مراجعة Alan Wake 2

منذ تجربتي لتوسعة Control: AWE التي ظهر خلالها الكاتب الروائي Alan Wake، بطل لعبة صدرت في 2010 بنفس الاسم، وأنا أتحرق شوقًا لتجربة الجزء الثاني من اللعبة، والذي أصبح إصداره أمرًا حتميًا خلال فترة وجيزة لأن ألعاب ريميدي لا تتطلب عادةً سنوات طويلة لترى النور، كما أن الاستوديو ورئيسه السيد سام ليك لا يحبون إبقاء مشاريعهم سرية لفترات طويلة ويفضلون دائمًا الحديث عنها بفخر، وهذه المرة بعد الإعلان الرسمي عن اللعبة أخذ الحديث بفخر حول المشروع حيزًا كبيرًا من الاستوديو ورئيسه حتى أن هذا الامر أقلقني بعض الشيء، إذ أن الحديث عن التقنيات كان حديثًا مطولًا، وخشيت أن يرفع الاستوديو توقعات جماهيره بشكل غير مسبوق فيفشل المنتج النهائي في مقابلة هذه التوقعات بما يرضيها، ولكن مع تجربة اللعبة لمدة 25 ساعة يمكنني أن أقول أن الاستوديو كان معه حق في الفخر بهذا العنوان الأسطوري! إليكم مراجعة Alan Wake 2

القصة: غموض ومستوى سينمائي رفيع غير مسبوق… كلما ظننت أن صناعة الألعاب وصلت للقمة تبهرني مجددًا

قصة اللعبة تأخذنا إلى ما بعد أحداث الجزء الأول في 2010، أي بعد 13 سنة من “غرق آلين ويك” كاتب قصص الرعب في بحيرة Cauldron lake، والتي يتضح أنها ليست عملية غرق بل دخول إلى عالم الظلام الخاص باللعبة وهو عالم سفلي تنحبس فيه الأرواح بكامل وعيها، سجينة لكيان مجهول يتحكم في كل شيء، ويسيطر على البشر. يحاول آلين في هذا الجزء الخروج من مكانه المظلم، وتحاول على الجانب الآخر شخصية Saga Anderson، بطلة اللعبة الأخرى أن تساعده على ذلك وتحل لغز كبير برفقة رفيقها في الـFBI، العميل Alex Casey الذي لعب دوره ببراعة Sam Lake المدير الإبداعي للاستوديو المطور. ذلك اللغز هو سلسلة اختفاءات وجرائم قتل تحدث منذ سنوات في Bright Falls، ترتبط معظمها بالكاتب الروائي Alan Wake المختفي منذ سنوات.

محاولة حل هذه القضية تأخذنا مع بداية بطيئة تستغرق 3 ساعات حتى تصل بك إلى منطقة “الراحة” الخاصة باللاعب، وهي النقطة التي يمكنك أن تبدل فيها بحرية بين شخصية Alan و شخصية Saga من خلال منقطة محددة تدعى Break Room. هذه المنطقة أيضًا يمكنك حفظ عتادك وتقدمك فيها.إذا كان هذا الوصف يذكرك بلعبة رزدنت إيفل فأنت لست مخطئًا، بالفعل هناك عدة تشابهات ولكنها لا تعد تقليدًا مباشرةً لأن كل شيء هنا عليه لمسة خاصة من استوديو ريميدي يعطيها مذاق مختلف.

هناك خطي أحداث في القصة، خط القضية البوليسي وخط الرواية الذي يقع في العالم المظلم الخاص بآلين، ومحاولاته في الخروج. يتم في قصة آلين الاستعانة ببعض المشاهد السينمائية بشكل عظيم، نرى فيه مدة تطور رؤية ريميدي للمزج بين الـLive Action الواقعي ومقاطع السينمائية من داخل محرك اللعبة، والتي رأيناها لأول مرة بنظام الحلقات في Quantum Break.

هناك عدة أمور يمكننا الحديث عنها في القصة، كيف أنها احتوت على نبرات مختلفة تمامًا، فاللعب بساجا يشعرك وأنك تلعب مسلسل بوليسي مميز، واللعب بآلين يميل أكثر لتجارب الرعب الكلاسيكية، وبداية اللعبة الغامضة التي تحافظ على الغموض للنهاية، بالإضافة لضم طاقم تمثيل مساعد كبير منهم العميلة Estevez و Alex Casey الذي يشبه في كل شيء شخصية Max Payne، وشخصيات أخرى مثل MR Door الذي لعب دورًا غامضًا بشكل عظيم.

بشكل عام قصة اللعبة ممتازة وطريقة السرد عظيمة وقدمت مستوى غير مسبوق في الصناعة، قليلةً هي الاستوديوهات التي تستطيع الوصول إليه.

أسلوب اللعب: ازدواجية ممتعة بين التنوع والجاذبية، وحرية كبيرة في التبديل بينهما

أسلوب اللعب ينقسم إلى نوعين، وكأنك تلعب تجربتين مختلفتين تلتقي خطوط حبكتهما في الساعات الأخيرة، هناك خط أحداث ساجا الذي تلعب فيه دور ضابطة FBI تحقق في جريمة قتل بشعة، وتنفتح أمامها أوراق قضايا قديمة لم تحل بعد. يعتمد هذا الشق من أسلوب اللعب على جمع الدلائل والبحث عنها، ومواجهة مجموعات من الأعداء، وحل الألغاز لفتح الأبواب وجمع الموارد وإدارتها. جانب إدارة الموارد كان ضعيفًا، ولكن فيما عدا ذلك كل جوانب هذا الشق من اللعبة كانت مثالية بما في ذلك الألغاز التي احببت كل واحد منها، كما أن الاستكشاف سيكافئك كثيرًا وبسخاء بأسلحة قوية وفعالة وتأثيرها يتعدى كونها مجرد سلاح جانبي كان من الوارد جدًا ألا أحصل لعيه.

استمتعت بجانب آلين ويك أكثر، لأنه هو التجربة الأساسية التي أتيت لهنا لكي اجربها..نعم هي لعبة رعب ولكنها ليست لعبة اعتيادية حيث يمتلك آلين آلية لعب تتحكم في البيئة من حوله عن طريق تغيير القصة. يمكنك تغير نفس البيئة بأكثر من خط أحداث إضافي والتغيير قد ينتج عنه أشياء تساعدك في التقدم في المراحل كظهور طرق جديدة أو عوامل بيئية مساعدة. أسلوب اللعب هنا يعتمد أكثر على فهم القصة والهدف من المهمة الحالية، ولكن على الجانب الآخر الأسلحة لم تكن متنوعة، وكانت نفس تلك التي رأيناها في الجزء السابق، بجانب وجود بعض لحظات “التيهة” بسبب غياب أي نوع من أنواع الإرشادات. أزعجني هذا بعض الشيء في مراحل آلين لأنه تم المبالغة فيه بعض الشيء لإجبارك على التجول ذهابًا وإيابًا في البيئات المظلمة المخيفة. كذلك حركة آلين ويك كانت بطيئة بعض الشيء، لكني أقول أنني استمتعت بهذا الجزء من القصة بسبب تصميم بعض المهمات الذكي والمعقد للغاية، والاعتماد في الألغاز على تصميم البيئات والتلاعب فيه. البيئات هنا مصممة بطريقة تشبه Resident Evil حيث تكون البيئة خرائط كثيرة مرتبطة ببعضها يمكن فتح طرق مختلفة منها وإليها مع الوقت وهذا هو اكثر شيء استمتعت به.

يعتمد أسلوب اللعب أيضًا على لحظات جمع الأدلة وتوقيف اللعبة، وقتها لا تتوقف اللعبة بالفعل وإنما يدخل البطل (ساجا أو آلين) إلى غرفة داخل عقلة ويعاين الأشياء في الوقت لاحقيقي بدلًا عن نظام القوائم التقليدي. هذا النظام لم يقدم حرية في التحقيق مثلًا لإن إيجاد كل الأدلة ووضعها بترتيب معين هو شيء إجباري، ولكنه على الأقل طريقة مثيرة وجديدة لتصفح القوائم والتنقل بينها، وترتيب الأفكار بشكل يمكنك من العودة إليها في أوقات لاحقة. هذا الأمر شعرت به أكثر مع شخصية ساجا لأنني قضيت وقتًا طويلًا في قوائمها أجمع الأدلة وأرتبها وأعيد فهم الأحداث من البداية أملًا في تخمين هوية القتلة.

شخصية ساجا لا تختلف كثيرًا في قدراتها عن شخصية آلين وهو الأمر الذي وجدته غريبًا نظرًا لأن Saga هي جندية مدربة عسكريًا، وآلين مجرد كاتب. كلا الشخصيتان يمتلكان كشاف إضاءة على غرار الجزء الأول، وسلاح ناري وإمكانية تفادي الضربات أو توجيه لكمة بسيطة. هذه القدرات احتاجت إلى نظام ترقية أو تغير على مدار اللعب لأن الخصوم مع التقدم في الأحداث يصبحون أقوياء للغاية وكثر في العدد. هناك أيضًا نظام تطوير قدرات ولكنه نظام ضعيف للأمانة وددت أن يكون أكثر تأثيرًا على الشخصيات حتى أشعر بأن تعاملهم مع كائنات الشر هذه يعلمهم بعض الحيل الجيدة.

الجانب التقني: لعبة جيل جديد بحق 

 

تفوقت لعبة Alan Wake 2 على Control في جميع الجوانب التقنية، بداية من الرسوم عالية الدقة لدرجة غير مسبوقة، مرورًا بالنظام الصوتي العظيم وصولًا إلى التنقل بين الشخصيات في لحظات وجيزة. ذلك الإنجاز الذي تحدثنا عنه كثيرًا وأشدنا به في Marvel’s Spider-Man 2 الآن نراه في لعبة أخرى بمستوى متقارب، بجانب آلية التغيير في البيئات عن طريق مصباح الإضاءة والتي تحدث تغييرات جوهرية على البيئات من الجانب التصميمي مثل إظهار الأبواب أو أجزاء إضافية في الخريطة.

لعبت اللعبة على حاسب شخصي ببطاقة رسومية Nvidia RTX 3080 و معالج Intel Core I9 من الجيل الـ12، وذاكرة  عشوائية 32 جيجا بايت، وحصلت على أداء خارق ومصقول بشكل عظيم على أقصى إعدادات حيث وصل معدل الإطارات إلى 80 إطارًا في الثانية، مع فتح تتبع الأشعة مع بعض السقطات الغير مؤثرة على أسلوب اللعب في معدل الإطارات. كونها لعبة تصويب سينمائية، فمعدل الإطارات هذا يعتبر معدل عظيم ومناسب للعبة.

لعبت اللعبة بسماعة محيطية وهي Razer BlackShark V2 HyperSpeed وشعرت بأن التجربة مختلفة تمامًا عن أي تجربة سابقة للعبة رعب حيث أن استغلال تقنية 3D Audio كان مثاليًا وامتلك قدرة على زرع الخوف بداخلي حتى وإن كانت اللعبة لا تعتمد على الرعب كعنصر أساسي مثل ألعاب أخرى مثل The Evil Within مثلًا أو Silent Hill، فآلين ويك 2 هي لعبة بقصة مخيفة وأجواء مثيرة للريبة تعمل على خوفك من المجهول وتصدر لك شعورًا بعدم الارتياح بناءًا على الأجواء وهو ما يجعلها نوعي المفضل من ألعاب الرعب.

انعكاسات الأضواء كانت عظيمة من خلال مشاهد الصباح والمشاهد الليلية خلال خرائط آلين في مدينة نيويورك والتي كانت غنية بإضاءات النيون، والتي تضفي أجواءًا عظيمة على عالم اللعبة كون الضوء عنصر مهم للقصة أيضًا. كل شيء احتوى على كم هائل من التفاصيل وأكثر ما أبهرني في تفاصيله كانت حركات الوجوه والشفاة والتي لم أرى لها أي سقطة أو خطأ من أي نوع. يشبه المستوى التفني الذي قدمته آلين ويك 2 مستوى استوديو Naughty Dog في ألعابه، فهي لعبة طموحة وأعتقد أنه استطاع تقديمها في أفضل مستوى ممكن خصوصًا واني جربت اللعبة بعد تحديث اليوم الأول.

في النهاية:

لعبة Alan Wake 2 هي واحدة من اكثر الألعاب اختلافًا. أعترف أنها ليست للجميع ولكنها من بين الأكثر إبداعًا وسعيًا لرفع مقاييس الصناعة، وهذا الأمر لم نره منذ فترة طويلة ولم يكن من الممكن أن تصل إليه اللعبة سوى عن طريق التحسين على ما تم تقديمه في الألعاب السابقة الخاصة بالاستوديو. يمكنني القول بكل أرياحية بأن آلين ويك 2 هي أفضل ألعاب الاستوديو وأكثرها متعة، وتجربتي التي امتدت لـ25 ساعة بعد إنهاء كل المحتوى الجانبي كانت قصيرة لأنها كانت ممتعة. أنصح بها كل محبي الجزء الأول.

ملحوظة: تمت مراجعة اللعبة من خلال نسخة PC 

 

ننصح بشرائها لـ

  • لكل محبي ألعاب ريميدي
  • كل محبي ألعاب الرعب
  • كل محبي الألعاب القصصية الغامضة والمعقدة
  • لكل محبي روايات الرعب
  • كل من يبحث عن لعبة مختلفة عن أي شيء جربه من قبل

لا ننصح بشرائها لـ

  • لكل من لا يحب ألعاب الرعب
  • لكل من لم يحب قصة وشخصيات الجزء الأول أو لعبة Control
  • كل من لا يحب ألعاب ريميدي
أسطورية
0

الإيجابيات

  • ألغاز ممتعة وذكية
  • تصميم مراحل معقد وجميل
  • تنوع أسلوب اللعب بين البطلين
  • مشاهد سينمائية واقعية عظيمة
  • قصة غامضة ومثيرة
  • نظام تحقيق ممتع
  • شخصية ساجا إضافة مرحب بها
  • شخصيات جانبية ممتازة
  • صعوبة مناسبة للأعداء

السلبيات

  • نظام ترقيات ضعيف
  • تشابه في الأسلحة والقدرات للبطلين
  • غموض زائد عن الحد في القصة حتى النهاية

 عِش معنا متعة اللعب على أصولها.. لمزيد من المقالات الرائعة تابعو قناتنا على واتساب.

وسوم

4 1 vote
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest

0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x