة وخالية -تقريبًا- من التمطيط أو الإسهاب، ما يجعلها ذات مدة مناسبة نظرًا لكيفية استغلال تلك المدة.

تأخذك أحداث القصة إلى كواكب عديدة وأماكن متنوعة بصريا، بين المدن الحضارية المتكدسة بالسكان وحتى الكواكب القاحلة في أبعد المجرات. يجب القول أن تنوع البيئات وروعة تصميمها بصريًا يشكلان فارقًا في الاستمتاع بالتجربة والانغماس فيها بأن الكون شاسع ومتنوع، وأنك لست سوى فرد واحد فيه.

لا تلمع البيئات في الجانب البصري فقط، ولكن كروعة ألعاب Bethesda الأخرى، تشكل بيئات Starfield عنصرًا هامًا في سرد القصة وصقل الحكاية، فاستكشاف كهف ما على كوكب مهجور سيعطيك خلفية عن تاريخ الكهف ومن حاولوا استكشافه قبلك وسبب وجودهم، بل وأحيانًا ستحصل على ملاحظات توجهك نحو خط مهمات كامل في رحلة فرعية مشوقة، وأحيانًا أيضًا تكون تلك الرحلات أفضل من رحلة القصة الأساسية، لسبب نذكره تاليًا.

نهاية وحيدة للقصة واختيارات بلا تأثير حقيقي

قصة Starfield مليئة بالاختيارات والتحالفات التي تعرضها عليك اللعبة خلال ساعاتها على طريقة Bethesda، حيث ستختار حلفاء وتنقلب على آخرين، ستأخذ قرارات في لحظات مفصلية في أحداث القصة لتكتب قصتك بنفسك.

على مدار تلك الأحداث وكم التقلبات والمفاجآت المشوقة، والاكتشافات التي تعلمتها عن عالم Starfield وتاريخه، ارتفعت توقعاتي حيال نهايات القصة المتفرعة، وترقبت كيف ستتشابك كل تلك الاختيارات والتحالفات في نهاية لا تقل جودة عن القصة نفسها.

لكن ما وجدته في النهاية كان محبطًا ومحزنًا أيضًا، فقصة Starfield تقتصر على نهاية وحيدة، والأحداث التي تقود إلى النهاية لا، الأحداث التي بها اختيارات عديدة، لا تشكل أي فارق في النهاية، فمهما كانت تحالفاتك واختياراتك، ستحصل على النهاية نفسها ولا يوجد شيء يمكنك فعله حيال ذلك.

مراجعة Starfield

ناهيك عن كونها نهاية وحيدة، النهاية نفسها عادية بشكل محبط، ليست رائعة أو خرافية، وأيضًا ليست سيئة أو كارثية، هي فقط عادية ومتوقعة. مقارنةً بالرحلة الملحمية التي تضعك فيها قصة اللعبة، تلك النهاية الوحيدة دون المستوى بدون أدنى شك.

تلك النهاية فلسفية بشكل زائد، خاصةً وأنها تناقش مبدأً تحيط به الشبهات والمغالطات المنطقية، الأمر الذي ربما أقنع المطور بأنها نهاية كافية ووافية لهذه القصة، فقط لأنها فلسفية، ولكنها انتهى بها الأمر على الجانب الكسول لا العميق من الفلسفة، وإن كانت تمهيدًا للتوسعة القادمة أو حتى جزء ثانٍ.

ما يجعل نهاية القصة أكثر إحباطًا هو أن القصص الفرعية للفصائل المختلفة، مثل UC Vanguard و Crimson Fleet و Free Star Collective، لها نهايات متعددة تعتمد على اختياراتك بشكل فعلي، فضلًا على أنها لا تقل جودة عن القصة الرئيسية، سواء من ناحية المهمات أو سرد الأحداث أو الشخصيات.

استكشاف الكواكب منعش بصريًا، ممل عمليًا

لطالما أثارت Starfield الجدل بسبب عبارة “الـ 1000 كوكب” وكيف أنها تجعل اللاعب ينغمس في كون شاسع بـ 1000 كوكب قابلين للاستكشاف جميعًا، ليعيش عشاق الفضاء حلمهم الجميل. بالطبع كانت التوقعات مختلطة حيال هذا الأمر، فكيف ستضمن جودة المحتوى الذي يصادفه اللاعب، على 1000 كوكب كاملين؟ هنا تأتي تقنية التوليد الإجرائي “Procedural Generation” التي تولد معالم وأحداث ديناميكية تصادف اللاعب في البقعة الذي يهبط فيها، بشكل عشوائي على الكواكب المختلفة، ما يجعلها تبدو حيلة ذكية نظريًا.

مراجعة Starfield

لكن من الناحية العملية والاستكشاف الفعلي في اللعبة بين الكواكب المختلفة، يصبح الأمر مكررًا بشكل ملحوظ، بدءًا من كم شاشات التحميل الكبير، فدخول مكان مستعمرة مغلقة على كوكب ما، وحتى السفر السريع والإقلاع والهبوط يضيفون مشهدًا سينمائيًا قصيرًا، كلها تجعل العملية بأكملها مرهقة. وبالطبع لا يمكن إغفال تكرار المعالم والأحداث الديناميكية بسبب تقنية التوليد الإجرائي، فلا يمكنني نسيان المعمل الذي صادفته ثلاث مرات على كواكب مختلفة في جلسة لعب واحدة، وفي مهمات تابعة لفصائل مختلفة.

ضف على ذلك تجلي المعوقات التقنية في محرك Creation Engine 2 على الرغم من تحديثه، فلا توجد وسيلة تنقل على أسطح الكواكب، ولا يوجد أمامك سوى السير على الأقدام لتقطع كيلومترات على سطح الكوكب وتتفاعل مع الأحداث التي تولدها اللعبة هناك. إن أردت الذهاب لمنطقة أبعد على الكوكب، عليك الإقلاع بالسفينة، مشاهدة مقطع قصير مع شاشة تحميل، ثم تهبط مجددًا في البقعة المطلوبة مع مشهد آخر وشاشة تحميل جديدة.

مراجعة Starfield

لا شك أن عملية الاستكشاف والتجول بين كواكب ومجرات Starfield، عملية مرهقة وتؤثر على التجربة بشكل ملحوظ، ولكن ذلك فقط إذا ما أردت حزم أمتعتك والخروج إلى الفضاء في رحلة استكشاف خالصة دون الالتفات إلى الكم الهائل والمذهل من المحتوى في اللعبة. فيما عدا ذلك لن تجده عيبًا مؤثرًا بهذه الدرجة.

المقصود أن هذه العيوب ليست مؤثرة بشكل كبير على التجربة، فاللعبة تؤدي دورها وتزيد في إبقائك مشغولًا بأنشطة ومهام كثيرة ذات جودة ممتازة، فمجرد التجول في مدينة مأهولة واستراق السمع للحوارات بين الناس سيعطيك مهمات جديدة، وجميعها تمتاز بالتفاصيل المتقنة بشكل مميز، ولم أصادف مهمة جانبية مملة أو هدفها زيادة عدد ساعات اللعب فحسب. بعبارات أخرى، استكشاف الكواكب وآليته بشكل عام، من عيوب اللعبة بكل تأكيد، ولكنه عيب غير مؤثر لأنه ليس المحور الأساسي في اللعبة.

عناصر تبادل أدوار “RPG” على أسلوب Bethesda المعهود، ونظام إقناع جديد كليًا!

سيعشق محبو ألعاب الـ RPG لعبة Starfield منذ اللحظة الأولى التي تنشئ فيها الشخصية الخاصة بك، حيث ستلاحظ كم الاهتمام بالتفاصيل وتخصيص الشخصية بعمق قد يكون هو الأفضل في تاريخ الاستوديو، الأمر الذي يمتد إلى جميع عناصر الـ RPG الأخرى في اللعبة.

شجرة المهارات هنا تقدم خمس فئات من المهارات التي تعرّف شخصيتك وأسلوب لعبك، من المهارات الاجتماعية والعلمية والجسدية، وحتى مهارات التقنية والمعارك، لا شك أن التنوع ممتاز هنا. كل فئة من فئات المهارات بها أربعة صفوف، كلما نزلت في الصفوف حصلت على مهارات ذات تأثير أقوى وأكثر فعالية في أسلوب اللعب.

مراجعة Starfield

هناك أيضًا نظام الإقناع الذي يقدمه الاستوديو لأول مرة، والذي يرتبط بمهارة يمكن فتحها وتطويرها من البداية. في مواقف كثيرة تضعك اللعبة أمام اختيارين، إما تستخدم العنف وتبدأ في إطلاق النار، أو تستخدم العقل وتُقنع الشخص أمامك بما تريد، وهي ميزة رائعة تنعش الأجواء في اللعبة. فعليًا يمكنك تفادي معارك زعماء كاملة عن طريق الإقناع وتخرج بما تريد دون قطرة دم واحدة!

مهارة الإقناع تستفيد من جودة كتابة الحوارات العظيمة، بخيارات حوارية مقنعة حقًا تجعلك اللعبة تختار بينها الأكثر إقناعًا وفقًا للشخص الذي تحاوره، فإذا كان قرصانًا في موقع قوة، لن يفلح معه أسلوب التهديد وعبارات من نوع “من الأفضل لك أن تستسلم وإلا لن يعجبك ما سيحدث” لأنه -بطبيعة الحال- يريد الدخول في مواجهة دامية. في حين أن هذا الأسلوب ذاته سيفلح مع شخصيات أخرى في موقف ضعف، ففي النهاية تحكم طبيعة الموقف ونوعية الشخصية التي تحاورك، واللعبة تتيح خيارات متعددة بأساليب مختلفة لتحدد أنت الأسلوب الأنسب.

مراجعة Starfield

تقدم Starfield نظام الرفقاء “Companions” وهم أشخاص تختارهم كي يرافقوك في مغامراتك ويساعدوك بأشكال مختلفة، حيث يمكن تخزين الموارد معهم وطلب مساعدتهم في المعارك، كما يمكن إعطاؤهم سلاح بعينه وجعلهم يستخدمونه حسب تفضيلك. لكل رفيق صفات أخرى تكسبهم خبرات في المجالات المختلفة، ولكن في تجربة اللعب الفعلية، لم تشكل تلك الصفات فارقًا في أي جانب تقريبًا، وبشكل عام، نظام الرفقاء بسيط لكنه يفي بالغرض.

فيما عدا ذلك ستجد ما تتوقعه من عناصر RPG في لعبة لـ Bethesda، من تخصيص المظهر والعتاد والتعديل على كل منها بنظام التصنيع، وإدارة المخزون والتخطيط لما تحتاجه قبل كل مرة تخرج فيها في مغامرة جديدة، ولا يمكن إغفال الدور الكبير للسفينة الفضائية في تخزين الموارد وفي المعارك الفضائية، وهو ما نتناوله بالتفصيل في الفقرة القادمة.

الملاحظة الوحيدة هنا هي القوائم التي كان من الممكن أن تصبح أفضل، من حيث ترتيب العناصر في قوائم الأسلحة وعناصر الصحة بالأخص، وتفاصيل أخرى صغيرة مثل عدم إمكانية الوصول لقائمة عناصر الصحة بشكل مباشر سوى من خلال عدة قوائم أخرى، وعناصر الصحة ستحتاج إليها كثيرًا بسبب الحالات الصحية التي تصيب شخصيتك، أي أن عناصر الصحة التي يصعب الوصول إليها، لا يقتصر استخدامها على زيادة الصحة فحسب.

ابنِ سفينة أحلامك بنظام بناء إبداعيّ في Starfield

تبدع Starfield في نظام بناء السفن الفضائية وتخصيص كل مكون فيها، وفعليًا يمكنك بناء سفينة بأي هيئة تريدها، فالتحكم الكامل في كل من مظهر السفينة وأدائها أيضًا، بين يديك.

يمكن دخول وضع البناء الحر في قائمة تخصيص السفينة، حيث يمكنك تحريك كل قطعة -حرفيًا- من مكونات السفينة الفضائية واستبدالها أو إعادة هيكلة التركيبة كلها من البداية. بدءًا من الأسلحة والهيكل الخارجي، مرورًا بالدروع وأرجل الهبوط، وحتى مفاعل السفينة ومحركاتها، والمزيد من المكونات.

كل مكوّن له وظيفة تؤثر على أداء سفينتك، فيمكنك بناء سفينة ثقيلة ذات دروع عالية ومحركات كثيرة، ولكنها ستكون غير فعالة في المناورات، أو يمكنك جعل السفينة أكثر خفة وقابلية للحركة، ولكن مع دروع ومقاومة أقل. كل تلك المكونات تدخل في نظام بناء عبقري يعطيك الحرية الكاملة في بناء سفينتك عن طريق تحريك الأجزاء واستبدالها، أو تغيير مكان تركيبها، أو حتى بدء بناء السفينة من الصفر قطعةً تلو الأخرى.مراجعة Starfield

هذا النظام ليس سهلًا، وبالفعل ستحتاج ساعات كي تتقنه وتبدأ في بناء سفينة أحلامك كما تريد، فالنظام معقد نسبيًا وله جوانب عديدة واعتبارات يجب مراعاتها لضمان أن سفينتك ستجتاز اختبار الجودة في نهاية البناء، فمثلًا إذا كان المفاعل من طراز A (أقل طراز)، حينها لا يمكن أن تحتوي السفينة على مكونات أخرى من طراز أعلى، ومثال آخر لا يمكن بناء سفينة تحتوي على أكثر من درع. ببساطة اللعبة تضع جميع المفاتيح في يدك، ولكن مع التجربة، ستعرف كيف تستخدم كل منها كما يجب، وستتمكن من استغلال مساحة الإبداع الهائلة الموجودة هنا.

الجانب الأفضل حيال كل هذا النظام هو انعكاسه الفعلي على أسلوب اللعب، فتلك الأرقام حول خفة السفينة أو سرعتها وقوتها، ليست مجرد أرقام، بل ستشعر بها بشكل ملحوظ في أول مواجهة ستخوضها، وستجد العودة لفنيّ الإصلاح وطلب إجراء تعديلات على سفينتك أمرًا ممتعًا، خاصةً حين تصبح الأجزاء من طرازات أعلى متاحة.

مواجهات حماسية متنوعة، على الأقدام وفي الفضاء!

حين يأتي الأمر إلى أسلوب لعب فالحديث عن المعارك والمواجهات يكون ضروريًا، حيث أن Starfield ستضعك في مواجهات تختبر مهاراتك وقدرتك على النجاة في أغلب وقتك داخل عالمها، سواء كنت تنجز مهمة تقتضي الدخول في مواجهات قتالية، أو كنت تجوب الفضاء حين يخرج عليك قراصنة يريدون سرقة ما لديك ولا يكون أمامك سوى الدخول في مواجهة فضائية خطيرة للنجاة بنفسك، أو الخيار الأكثر إثارة بالطبع، الهروب من قبضة العدالة.

بين الأسلحة النارية الرشاشة بمختلف أنواعها، والبنادق، وحتى أسلحة الطاقة والأسلحة اليدوية، لدى Starfield ترسانة هائلة من الأسلحة والمقذوفات التي تساعد في المواقف المختلفة من المعارك على الأرجل. استخدام الأسلحة ممتع، ودائمًا ما وجدت نفسي متحمسًا لدخول المعركة التالية، فقط العب بالمنظور الأول أثناء المعارك وستشعر أنك تلعب لعبة تصويب من طراز رفيع، بدءًا من أصوات الأسلحة والمؤثرات البصرية للطلقات، وحتى تحريك السلاح والاهتمام بأدق التفاصيل فيه.

الأمر نفسه ينطبق على المواجهات الفضائية بالسفينة، فالحقيقة لم أتوقع أن تكون بهذه الروعة والمتعة! إحساس التحكم بالسفينة والتحليق بها بينما تتفادى طلقات سفينة العدو، ثم تقوم ببعض المناورات ولا تترك لعدوك فرصة، هو إحساس خرافي. وبلا شك، التحليق بالسفن الفضائية ودخول المواجهات بها، هما من أفضل جوانب Starfield، خاصةً حين تكون في مواجهة عدد من السفن الفضائية العدائية، تتحول الأجواء إلى ما يشبه أجواء Star Wars الملحمية!

ما يعيب المواجهات بشكل واضح، هو الذكاء الاصطناعي المتواضع للأعداء. ستمر من أمامهم وسيأخذون لحظات ليلحظوا وجودك، وستقترب منهم وتطلق عليهم وهم مستمرون في الإطلاق على مكانك السابق للحظات قليلة، ضف على ذلك عدم تفاعل الأفراد إذا وجهت السلاح إليهم، وحتى عندما تطلق النيران بالقرب منهم لا يتفاعلون إطلاقًا وكأن شيئًا لم يكن. بشكل عام الذكاء الاصطناعي ليس جيدًا وأحيانًا قد يفسد عليك التجربة، ولكنه لا يزال أفضل نسبيًا من إصدارات Bethesda السابقة.

رسوميات جميلة وصوتيات تطرب أذنيك!

Starfield تجربة ممتعة بصريًا وصوتيًا، فمن ناحية الرسومات توجد فروقات مميزة بين البيئات المختلفة مع الحفاظ على التوجه الفني الخاص باللعبة. لم أعتقد أن مشهد الغروب على كوكب مهجور في إحدى المجرات سيكون بهذا الجمال!

الاهتمام بالتفاصيل واضح أيضًا، في ملابس الشخصيات ومظهر الجلد وملامح الوجه، حتى على إعدادات متوسطة، ما يأخذني إلى الحديث عن تعابير الوجه الرائعة هنا. يوجد تطور ملحوظ في تعابير وجوه الشخصيات، ما يجعل كل شخصية قادرة على التعبير عن مشاعر بعينها بدقة عالية، امزج ذلك مع الحوارات العظيمة في اللعبة، ستجد أن كل نقاش مع شخصية أخرى تجربة ممتعة وغامرة.

من ناحية الصوتيات، فدعني أقول أنني مذهول بالهوية الفريدة للصوتيات في Starfield، من ناحية الموسيقى والمؤثرات الصوتية وكل ما تسمعه أذناك في اللعبة، جميعها تنبض بروح الاستكشاف والمغامرة في الفضاء، وأينما سمعتها ستتعرف عليها بأن هذه هي صوتيات Starfield.

تجربة تقنية مستقرة نسبيًا، لكن متطلبة

الأداء التقني كان التخوف الأول لكثير من اللاعبين قبل إصدار Starfield، وهو تخوف منطقي بالنظر إلى تاريخ الاستوديو في الجانب التقني والحالة التي تصدر بها ألعابه، ولكن لحسن الحظ أن Starfield استثناء بين عناوين الاستوديو الأخرى، ولكن لا تزال هناك بعض الملاحظات.

في تجربتنا اختبرنا Starfield مع تثبيت أحدث مشغلات Nvidia وتحديث اليوم الأول للعبة، على جهاز بالمواصفات التالية:

  • المعالج: Intel Core i5-12400F
  • البطاقة الرسومية: Nvidia RTX 2070
  • الذاكرة العشوائية: 16 جيجابايت بتردد 3200 ميجاهرتز
  • التخزين: SSD

في الكواكب الخالية الواسعة وأثناء التحليق في الفضاء، على إعدادات رسومية متوسطة بجودة 1080 بدون تفعيل FSR، حصلنا على 37-45 إطارًا في الثانية. وفي المدن المزدحمة مثل New Atlantis، على إعدادات متوسطة بجودة 1080 بدون تفعيل FSR، حصلنا على 22-25 إطارًا في الثانية. تفعيل تقنية FSR 2 مع ضبط نسبة الدقة إلى 70%، حصلنا على حوالي 5 إطارات أكثر في الثانية.

الجدير بالذكر أن تحديث اليوم الأول أثر بالسلب على أداء بطاقات RTX 20 وقل معدل الإطارات بفارق ملحوظ عن ما قبل التحديث.

من ناحية الاستقرار لم أواجه مشاكل تُذكر، فاستهلاك موارد البطاقة الرسومية يتراوح بين 97 و 99 بالمائة طوال الوقت تقريبًا، مع استقرار استهلاك المعالج. الأخطاء التقنية موجودة، مثل اختفاء وجه الشخصية أثناء الحديث معها أو حركات سريعة مجنونة للشخصيات بشكل مضحك أو حتى شخصيات تتحدث وعينها مغلقة، ولكنها قليلة ولم أصادفها سوى مرات معدودة طوال فترة اللعب.

بشكل عام يمكن القول أن Starfield هي أكثر ألعاب Bethesda المصقولة تقنيًا، ولكنها أيضًا تجربة متطلبة بشكل كبير تحتاج عتادًا قويًا لتحصل على تجربة مرضية. لكن لنكن صريحين، محرك Creation Engine أصبح عتيقًا في 2023، حتى بنسخته المحدثة المستخدمة في Starfield، الأمر الذي يتضح في عدم إمكانية توفير وسائل تنقل على الكواكب، وأيضًا تحريك الشخصيات والفيزيائيات الواضح عليها تقدم العمر.

أخيرًا: Starfield لعبة RPG خالصة، ليست محاكاة سفر عبر الفضاء

لعل السر وراء الآراء المختلطة وتضارب وجهات النظر حول Starfield يكمن في هوية اللعبة، وما تريد أن تكونه، وليس ما يطمح الناس في العثور عليه فيها. نعم، Starfield تقدم 1000 كوكب للاستكشاف وأنظمة للسفر عبر الفضاء، وبالفعل قد تكون الحملات الدعائية روجت لهذا الجانب بشكل زائد عن الحد جعل الناس محبطين مع إصدارها، لأن ذلك الجانب ليس محورها الأساسي، ولم يكن هكذا أبدًا.

ببساطة، Starfield ليست محاكاة سفر عبر الفضاء، لا من قريب ولا من بعيد، بل هي لعبة RPG خالصة على أسلوب بيثيسدا الكلاسيكي، بالمحتوى الضخم المتميز والعالم المبنيّ بشغف وحب، والاهتمام بأدق التفاصيل والأسرار في هذا العالم الواسع. إن أتيت إليها طالبًا الاستكشاف والسفر بشكل مستمر فقط لا غير، للأسف لن تجد ضالتك هنا، فكما ذكرت هي لعبة RPG في المقام الأول والأخير.

Starfield بالفعل واحدة من أفضل ألعاب بيثيسدا على الإطلاق، إن لم تكن أفضلهم في جوانب عدة، ولكن ذلك فقط إن نظرت إليها بما تقدم نفسها عليه، لعبة RPG غزيرة بالمحتوى والأنشطة ذات الجودة الفائقة، والتي ستبقيك منشغلًا في عالم اللعبة دون لحظة ملل. على الرغم من عيوبها، لا تزال Starfield مرشحًا قويًا للفوز بلقب لعبة السنة أمام عناوين أخرى رائعة هذا العام.

ننصح بشرائها لـ

  • محبي ألعاب الـ RPG المستعدين لقضاء أغلب الوقت في محاورة الشخصيات وإدارة المخزون وبناء السفينة.
  • محبي أجواء الخيال العلمي والفضاء.
  • من يقدّر بناء العالم والاهتمام بأدق التفاصيل فيه واستغلاله في السرد الدرامي.
  • من لديه الاستعداد أن يقضي ساعات طويلة في المحتوى الجانبي والتعرف على الفصائل المختلفة، لأنه المحتوى الأكثر والأفضل في اللعبة.

لا ننصح بشرائها لـ

  • من لا يحب أجواء الفضاء والخيال العلمي.
  • من يتوقع أنها لعبة محاكاة سفر عبر الفضاء واستكشاف فقط.
  • من لا يحب ألعاب الـ RPG، وبالأخص ألعاب استوديو Bethesda.
  • من ليس لديه معرفة كافية بالمصطلحات الإنجليزية المتعلقة بالفضاء والمستقبل.
عظيمة
0

الإيجابيات

  • قصة ممتازة بأحداث مكثفة ومثيرة، ومهمات أسطورية ستعلق في ذهنك لمدة طويلة.
  • محتوى جانبي عظيم ستستمتع فيه بمئات الساعات دون لحظة ملل.
  • إبداع في كتابة الحوارات وخياراته والأنظمة المتعلقة به، مثل نظام الإقناع الجديد كليًا.
  • عالم مميز مبنيّ بحب وشغف مع لمسة Bethesda السحرية، تجعل العالم نابضًا بالحياة ومليئًا بالأنشطة الممتعة.
  • عناصر تبادل أدوار “RPG” كما يقول الكتاب، وهي الأفضل بين عناوين الاستوديو بشكل عام.
  • عمق التخصيص والإبداع في بناء السفن الفضائية خرافي، وهو من أفضل عناصر التجربة.
  • كل هذا بين يديك على خدمة Game Pass!

السلبيات

  • نهاية وحيدة ومحبطة للقصة. على الرغم من كم الخيارات الهائل الذي يُطرح للاعب على مدار الأحداث، كلها ليست ذات قيمة تقريبًا في لحظة القصة الأهم.
  • عدم وجود وسائل تنقل على الكواكب وكثرة شاشات التحميل وتكرار المعالم على الكواكب، يجعلون من الاستكشاف مرهقًا.
  • الذكاء الاصطناعي متواضع وأحيانًا يؤثر على التجربة.
  • اللعبة لا تدعم اللغة العربية على الرغم من أهمية العنوان للشركة، ورواجه في المنطقة العربية، فاللعبة تحتاج مستوى جيدًا في اللغة الإنجليزية ومعرفة بالمصطلحات المتعلقة بالفضاء والخيال العلمي.

 عِش معنا متعة اللعب على أصولها.. لمزيد من المقالات الرائعة تابعو قناتنا على واتساب.

وسوم

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x