في 2015، صدرت لعبة Fallout 4 وحصلت على إشادات من عدد كبير من النقاد، بينما قابلها البعض بالهجوم المبُرر، بسبب ضعف النقلة التقنية التي قدمتها عن آخر ألعاب شركة Bethesda، والتي كان ينظر لها منذ إطلاق لعبة Skyrim بأنها قادرة على تقديم عوالم مفتوحة ثورية مع الحفاظ على الاستغلال التقني للمنصات المنزلية والحاسب، لتقديم أفضل تجارب ممكنة. تعتبر Fallout 4 أحد أكثر الألعاب التي شهد مجتمع اللاعبين على إثرها انقسامًا حادًا، وها هي تحصل على تحديث الجيل الجديد الذي يتيحها بشكل رسمي لشريحة اوسع من اللاعبين، فهل ننصحهم بتجربتها؟ إليكم مراجعة Fallout 4
قصة اللعبة بدون حرق
تدور قصة اللعبة حول بطل اللعبة، وهو أحد شخصيتين، Nate أو Noura (زوج وزوجة) واللذان تتناول افتتاحية اللعبة لحظاتهم الأخيرة قبل الحرب النووية ودخول المخابئ (Vault) خوفًا من الاحتراق على إثر القناب النووية، ثم عند دخولهم يتم وضعهم على جهاز السبات عن طريق التثليج، ثم يستقيظ البطل ليجد أن أحد صائدي الجوائز يقوم بإفساد عملية السبات لسكان الـVault، محاولًا اختطاف ابنه Shaun، وفي منتصف عملية الاختطاف يتم قتل الطرف الآخر (الزوج أو الزوحة حسب اختيارك) وهو ما يطلقك في رحلة من الثأر والبحث عن إجابات، لماذا يبحث هؤلاء الناس عن شون بالذات؟ ومن هم وأين يعيشوا.
بالطبع تأتي مجموعة من الأسئلة الأخرى بجانب الأسئلة الرئيسية، وهي..ما الذي حدث بالعالم خلال الـ200 سنة التي قضيتهم في سباتك ونومك العميقين، ومعها تأتي رحلة من المعرفة والتعلم عن عالم جديد نشأ في سنوات طويلة مرت عليك كالساعات.
فصة اللعبة بالنسبة لي من بين أفضل القصص التي قدمتها صناعة الألعاب على الإطلاق، وهذا لأنها تركز على بعض الأفكار الفلسفية الرهيبة، والتي تقدم معها خيارات أخلاقية رمادية، لا يوجد فيها خيار صحيح أو آخر خاطئ، وكلها تعتمد على الاختيار بين السيء والأسوأ، أو بين اختيارين كارثيين. جميع ألعاب Fallout تمتلك تلك النوعية من الخيارات، ولكن في Fallout 4 القصة أكثر ظلامية والخيارات أكثر صعوبة من أي وقت مضى.
الشخصية الرئيسية هنا متكلمة، ولديها أداء صوتي جيد، وهي المرة الأولى والأخيرة التي شهدت فيها ألعاب Bethesda وجود شخصية متكلمة. بالنسبة لي اعتبرت هذا الأمر تجديد مرحب به في السلسلة ونجح في جعلي أشعر أن التركيز أكبر هذه المرة على القصة وما فيها من مشاعر مختلفة يمر بها البطل خلال رحلته المليئة بالتفاصيل والمفاجآت.
على الجانب الآخر، تم التضحية بهامش الخيال الواسع الذي أتاح لنا جميعًا أن نصنع شخصيتها في كل مرة نلعب فيها اللعبة، لأن ببساطة إذا كانت السطور الحوارية مسجلة، فهذا مهما أردت تجنب ذلك، يضع محدودية ونطاق محدد لا تستطيع التحرك خارجه في صنع شخصيتك، وبالتالي يحد من حرية اللاعب في تشكيل شخصيته.
نهايات القصة قوية، ومعظمها مختلف بشكل كبير عن الآخر، ولكن هناك 4 نهايات أساسية، وكلها نهايات رائعة ومتقنة ومتسقة مع الخيارات التي تؤدي إليها، وتتمحور حول خيارات ضخمة في القصة، منها مدى رؤيتك لاستحقاق الآليين للحريات؟ هذه كانت إحدى أسئلة اللعبة الكبيرة، والتي تم تناولها في مختلف الأعمال الفنية من أفلام سينما، ومسلسلات وألعاب.
هل ستغير وجهة نظرك في مدى إنسانية الآلي إذا عرفت أن صديقك الصدوق هو في الحقيقة آلي مكتسب للوعي؟ أم أنك تؤيد معاملة أي آلي مكتسب للوعي كإنسان؟ هذه الامور كلها يتم استكشافها بجانب القصة، وبجانب التعرف على فصائل اللعبة الأربعة الأساسين، ولكل منهم خطه الدرامي المنفصل. كل هذا يجعل القصة غنية وقوية حتى وإن كان لنا عليها بعض التحفظات.
أسلوب اللعب
أسلوب اللعب في Fallout 4 يشبه كثيرًا بقية ألعاب Bethesda، مثل Skyrim و Starfield. فاللعبة من نوع RPG وعالم مفتوح، تقدم لنا خريطة بوسطن الأمريكية لتكون هي المدينة التي تجري فيها الأحداث، ولكن بوسطن في فترة ما بعد الحرب النووية شيء آخر، حيث تسكنها فصائل ومخلوقات مختلفة منها الغيلان والمتحورون وأخوية الصلب (Brotherhood of Steel) و الـInstitute.
اللعبة تتيح للاعبين الاستكشاف سيرًا على الأقدام، واكتشاف والدخول لمعظم مباني اللعبة، وكل مبنى يكون شيء أشبه بالـDungeon الذي يحمل معه أعداء و عتاد يمكنك نهبه واستخدامه أو بيعه، كما أن Fallout تمتلك جانب إدارة موارد لأن الوزن الذي تستطيع حمله محدود، تمامًا كبقية ألعاب الشركة، وهنا تدخل التجارة كعنصر فعال للتخلص من الموارد الغير مرغوبة والحصول في مقابلها على ثروة من المال، واستخدامه لبناء ترسانة أسلحتك وشراء الذخيرة.
اللعبة تقدم جانب تصويب أفضل من Fallout 3 و New Vegas بكثير، حيث أصبحت أكثر ميلًا لألعاب التصويب من كونها لعبة RPG، ولكنها أيضًا تقدم نظام تصويب V.A.T.S الذي يوقف الوقت ويلعب دورًا بديلًا للتصويب في الوقت الحقيقي من خلال خلق حالة تشبه ألعاب تعاقب الأدوار، كما أن Fallout 4 تمتلك واحد من أعمق انظمة التصنيع للموارد والأسلحة التي عرفتها الألعاب. يمكنك جمع الموارد وصنع أشياء كثيرة، ولكل شيء عمر افتراضي من أسلحة ودروع وستحتاج للمزيد من الموارد لإصلاح ما تلف، أو إعادته لسابق عهده، وبالطبع من المنطقي أن يفقد السلاح المتضرر قوته وأن يصبح ذو فائدة أقل.
الجديد في Fallout 4 على صعيد أسلوب اللعب هو تحسين نظام التصويب والتصنيع، وأيضًا تقديم نظام البناء الرهيب، والذي رأيناه لاحقًا في Fallout 76 و ستارفيلد. نعم، كانت Fallout 4 هي من بدأته، وأصبح معها يمكنك أن تبني المستعمرات وتعمرها، وتسند الوظائف إلى سكانها، وتساهم في إعادة إعمار أرض الخراب في مرحلة ما بعد الحرب. التفاصيل هنا في نظام البناء مبهرة. يمكنك التحكم في مقدار الكهرباء والمحاصيل التي يحصل عليها السكان. يمكنك أيضًا إطلاق العنان لخيالك وإبداعك في تصميم المباني والمساكن ليسكن فيها أكبر عدد ممكن من البشر. هذا الجانب بالذات لن أبالغ إذا وصفته بأنه لعبة كاملة بمفرده.
على عكس Fallout 3 و New Vegas، فإن درع الـPower Armor هنا ليس درعًا تحصل عليه كمحتوى ما بعد نهاية اللعبة، وإنما جزء مهم من رحلة بطلنا في قصته نحو إيجاد ابنه وقاتل زوجته، والتحكم فيه أفضل من اي وقت مضى. يمكنك الحصول على أكثر من نوع درع، كل نوع منهم يمتلك مميزات تجعله أفضل ولكن في المجمل أسلوب التحكم فيهم واحد، وبالطبع ستحتاج إلى الحفاظ على تواجد “Fusion Core” معك بشكل مستمر لأنه يمثل بطراية الدرع التي بدونها يصبح قطعة خردة لا قيمة لها.
استمتعت جدًا باللعب بالدرع، وشعرت أني ألعب لعبة محاكاة Iron Man ولكن من نوع RPG، وخصوصًا بسبب لحظات الدخول والخروج منه. الدرع يمنحك قدرة حمل أوزان أثقل، وقدرة ضربات يدوية أكثر ضررًا، وأيضًا قدرت ركض لمسافات أكبر، ولكن بسرعة أقل…أعتقد أن لا شيء مثالي، أليس كذلك؟
علينا أيضًا ألا ننسى نظام تطوير الشخصية عندما نتحدث عن أسلوب اللعب، لأن هذا النظام حصل على إعادة هيكلة ممتازة، جعلته أجمل بصريًا، لأن شجرة المهارات قدمت هنا كصفحة من كتاب رسوم متحركة، وكل صفة تريد أن ترقيها موجودة في هذا الكتاب على هيئة شخصية Vault Boy في وضع معبر عن الصفة. كل الصفات مميزة، ووجدت أني لم أستطع أبدًا تحصيل كل الصفات المميزة في مرة لعب واحدة، لذا تخصيص الشخصية هنا أسميه بالعميق لأنه يسمح لك بأن تجعل شخصيتك تنمو في الاتجاه الذي تفضله أنت، على حساب جوانب أخرى. فمثلًا يمكنك الحرص على ترقية الشخصية باستمرار في الجانب الجسدي، ليتمكن من حمل أغراض اكثر، ولكنك ستكون بذلك مهمل لجانب الاختراق (Hacking) أو جوانب أخرى مثل العلم والتصويب وأشياء اخرى. شجرة المهارات بشكل عام من أفضل ما تم تقديمه في صناعة الألعاب وألعاب الـRPG بلا أدنى درجات المبالغة.
الأداء التقني وتحديث الجيل الجديد
حصلت لعبة Fallout 4 على تحديث ترقية اللعبة من نسخة الجيل الماضي للجيل الحالي، وقدمت لنا تحديث مكمل للأداء، وكان هذا التحديث الثاني هو سبب تاخر المراجعة لأننا أردنا أن نجرب اللعبة بعد إصلاحها تمامًا وتكون تجربتنا بناءً على آخر إصلاحات Bethesda.
جربنا اللعبة على PS5،وحصلنا على 60 إطارًا بالثانية بشكل ثابت على دقة عرض 1440p في طور الأداء. اللعبة تمتلك طور الأداء وطور الدقة (Performance & Display) حيث يقدم طور الأداء وطور الدقة يظهر فقط إذا كنت تستعمل شاشة بتردد 120Hz.
التحديث الثاني أتاح إمكانية التحكم في الحد الأقصى لمعدل الإطارات، بين 3 خيارات هي 30 و 40 و 60، مع تفاصيل أخرى جديدة كتحسين للـCreation Club وهي أداة دعم المودات بشكل رسمي في اللعبة، بالإضافة إلى دعم الشاشة العريضة.
بشكل عام، التحديث لم يقدم الكثير على الصعيد البصري، وكل ما قدمه يعتبر تحسين على الأداء. تجربة اللعبة بـ60 إطار بالثانية شكلت فارق كبير عن التجربة الأولى، كما أن شاشات التجميل باتت أقصر بشكل ملحوظ، وهو أمر مهم في لعبة مثل هذه تملتك شاشات تحميل كثيرة.
أما عن المودات، فالتحديث -للأسف- يفسد معظم المودات، لذا سيتوجب علينا انتظار تعديلات أخرى وتحديثات تحسن توافق المودات مع النسخة الجديدة من مطوري هذه المودات أنفسهم. لذلك تم تأجيل مود Fallout London الضخم.
تحديث الجيل الجديد أيضًا أضاف بعض المشاكل التقنية التي لم تكن موجودة بالأصل، ولكن التحديث الثاني أصلح معظمها. فكرة أن لعبة صادرة منذ 9 سنوات لاتزال تمتلك مشاكل تقنية هي فكرة مرفوضة جملةً وتفصيلًا.
كلمة أخيرة:
تعتبر Fallout 4 واحدة من أفضل ألعاب الـRPG التي جربتها، بقصتها المتشعبة ذات الأفكار الفلسفية الرهيبة، وبأسلوب لعبها الإدماني وتصميم بيئاتها العبقري، ولكن تحديث الجيل الجديد بكل ما فيه من أهمية لأنه يجلب معه الـ60 إطار كتحسين ضروري للأداء، لم يفد اللعبة بقدر ما أضرها بإضافة عيوب تقنية جديدة ومشاكل أكثر من تلك التي كانت موجودة قبل إصداره.
أنصح الجميع بتأجيل تحديث اللعبة إلى أن يتم إصلاح 100% من العيوب، خصوصًا على منصة PS5.